تجسد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى البحرين أمس في التطور الملحوظ في العلاقات الثنائية المشتركة، والتواصل والتشاور المستمرين تجاه القضايا الخليجية والعربية والإقليمية. ويتوّج الملك عبدالله بزيارته التاريخية، العلاقات الأخوية والوطيدة والمميزة بين قيادتي المملكتين، وما تشهده من تطور ونماء من التعاون المثمر في شتى المجالات، في ظل تميز العلاقات البحرينية - السعودية. كما تأتي الزيارة لتضيف إلى تاريخ العلاقات بين البلدين، فصلاً جديداً من التعاون المثمر في المجالات كافة، كما تعد تأكيداً لمدى حرص البلدين في ظل توجهات القيادتين على تنمية علاقاتهما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتعزيز التعاون الثنائي والعمل الخليجي المشترك، والانطلاق به إلى آفاق أرحب. وتستند العلاقات الأخوية والوطيدة التي تربط بين البحرين والسعودية على تاريخ طويل من الاحترام المتبادل ومشاعر الود والمحبة الصادقة بينهما، وإيمانهما بأن حقائق التاريخ ربطت بينهما بوشائج متينة، ووثقت علاقاتهما الطيبة والفريدة على مر الأزمان برباط وثيق من التواصل والتعاون في ظل وحدة الهدف والمصير. وتتفرد العلاقات الثنائية بالعديد من المميزات والخصائص المهمة، التي تجعل منها أنموذجاً في العلاقات العربية - العربية القائمة على صياغة رؤية مشتركة، لترسيخ دعائم التعاون القائم بين البلدين، منها تطابق رؤى قيادتي البلدين تجاه القضايا العربية والإقليمية، وكيفية التفاعل معها، مع التمسك الأصيل بالثوابت العربية والإسلامية تجاه القضايا كافة، وتعزيز سبل العمل العربي المشترك، والسعي الجاد لإحلال السلام الشامل والعادل، ودعم كل الجهود التي تضمن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، إذ ينتهج البلدان سياسة خارجية قوامها العقلانية والحكمة، والتمسك بمبدأ الحوار في جميع المحافل الإقليمية والدولية. وتعد المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين، إذ بلغت الاستثمارات السعودية في البحرين حتى تشرين الأول (أكتوبر) 2005 ما يزيد على 700 مليون دينار، فيما بلغ عدد الشركات الفاعلة التي فيها استثمار سعودي نحو 315 شركة، بينما بلغ عدد الشركات السعودية العاملة والمسجلة في البحرين 43 شركة، فضلاً عن وجود العديد من المشاريع الاقتصادية المشتركة التي تربط بين رجال الأعمال والمستثمرين في البلدين، والتي تعززت بشكل كبير بعد افتتاح جسر الملك فهد عام 1986. وتمثل المملكة العربية السعودية عمقاً استراتيجياً اقتصادياً للبحرين، كونها أكبر سوق اقتصادية في الوطن العربي، وهي تعتبر فرصة استثمارية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية، وتلك التي تصل البحرين «ترنزيت» في إطار سياسة إعادة التصدير، لاسيما أن اقتصاد البحرين يعد أكثر اقتصادات المنطقة تطوراً وتحرراً، بفضل السياسة الاقتصادية التي اختطتها القيادة الرشيدة، وصولاً إلى الرؤية الاقتصادية. وتشكّل حركة السياحة نشاطاً حيوياً بين البلدين، أخذاً في الاعتبار أن عدد المسافرين لمجموع الاتجاهين منذ بدء تشغيل جسر الملك فهد في 1986 إلى نهاية العام 2008 بلغ 518944170 مسافراً، بمعدل 18821 مسافراً يومياً للاتجاهين، مع العلم أن البحرين استقبلت نحو 46،4 مليون سائح خلال النصف الأول من العام الماضي 2009، غالبيتهم من المملكة العربية السعودية. وتعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين، وما يتخللها من محادثات اقتصادية، فرصة قيمة لتعزيز سبل التعاون الاقتصادي والتجاري والتنموي المشترك، لاسيما في إطار سعي البحرين الدؤوب والمستمر لجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية، وتوفير كل الإمكانات لاستقطاب هذه الاستثمارات، مع ما تتميز به البحرين من بيئة استثمارية ومالية ومصرفية وتشريعية وقانونية أشادت بها تقارير المنظمات الدولية الاقتصادية العريقة، منها تقرير «الاستثمار العالمي 2009» الصادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، الذي أشار إلى ارتفاع رصيد البحرين من الاستثمارات الأجنبية إلى أكثر من 84،18 بليون دولار بنهاية العام 2008. كما حققت البحرين المركز الأول خليجياً، وال12 عالمياً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي 2008، فيما تحتضن المملكة 414 مؤسسة مالية ومصرفية وشركة تأمين. كما يجمع البلدين تعاون مثمر فى المجالات الثقافية والفنية والأدبية، انطلاقاً مما يربط بينهما من وحدة اللغة والثقافة والتاريخ المشترك، يعزّزه حرص الملك حمد بن عيسى آل خليفة على حضور مهرجان الجنادرية للتراث سنوياً، والذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويشكل التعاون الأمني جانباً مهماً في أجندة العلاقات بين البلدين بخاصة في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة والتصدي لظاهرة الإرهاب. وتتسم العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بكونها علاقات تاريخية تقوم على التواصل والود والمحبة بين قيادتي وشعبي البلدين وتشهد تطوراً مستمراً على كل المستويات انطلاقاً من الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بينهما تجاه مختلف القضايا وروابط الأخوة ووشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك التي تجمع بين شعبيهما فضلاً عن جوارهما الجغرافي وعضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية. ولاشك أن الاهتمام المتزايد من القيادة السياسية في البحرين والسعودية لتطوير مجالات التعاون بين البلدين يشكل حافزاً كبيراً على الارتقاء بشكل العلاقات الثنائية وتعدد مجالاته في المستقبل بما يعود بالنفع والخير على الشعبين الشقيقين.