منذ أكثر من سبعة أعوام يرقد الشاب صالح (30 سنة) على السرير الأبيض في المستشفى، من دون حراك، بعد أن كان والداه يعتمدان عليه، فهو أكبر إخوته. لم تدم فرحة صالح بحصوله على وظيفة يساعد من خلال راتبها في توفير مستلزمات أسرته، فبعد رحلة بحث مضنية عن عمل، حصل على وظيفة «مراسل» في مقر وزارة التربية والتعليم في الرياض. وباشر صالح ومعه اثنان من زملائه العمل. ولكن بعد شهرين فقط تعرضوا إلى حادثة مرورية، حين اصطدمت سيارتهم بجمال «سائبة» على الطريق، وكانت النتيجة تحطم مستقبل صالح، الذي تعرض إلى إصابة شديدة في الدماغ، إضافة إلى رضوض في الجانب الأيمن من الرأس، وكسر في الفقرة القطنية رقم «12». فضل الأطباء علاج صالح «تحفظياً»، أي من دون تدخل جراحي، علماً أن الجهاز القلبي الرئوي كان سليماً، وكذلك الجهاز الهضمي، الذي لم يكن يعاني من اعتلالات. إلا أنه أصيب بشلل رباعي، إضافة إلى وجود صلابة في مفاصل الأطراف العلوية والسفلية، كما يعاني بحسب تقرير طبي من «عدم نمو عصبي ويلازم الفراش ويتغذى من طريق أنبوب معدة». كما نجم عن الحادثة وفاة أحد زملائه. وأصيب الآخر بكسر في الحوض، ودخل المستشفى وخرج بعد تلقي العلاج. أما صالح فبقي في المستشفى يتألم، ويتقاسم معه الألم والده الكبير في السن المتقاعد، وإخوته الذين يتذكرون كلمته «ستتحسن الظروف بعد عملي». وتقول أم صالح: «أمل الأسرة في صالح كان كبيراً، وفرحتنا بوظيفته لم تكن توصف. ولكننا فجعنا بخبر الحادثة، التي تعرض لها، فقد دخل لفترة طويلة في غيبوبة، وبعد مرور أشهر عدة استفاق. وهو ينظر إلينا ونشعر أنه يريد أن يقول شيئاً. ولكن دمعة عينيه تخرج وتسيل على خديه، وعند زيارتي لصالح أجده منحنياً». ولسوء حاله، طلب أطباء المستشفى مرافقاً له، يعتني به وينظفه ويحركه. وتلفت والدته إلى أنهم استأجروا مرافقاً بمبلغ 600 ريال في الشهر، لكي يعتني به في المستشفى، «لأن والده كبير في السن، وأنا لا أستطيع أن أكون مرافقة له، لحاجة بقية الأسرة للرعاية. ويعلم الله انني منذ أكثر من ست سنوات لم أهنأ بمنامي. ودائماً أفكر في علاج ولدي صالح، هل له علاج ليعود كما كان؟ وأملي في الله كبير أن يُشفي ولدي صالح». وبعد فترة من وجوده في مستشفى الملك فهد في الهفوف، نقل صالح إلى مستشفى العفالق للعناية التأهيلية. ولكن لم يواصل العامل المُستأجر لرعايته عمله، ومضت أشهر بل سنوات ووالدة صالح تقوم بزيارته، وهو في حاجة إلى العناية. وتوضح والدة صالح: «عندما طلبنا نقله إلى مستشفى آخر أكثر تقدماً في معالجة حالته، طلبوا موافقة المستشفى على استقباله، والحصول على إذن بأن يتم نقله بطائرة إخلاء طبية، لأن حالته لا تسمح بنقله بغير ذلك»، مضيفة: «يتفطر قلبي كل ليلة، وأنا أرى أكبر أبنائي وسندي وعضدي مُلقى على سرير المرض من دون حراك وهو فاقد الوعي. ولذلك فإن حالتنا بعد الحادثة يُرثى لها. وفي هذه الأيام، استفاق صالح من الغيبوبة، وعند زيارتي يمسك بيدي ويضغط عليها. وكأنه يريد أن يتحدث. ولكنني لا أعلم ماذا يريد». ولا تخفي الوالدة الحزينة أنهم غير قادرين على علاج ابنهم، «أتوجه بنداء حار من أم يتفطر قلبها على ابنها لكل من يستطيع مساعدتي في علاج ابني صالح أن يمد له يد العون، لعل الله يكتب له الشفاء والعافية».