ترتكز الاستراتيجية السعودية في مكافحة الإرهاب على مبدأ رئيس لا تحيد عنه يحتل فيه أمن الوطن والمواطن المقام الأول والأخير، إضافة إلى الحزم في اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها والقضاء على مصادرها ومسبباتها بغضّ النظر عن دوافعها أو هوية مرتكبيها، والتشديد على أنها من الدول المستهدفة في أراضيها ومواطنيها. وتؤكد المملكة بشكل دائم على رفضها الشديد وإدانتها وشجبها للإرهاب بأشكاله وصوره أياً كان مصدره وأهدافه كافة، مشددة في كل المحافل على التزامها بالتعاون والتضامن والإسهام بفعالية في الجهود الدولية والثنائية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله، وتنفيذها للقرارات الدولية كافة الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة. وجسّد بيان وزارة الداخلية الذي صدر أمس (السبت) بإقامة الحدود على 47 من الجناة، مثالاً حياً على حزم المملكة وإقدامها في كبح جماح الإرهاب وهدم أهدافه وتجفيف مصادره، إذ ارتكب الجناة جرائم عدة تنوعت - بحسب وكالة الأنباء السعودية - بين اعتناق المنهج التكفيري المشتمل على عقائد الخوارج، المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ونشره بأساليب مضللة، والترويج له بوسائل متنوعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية. كما تعد المملكة رائدة في مجال مكافحة الإرهاب، إذ أسهمت بفعالية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث هذا الملف، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة واعتبارها ضمن جرائم الحرابة التي تخضع لأشد العقوبات، إلى جانب تعزيز وتطوير المملكة للأنظمة واللوائح ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية وتحديث وتطوير أجهزة الأمن وجميع الأجهزة الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب. ووقفت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، موقفاً حازماً وصارماً ضد الإرهاب بأشكاله وصوره كافة على الصعيدين المحلي والدولي. والمملكة بوصفها جزءاً من العالم فقد عانت من أعمال العنف والإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالمية تعددت أساليبه ومسالكه وطال العديد من دول العالم كونه آفة خطيرة لا وطن ولا دين له ولا يعرف جنساً ولازمناً ولا مكاناً، ومن هذا المنطلق تصدت لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي فحاربته محلياً وشجبته ودانته عالمياً وأثبتت للعالم أجمع جدية مطلقة، وحزماً وصرامةً في مواجهة العمليات الإرهابية، وليس أدل على ذلك من النجاحات الأمنية المتلاحقة للقضاء على فلول المفسدين في الأرض الخارجين عن الصف، المفارقين للجماعة، إلى جانب أنها جندت جميع أجهزتها لحماية المجتمع من خطرهم وشرهم ومن ذلك القضاء على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية في مختلف مناطق المملكة. كما كانت المملكة سبّاقة في حث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره ودعت المجتمع الدولي إلى تبني عمل شامل في إطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الإرهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها. وتوجت هذه المساعي باستضافة المملكة للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في الخامس من شباط (فبراير) 2005 بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية. ولأن الإرهاب بات داءً تداعت له الكثير من الدول الإسلامية والصديقة وضج مضاجع أركانها وأرهب مواطنيها، أصبح من الواجب تحركاً موحداً لمواجهته والقضاء عليه، ومن ذلك المبدأ أعلن ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، عن تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب قائلاً: «إن تشكيله جاء حرصاً من العالم الإسلامي لمحاربة هذا الداء، ولكي يكون شريكاً للعالم كمجموعة دول في محاربة هذا الداء». وقال ولي ولي العهد: «إن التحالف يضم مجموعة من الدول الإسلامية التي تشكل أغلبية العالم الإسلامي، وهذا يأتي من حرص العالم الإسلامي لمحاربة هذا الداء الذي تضرر منه العالم الإسلامي أولاً قبل المجتمع الدولي ككل»، موضحاً أنه سيتم إنشاء غرفة عمليات للتحالف في الرياض لتنسيق ودعم الجهود لمحاربة الإرهاب في جميع أقطار وأنحاء العالم الإسلامي، ومبيناً أن كل دولة ستسهم بحسب قدراتها. ... وتشجع الشركاء على الإسهام في بناء القدرات لمحاربته عقد في ال16 من شباط (فبراير) 2013 المؤتمر الدولي المعني بتعاون الأممالمتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب في مدينة الرياض، بحضور ومشاركة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة و49 دولة حول العالم، وهدف المؤتمر بالدرجة الأولى إلى تشجيع الشركاء على الإسهام في بناء القدرات، إذ ناقش من خلال أربع جلسات الركائز الأربع الأساسية للاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب التي مثلت محاور المؤتمر وشملت التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وتدابير منع الإرهاب ومكافحته، والتدابير الرامية إلى بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأممالمتحدة في هذا الصدد، وتلك الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب. واستمراراً لمواقف المملكة العربية السعودية من ظاهرة الإرهاب ومكافحته فقد صادقت على العديد من الاتفاقات الخاصة بمكافحة الإرهاب، كما صادقت على جملة من الاتفاقات الدولية ذات العلاقة وانضمت إلى اتفاقات أخرى وعدد من المعاهدات الإقليميَّة في مجال مكافحة الإرهاب، ووقعت اتفاقات أمنية ثنائية مع عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة تتضمن بين بنودها مكافحة الإرهاب والتعاون في التصدي له ومحاربته. ويبرز ضمن جهود المملكة من أجل مكافحة الإرهاب والتصدي له استضافتها أعمال الاجتماع الإقليمي في مدينة جدة الذي خصص لبحث موضوع الإرهاب في المنطقة والتنظيمات التي تقف وراءه. وأعلن المشاركون عقب الاجتماع التزامهم المشترك للوقوف في وجه التهديدات التي يجسدها الإرهاب بأشكاله كافة للمنطقة والعالم، بما في ذلك ما يدعى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وأن تسهم كل دولة في الاستراتيجية الشاملة لمواجهة التنظيم المذكور.