اختفت علب السجائر من كل الأنواع من معظم المحال التجارية في قطاع غزة، وذلك بعدما شرعت الحكومة المقالة التي تقودها «حماس» أول من أمس في جباية ضريبة جديدة على مبيعات السجائر، ما أدى الى ارتفاع الأسعار ارتفاعاً كبيراً، فيما شهدت الأسواق والمحال التجارية نقصاً هائلاً، في ظل شكوى المدخنين الذين بحث كثيرون منهم عنها من دون جدوى. وقال فتى في الخامسة عشرة من عمره يقطن في مدينة غزة ل «الحياة» إن عمه القاطن في مدينة رفح (40 كيلومتراً جنوبغزة) طلب منه أن يشتري له «كروز» سجائر نظراً لعدم وجودها في المدينة التي أقفلت المحال التجارية أبوابها أول من أمس تحسباً لحملات الدهم التي ينفذها موظفو وزارة المال التابعة لحكومة غزة. وأوضح تجار وأصحاب محال تجارية ل «الحياة» ان موظفين من وزارة المال التابعة لحكومة «حماس» فرضوا ضريبة بقيمة ثلاثة شواكل على كل علبة سجائر تحتوي 20 سيجارة، ومثلها على كل علبة معسل نرجيلة. وأضافوا أن موظفين مدنيين يرافقهم رجال شرطة مسلحون قاموا بحملات تفتيش في المحال التجارية والمخازن التابعة لهم لإحصاء عدد «خرطوشات» السجائر لجباية المبالغ المستحقة عليها. وأشاروا الى أن الموظفين أخذوا كميات السجائر التي عثروا عليها وأودعوها في مخازن تابعة لهم عندما فوجئوا بفرض الضرائب ورفضوا دفعها. وقال صاحب محل إنهم أودعوا سجائره في مخزن تابع له بعدما أحصوا عدد «خرطوشات» السجائر والمعسل، ووضعوا في بابه قفلاً أحضروه معهم واحتفظوا بالمفتاح، وسلموه وثيقة (تعهد) تتضمن عددها، والتعهد «بإتمام جميع الإجراءات والمعاملات الخاصة» بها. وأشار تجار الى أن ليس أمامهم مفر من الدفع، وأنهم سيقومون بدفع ما يستحق عليهم كي يتسنى لهم الاستمرار في بيع السجائر التي تعتبر من السلع الأساسية في المجتمع الفلسطيني. وكشفت مصادر موثوقة ل «الحياة» إن الحكومة تعاقدت مع احدى المطابع المملوكة لأحد أنصار «حماس» لطبع ورقة صغيرة «تيكت» للتعرفة الجمركية أو الضريبة الجديدة، ليتم لصقها على كل علبة سجائر. ويطلق الفلسطينيون كلمة «كروز» على «خرطوشة» السجائر التي تحتوي عشر علب. ولا توجد إحصاءات رسمية لأعداد المدخنين في قطاع غزة، لكن هناك تقديرات تشير الى أن في القطاع نحو 200 ألف مدخن. وفي حال صدقت هذه التقديرات، فإنه بحسبة بسيطة يتضح أن حكومة غزة ستجبي يومياً أكثر من مليون ونصف المليون دولار في حال استهلك كل مدخن علبة سجائر واحدة يومياً. وتمنع اسرائيل دخول السجائر الى القطاع منذ سيطرت حركة «حماس» على القطاع في 14 حزيران (يونيو) عام 2007. ويقوم تجار ومهربون فلسطينيون بتهريب السجائر من مصر التي تعتبر أسعارها رخيصة نسبياً مقارنة مع أسعارها في اسرائيل، أو بموجب التعرفة الجمركية للسلطة الفلسطينية التي تفرض ضرائب كبيرة عليها. وتزامنت الحملة مع حملات اخرى مشابهة تقوم بها وزارات اخرى وبلديات، خصوصاً بلدية غزة التي فرضت رسوماً باهظة على الحرفيين. كما تزامنت مع إقرار قياديين في «حماس» بأن الحكومة تواجه أزمة سيولة نقدية، تحول دون قدرتها على دفع رواتب أكثر من 30 ألف موظف يعملون لصالحها. وقال وكيل وزارة المال في حكومة غزة إسماعيل محفوظ في تصريح لوكالة «صفا» المحلية إن «الرسوم الجديدة تمثل أقل من نصف الرسوم الجمركية المفترضة على السجائر والمتعارف عليها في القانون والتي كانت سارية المفعول في الأعوام 2005 و2006». وعزا اتخاذ القرار الجديد إلى أنه «يأتي ضمن سياسة الحكومة في منع التدخين». وأشار الى أنه «كان صدر قرار حكومي سابق بمنع التدخين في الأماكن الحكومية والعامة، ونحن رفعنا أسعاره بفرض هذه الرسوم للحد من إمكان تداوله».