يعطس بركان في مكان ناءٍ فيصاب العالم كله بالشلل! إذ إن غمامة الرماد البركاني الناجم عن بركان ظل خامداً نحو قرنين من الزمان في آيسلندا أدى إلى إغلاق المجال الجوي في معظم بلدان أوروبا ومنع نقل الجنود الألمان المصابين في أفغانستان إلى بلادهم. وبسبب سحابة غبار في الفضاء البعيد لحق الضرر بحكومات وشركات والمسافرين العاديين والمهمين. فيما قال مسؤول في سفارة السعودية لدى بريطانيا ل«الحياة» أمس: «إن السفارة تنسق مع الخطوط السعودية لإسكان أكثر من 40 سعودياً علقوا في مطار هيثرو لمدة 48 ساعة، وسيتم إسكانهم على نفقة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود». ولم يعد ممكناً الحصول في أوروبا على أزهار "التوليب" التي تأتي طازجة من كينيا. ولا يعرف الرئيس الأميركي باراك أوباما إن كان سيتمكن من الوصول إلى بولندا غداً (الأحد) لحضور مراسم دفن الرئيس البولندي الراحل وزوجته. ولا يعرف أعضاء الأسر المالكة في بلدان القارة ومن خارجها إن كانت الغمامة الرمادية ستسمح لهم بالسفر إلى الدانمارك لحضور الاحتفال بيوم مولد المملكة. ولم يجد رئيس وزراء النروج جنز ستولتنبيرغ الذي يقوم بزيارة لنيويورك ما يفعله، سوى النزول من غرفته في الفندق لشراء جهاز "آي باد" لمتابعة أشغال حكومته، بعدما ألغيت الرحلات من أميركا إلى أوسلو. أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت عائدة من أميركا (الجمعة)، فقد اضطر قائد طائرتها إلى تغيير مسارها إلى البرتغال، بعدما تلقى إخطاراً بإغلاق المجال الجوي الألماني. وقال وزير الدفاع الألماني كار ثيودور غوتنبيرغ أمس: «إن السلطات اضطرت إلى تحويل مسار طائرة تقل جنوداً ألمانيين جرحى من مطار كولون المغلق إلى تركيا». وفي بغداد أعلنت الخطوط الجوية العراقية تأجيل تدشين أولى رحلاتها بين العاصمة العراقية ولندن بسبب إغلاق المجال الجوي البريطاني. وكانت ستكون أول رحلة بين العاصمتين منذ 20 عاماً. وتعسّر على مواطني العاصمة الفرنسية باريس وضواحيها أمس الحصول على سيارة لاستئجارها، بعدما تكدّست المدينة بآلاف المسافرين الذين تقطعت بهم السبل. وزاد حظوظهم سوءاً أن عمال القطارات السريعة مضربون عن العمل. وأعلنت المؤسسة الأوروبية لزراعة الأعضاء (يورو ترانسيلانت) أن المرضى الذين ينتظرون عمليات زراعة أعضاء كانت تصل بالطائرات من مختلف بلدان القارة سيعاملون على أساس مدى قربهم من أماكن وجود الأعضاء التي سيتعذر نقلها بالطائرات. وفي مدريد أصيب مؤتمر وزراء المال الأوروبيين بالشلل، بعدما اكتمل وصول أعضاء الوفود المساندة ولكن تعذر وصول الوزراء الذين كان مقرراً أن يضعوا اللمسات الأخيرة لصفقة لإنقاذ اليونان من ديونها المتعاظمة. وأعلن المفوضان الأوروبيان الاقتصادي أولى ريهن والمالي مايكل بارنبيه أنهما نجحا في اللحاق بآخر رحلة من مطار أورلي في باريس (الخميس)، لكن الطائرة حولت إلى بروكسل، واضطرا من هناك إلى الذهاب إلى مدريد بالقطار لحضور اجتماعات وزراء المال التي لم يتضح مصيرها حتى الآن. وقدرت صحيفة «فايننشال تايمز» الخسائر بما يفوق بليون دولار اذا ما استمر اضطراب حركة النقل الجوي الى مطلع الاسبوع المقبل خصوصاً بعدما تراجعت اسعار اسهم شركات الطيران والسياحة والنقل وحتى شركات الادوية التي تعتمد الطائرات لنقل منتجاتها. كما تأثرت سلاسل السوبرماركت في مختلف انحاء اوروبا نتيجة الشلل الذي اصاب نقل المنتجات الغذائية التي تسلم طازجة الى الزبائن. ورجّح ناطق باسم «الهيئة البريطانية للمراقبة الجوية» أن «تكون أوروبا تشهد اكبر تعطّل للملاحة الجوية منذ هجمات 11 أيلول 2001، مضيفاً انه «من ناحية إغلاق المجال الجوي، انه أسوأ من مرحلة ما بعد 11 أيلول، وقد يكون التعطّل أوسع ما شهدناه على الإطلاق». وكانت السلطات الأميركية أغلقت مجالها الجوي 3 أيام بعد الهجمات في نيويورك وواشنطن. إلى ذلك، حذرت «منظمة الصحة العالمية» من أن سحابة الرماد البركاني قد تشكل خطراً على الصحة العامة، إذا وقعت الحصى الملوثة على الأرض. ونصحت الأوروبيين بمحاولة البقاء داخل أماكن مغقلة، إذا وقع الرماد، إذ أن استنشاقه قد يسبّب مشاكل في التنفس، خصوصاً لمن يعانون من «الربو» وأمراض التنفس.