تواجه الاستعدادات الجارية في لبنان لخوض الانتخابات النيابية في 7 حزيران (يونيو) المقبل، محطتين سياسيتين عابرتين لن يكون لهما من تأثير مباشر على الانقسام الانتخابي الحاد بين قوى 14 آذار والمعارضة، الأولى تتعلق بالموقف الذي سيصدر غداً عن مجلس القضاء الأعلى في اجتماعه الاستثنائي برئاسة رئيسه القاضي غالب غانم للرد على الحملة التي استهدفت السلطة القضائية من قبل قوى رئيسة في المعارضة على خلفية توقيف الضباط الأربعة (اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان) لمدة 44 شهراً في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل ان تطلق سراحهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الأربعاء الماضي بعد انقضاء شهرين على قيامها، فيما تتعلق المحطة الثانية باقتراب مرور عام على الأحداث الدامية التي شهدتها بيروت وعدد من المناطق اللبنانية في 7 أيار (مايو) الماضي والتي من شأنها ان تستحضر بهذه المناسبة، السجال السياسي بين الأكثرية والمعارضة. (راجع ص 6 و7) وفي معلومات «الحياة» ان مجلس القضاء الأعلى ينعقد غداً تحت ضغط قوى في المعارضة تطالب باستقالة مدعي عام التمييز في لبنان القاضي سعيد ميرزا والمحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بذريعة انهما تجاوزا الحدود القانونية في توقيفهم للضباط الأربعة. إلا ان الضغط من اجل استقالة القاضيين ميرزا وصقر التي كان اللواء السيد السبّاق في الدعوة إليها، أخذ يتراجع، وعزت مصادر سياسية في المعارضة والأكثرية السبب الى عدم وجود حماسة لدى قوى رئيسة في المعارضة لتنظيم اعتصام امام مبنى وزارة العدل الكائن في منطقة المتحف يتزامن مع عقد الاجتماع الاستثنائي لمجلس القضاء الأعلى، اضافة الى عدم دخول حركة «امل» برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الخط كطرف في الحملة التي تستهدف السلطة القضائية في مقابل تجنب الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير أي موقف يُشتم منه الدعوة لاستقالتهما مكتفياً بمطالبته بتصحيح الوضع في الجسم القضائي. لذلك اعتبرت المصادر نفسها ان الدعوة الى استقالة ميرزا وصقر ما هي إلا رد فعل سارعت الاتصالات الى استيعابه لحماية الجسم القضائي من الارتدادات السياسية المترتبة على إطلاق الضباط الأربعة. لكن نجاح الاتصالات في ضبط ايقاع الحملات أكانت عفوية أم منظمة والتي اريد منها استهداف القضاء اللبناني، لن يمنع مجلس القضاء الأعلى من ان يأخذ المبادرة لوضع ضوابط للتوقيف الاحتياطي وهذا ما يستدعي منه الطلب من خلال وزير العدل ابراهيم نجار التقدم بمشروع قانون يرمي الى تعديل بعض النصوص الواردة في المادة 108 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لجهة وضع سقف زمني للتوقيف الاحتياطي بحيث لا يبقى مفتوحاً. كما ان استمرار الحملة على القضاء اللبناني سيؤدي الى رد فعل لحمايته، من جانب قيادات 14 آذار التي تستعد للتحرك في حال تمادت الحملة عليه من ضمن خطة مبرمجة لتقييد دوره وصلاحياته. وكان امس للبطريرك الماروني نصر الله صفير موقف لافت بعد استقباله القاضي صقر دعا فيه الى صون القضاء وأن «لا تتناوله الألسن بما تتناوله اليوم من اقوال بعيدة من الحقيقة والواقع خدمة لأهداف سياسية، تحصيناً لقضاة مشهود لهم بالعلم والنزاهة». أما في شأن المحطة الثانية الخاصة بالتداعيات السياسية المترتبة على مرور عام على حوادث 7 أيار، فإن لبنان على موعد في هذا التاريخ مع جلسة تشريعية للمجلس النيابي مرجحة للتأجيل خوفاً من ان تتحول الى مبارزة سياسية حادة بين نواب من الأكثرية وآخرين من المعارضة يمكن ان تتجاوز تبادل تسجيل المواقف الى خرق للتهدئة الإعلامية التي أنتجها اتفاق الدوحة الذي عقد برعاية من قطر وتأييد عربي ودولي لإعادة ترميم الوضع الداخلي اللبناني إفساحاً في المجال امام تهيئة الأجواء التي أسهمت في انتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وبعيداً من الارتدادات السياسية الناجمة عن مرور عام على حوادث 7 ايار، فإن الأطراف الرئيسة تواصل استعداداتها لاستكمال تشكيل اللوائح الانتخابية في عدد من الدوائر. وفي هذا السياق، يستعد رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري للإعلان عن اسماء المرشحين على اللائحة التي سيرأسها في بيروت الثالثة (المصيطبة، المزرعة، زقاق البلاط)، وذلك في احتفال يرعاه هذا الخميس في موازاة احتفال آخر ل «التيار الوطني الحر» يرعاه رئيسه العماد ميشال عون يخصص لتلاوة البرنامج السياسي الانتخابي لمرشحي التيار. ويأتي استعداد النائب الحريري للإعلان عن اسماء مرشحي لائحته في بيروت الثالثة مع استئناف المفاوضات بين «تيار المستقبل» و «الجماعة الإسلامية» في محاولة للوصول الى تعاون انتخابي بينهما يتمثل في ترشح الدكتور عماد الحوت من الجماعة على لائحة الحريري، في مقابل موافقتها على سحب مرشحيها المستقلين في الدوائر الانتخابية الأخرى. وعلمت «الحياة» ان جهات على صلة وثيقة بالنائب الحريري وقيادة «الجماعة الإسلامية» نشطت في الساعات الأخيرة للتقريب في وجهات النظر بينهما انطلاقاً من إبداء الجماعة استعدادها للتضحية في مقابل التضحيات التي قدمها الحريري في عدد من المناطق وكانت وراء قيام الائتلاف الانتخابي في طرابلس المدعوم اضافة الى الحريري من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ووزير الاقتصاد محمد الصفدي. وإذ أبدت هذه الجهات ارتياحها للأجواء التي سادت الاتصالات التمهيدية التي كانت وراء استئناف المفاوضات بين الحريري وقيادة الجماعة، كشفت ان الأخيرة ستقدم الى «المستقبل» جواباً نهائياً في الساعات المقبلة، معربة عن أملها بأن يدفع باتجاه توثيق التحالف الانتخابي. وعلى صعيد آخر، أبدت مصادر في المعارضة ارتياحها للوساطة التي يقوم بها «حزب الله» بين بري وعون وقالت انها أوشكت على تقطيع المشكلة الانتخابية في جزين باتجاه ترشح النائب سمير عازار من كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري في لائحة واحدة مع مرشحي «التيار الوطني» زياد أسود وعصام صوايا إلا في حال قرر عون اعادة النظر بترشح الأخير واستبداله بمرشح كاثوليكي جديد. وكانت أعلنت امس لائحة «القرار المستقل» من الحازمية عن دائرة بعبدا – المتن الجنوبي، وتضم مرشحين عن 14 آذار ومستقلين وتتألف من النائبين باسم السبع وأيمن شقير والنائبين السابقين صلاح حنين وصلاح حركة، وإدمون غاريوس، والياس أبو عاصي، وستخوض الانتخابات في وجه لائحة المعارضة التي ينقصها حتى الساعة ضم الشيعي الثاني إليها، ليكتمل عقدها وتتألف من علي عمار وحكمت ديب وناجي غاريوس وألان عون وفادي الأعور. وفي هذا المجال يتردد ان تسمية المرشح الشيعي الثاني تعود الى «حزب الله» إلا إذا قرر التضحية بمرشحه لمصلحة مرشح «التيار الوطني الحر» رمزي كنج، فيما يواصل المرشحان النائب بيار دكاش وسعد سليم تحركهما لتشكيل لائحة ثالثة غير مكتملة. كما ان النائب السابق ناظم خوري يستعد غداً لإعلان لائحته عن بلاد جبيل بالتعاون مع النائب السابق اميل نوفل ومصطفى الحسيني، بينما يواصل عضو الأمانة العامة في 14 آذار فارس سعيد اتصالاته لتأليف لائحة ثالثة في مواجهة لائحة خوري والأخرى المدعومة من «التيار الوطني» وكانت أعلنت سابقاً وتضم عباس هاشم ووليد خوري وسيمون أبو رميا.