شيع أمس، الوزير السابق والنقيب السابق للمحامين في بيروت والرئيس السابق للمجلس الدستوري وجدي ملّاط (91 سنة) وأقيمت الصلاة على راحة نفسه في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت، قبل أن يوارى الثرى في مدفن العائلة في بلدته في بعبدا. وكان ملاط ولد وترترع في كنف عائلة من الشعراء. والده شاعر الأرز شبلي بك ملّاط وعمّه تامر الشاعر الجريء والقاضي الجسور الذي وقف مندداً بجور المتصرف واصا باشا وفساده بأبيات شعرية خالدة. عيّن ممثلاً للبنان لدى الأمانة العامة لل «أونيسكو» (المنظمة الدولية للثقافة والعلوم) وساعد في إعداد عقد الجمعية العامة لهذه المنظمة العالمية في بيروت عام 1948. وأسّس عام 1949 مكتباً لممارسة مهنة المحاماة، وذاع صيته مترافعاً في قضايا واسعة الشهرة في تاريخ المهنة الحديث. وفي عام 1965 عيّن وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية في حكومة إكسترا برلمانية. انتخب عام 1972 نقيباً للمحامين، وأسس عام 1974 أول جمعية عربية لحقوق الإنسان بالاشتراك مع محامين عرب من أمثال عبدالرحمن اليوسفي سجين الرأي الذي كلّف لاحقاً رئاسة الحكومة المغربية. أواخر عام 1993 انتخبه البرلمان عضواً في المجلس الدستوري، ثم انتخبه زملاؤه في المجلس أول رئيس له. وفي أوائل شهر نيسان (أبريل) 1997 استقال لأسباب لم يوضحها، عدا ما ذكره في حديث تلفزيوني مقتضب عن شعوره بأن المجلس الدستوري أنشئ في لبنان قبل أوانه. تفرّغ في سنواته الأخيرة لنشر عدد من الكتب. جنبلاط وقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط: «فقدنا اليوم صديقاً صدوقاً وهو إبن الدوحة الملاطية المحامي الراحل وجدي الملاط الذي كان صديقاً تاريخياً لآل جنبلاط عبر العقود، وهو الذي كان معروفاً بمواقفه التقدمية والوطنية والأدبية والفكرية والسياسية، وبسعة علمه، وهو كان كالسنديانة الشامخة التي هوت بعدما فقدت مناعتها في مواجهة ما يسمى طبقة سياسية متصحرة فكرياً وأخلاقياً لم تكلف نفسها عناء حضور جنازته». وزاد: «كأن معظم هذه الطبقة لا عمل لها ليل نهار وصبح مساء سوى تكرار شعارات الحريات العامة والسيادة والاستقلال، بينما هي تفقد ذاكرتها الوطنية التي تضم شخصيات من أمثال وجدي الملاط الذي واكب مراحل في غاية الاهمية ومن بينها مرحلة إسقاط إتفاق 17 أيّار حيث قدم المشورة القانونية والدستورية لإسقاط هذا الاتفاق في مجلس النواب من قبل الجبهة الوطنية التي انضممنا فيها الى الرئيس نبيه بري والرئيس الشهيد رشيد كرامي والرئيس الراحل سليمان فرنجيه، وكان يرافق تلك الجبهة من بعيد الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي شارك أيضاً في مؤتمري لوزان وجنيف».