حذر تقرير بريطاني من أن كمية المياه المستخدمة لإنتاج مواد الغذاء والسلع التي تستوردها الدول المتقدمة من الدول النامية تزيد من حدّة أزمة المياه في هذه الدول. وأفاد التقرير الذي شاركت في وضعه وإصداره ثلاث منظمات هندسية بريطانية، بأن مواطني الدول الغنية يستخدمون كمياتٍ كبيرة من الموارد المائية الشحيحة لدى الدول النامية. ويقول مراسل شبكة «بي بي سي» لشؤون البيئة ريتشارد بلاك، إن «نسبة كبيرة من الماء المستخدم في الدول النامية تذهب إلى إنتاج مواد غذائية وسلع للتصدير إلى الغرب». ويرى التقرير الذي يركز على المملكة المتحدة، أن ثلثي الماء المستخدم لصنع المستوردات البريطانية يأتي من خارج حدودها. ودعا الدول الغنية إلى مساعدة المزارعين والمنتجين في الدول النامية على الاقتصاد في استخدام المياه، لأن من مصلحة الدول الغنية استمرار التصدير إليها من تلك الدول. ويقول مدير مركز بحوث في جامعة كارديف وعضو اللجنة المشرفة على التقرير البروفسور روجر فالكونير: «يجب أن نأخذ في الاعتبار كيف يؤثر استهلاكنا المائي في بقية العالم». وأضاف: «ضروري اتخاذ إجراء عاجل، إذا أردنا منع «العاصفة المطلقة». و«العاصفة المطلقة» مصطلح استخدمه العام الماضي كبير علماء الحكومة البريطانية البروفسور جون بيدنغتون لوصف الشح المستقبلي في الطاقة والغذاء والمياه. وتشير التوقعات إلى أن الطلب العالمي على الغذاء والطاقة سيزداد 50 في المئة عندما يتجاوز عدد سكان الأرض 8 بلايين نسمة خلال السنوات العشرين المقبلة، فيما ترتفع الحاجة إلى المياه العذبة 30 في المئة. بيد أن الدول النامية تستخدم الآن حصصاً مهمة من مياهها لزرع منتجات الغذاء وإنتاج السلع التي تستهلك في الغرب. وقال رئيس مركز التنمية المستدامة في جامعة كيمبردج البروفسور بيتر غوثري الذي رأس اللجنة المشرفة على البحث، «إن الطلب المطرد من الدول المتطورة يشكل ضغطاً شديداً على مناطق تعاني أصلاً من شح في المياه». وأضاف: «إذا أصبحت أزمة المياه حرجة، فتفرض خطراً جدياً على مستقبل التنمية في المملكة المتحدة نتيجة التأثير الذي تتسبب به في مواردنا الحيوية». المحافظة على المياه ويعتمد التقرير على مفهوم «الماء المضمر» في المواد المصنّعة، أي حساب نسبة الماء المحتواة فيها، وتوازي كمية المياه المستخدمة في زرع مواد الغذاء أو صناعة السلع. على سبيل المثال ف «الماء المضمر» لإنتاج قدح واحد من البيرة يعادل 130 قدحاً (74 ليتراً) من الماء، وهي مجمل كمية المياه المستخدمة لزرع المكونات وإجراء مجمل العمليات التي تصنع قدحاً من هذا المنتج. كما أن فنجاناً من القهوة يحتوي على 140 ليتراً من الماء (المضمر)، ويحتوي قميص (تي شيرت) قطني على نحو ألفي ليتر، وكيلوغرام واحد من لحم البقر على 15 ألف ليتر. ووفق هذه المنهجية، يروي المستهلك البريطاني ما معدله 150 ليتراً يومياً تعادل حجم حمام كبير. وليست بريطانيا استثناء في ذلك، بل تمكن ملاحظة هذا النموذج في البلدان المتطورة كلها. وتقول المنظمات الهندسية التي ساهمت في وضع التقرير: «يجب على دول مثل المملكة المتحدة أن تساعد الدول النامية في كبح استهلاك المياه، بحيث لا يزال نحو بليونا نسمة لا يتمكنون من الحصول على ماء الشرب النظيف». ويوصي التقرير بأن تتبنى مشاريع المساعدات الممولة من بريطانيا، مفهوم المحافظة على المياه كمبدأ مركزي فيها، وأن على الشركات أن تفحص سلاسل تجهيزها وتقلل من كميات المياه المستخدمة فيها.