أرجأت محكمة أمن الدولة العليا المصرية إلى اليوم محاكمة عناصر مجموعة أصولية يتهمهم الأمن باعتناق «فكر التكفير والجهاد» وتنفيذ هجوم مسلح على متجر لبيع الحلي، ما أدى إلى مقتل صاحبه، إضافة إلى «استهداف السياح الأجانب، والسفن العابرة لقناة السويس بعمليات عدائية». ويتوقع أن تشهد جلسة اليوم سجالاً بين الإدعاء وهيئة الدفاع، إذ كشفت نيابة أمن الدولة أمس إرسال المتهم بقيادة الخلية محمد فهيم مذكرة من محبسه إلى رئيس المحكمة «يعلن فيها تبروءه من أفعال زملائه ويقر بقيامهم بحادث السطو المسلح على أحد محال المصوغات في منطقة الزيتون (شرق القاهرة) وقتل العاملين به، بغية تمويل عمليات إرهابية على الأراضي المصرية». وقوبل هذا الإعلان باعتراض شديد من هيئة الدفاع التي أكدت أن فهيم «خضع لإكراه شديد من قبل الأجهزة الأمنية لتوقيع تلك المذكرة». وقال منسق هيئة الدفاع المحامي محمد شبانة ل «الحياة» إنه وجد المتهم «غير مدرك وليس واعياً لأقواله خلال مقابلة سمحت بها المحكمة قبل بدء الجلسة» أمس. وأضاف: «سألني فهيم عن هويتي خلال اللقاء الذي لم تتجاوز مدته خمس دقائق، كما أنه غاب لمدة ساعة عن المحاكمة بعد ذلك اللقاء ولم نعلم أين ذهبت به أجهزة الأمن». وقال فهيم في الرسالة التي تلا نصها المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا المستشار طاهر الخولي وسط ذهول وصراخ بقية المتهمين وعدد من أفراد عائلاتهم الذين تواجدوا في قاعة المحكمة، إنه «ينبذ أعمال العنف والإرهاب بكل صورها وأشكالها»، مشيراً إلى أن «سرية الولاء والبراء» التي تزعمها «كان هدفها الحقيقي في بداية تكوينها مساعدة حركات المقاومة المسلحة في الأراضي الفلسطينية والعراق وغيرهما من الدول الإسلامية». وأضاف في الرسالة التي أكد أنه كتبها بمحض إرادته: «لدى علمي باعتزام زملاء لي في الخلية ارتكاب بعض أعمال العنف على الأراضي المصرية، قمت على الفور بقطع علاقتي بهم». وأكد أن زملاءه محمد خميس وأحمد شعراوي وياسر عبدالقادر عبدالفتاح «ارتكبوا حادث محل المصوغات في منطقة الزيتون وقصدوا قتل العاملين فيه». واعتبر أن زملاءه «ارتكبوا أفعالاً لا تقرها الشريعة والدين الإسلامي، وأنهم اتخذوا من الدين ستاراً لارتكاب أفعال عنف وسرقات»، كاشفاً «قيام المتهم محمد خميس بإحداث إصابات بجسده داخل محبسه ونسب ارتكابها زوراً إلى الأجهزة الأمنية التي اتهمها بتعذيبه». ودعا «الشباب إلى الابتعاد عن الحركات والجماعات الإسلامية المشابهة حفظاً لأنفسهم». ولم يكد المستشار الخولي ينتهي من قراءة الرسالة التي حملت تاريخ 12 نيسان (أبريل) الجاري، حتى صرخ المتهمون من قفص الاتهام بأن ما ورد في الرسالة «محض كذب وافتراء» وأن زميلهم «يريد أن ينجو بنفسه فوق جثثنا»، فيما طلب ممثل الادعاء من المحكمة إحضار فهيم من غرفة المداولة حيث كان محتجزاً بمفرده قبل عرض الرسالة وبعدها خشية أن يتعرض له زملاؤه، لسماع أقواله ومناقشته في الرسالة، فيما طلبت الدفاع من المحكمة الأمر بإجراء تحليل دم للمتهم «لكشف ما إذا كان تم إعطاؤه عقاقير مخدرة من قبل الأجهزة الأمنية». وفور مثول فهيم أمام المحكمة، انهالت عليه شتائم زملائه داخل القفص، ما دفع رئيس المحكمة إلى التدخل لتهدئة الأجواء المتوترة، وسؤاله عما ورد في الرسالة، إلا أن هيئة الدفاع تمسكت بعدم الاستماع إلى أقواله، مؤكدة أنه لا يجوز قانوناً استجواب المتهم من دون إذن محاميه. واتهم الدفاع الأجهزة الأمنية «بحقنه بمواد وعقاقير طبية أفقدته الذاكرة وسلبته إرادته لكتابة مثل هذه الرسالة وترديد ما أملي عليه أمام المحكمة». ووصف فهيم زملاءه ب «المجرمين الذين لا يستحقون أن يتم الدفاع عنهم»، قبل أن يقاطعه محاموه ويطالبون بعرضه على لجنة طبية. واتهم محاميه أجهزة الأمن ب «إكراهه للإدلاء بأقوال غير سليمة»، مؤكداً أن «فهيم كان مغيباً عقلياً خلال الجلسة». وكشف أن «أجهزة الأمن سبق أن طلبت من فهيم خلال جلسات التحقيق أن يوقع على مذكرة يتهم فيها زملاءه بارتكاب الجرائم المنسوبة إليهم، وقالت إنها ستعتبره شاهداً في القضية في حال توقيعه على تلك المذكرة مثلما حدث مع متهم آخر يدعى عادل غريب اعتبرته أجهزة الأمن شاهداً، غير أن فهيم رفض التوقيع في حينه». وبعد تقديم المذكرة، سمح رئيس المحكمة لكل متهم بالانفراد بمحاميه لمدة 5 دقائق داخل غرفة المداولة، استؤنفت بعدها المحاكمة وسط مقاطعات من أهالي المتهمين الذين ظلوا يهتفون بأسمائهم. وقررت المحكمة عرض 8 متهمين على لجان طبية لبيان ما بهم من إصابات وما إذا كانت تلك الإصابات ناتجة من تعذيب أم لا. وقال الخولي إن 3 من المتهمين الذين قررت المحكمة في الجلسة السابقة عرضهم على الكشف الطبي رفضوا الكشف عليهم. واتهم هيئة الدفاع ب «المماطلة وتعطيل سير القضية».