كان بيل كوسبي رائداً في أوساط الممثلين السود وفكاهياً يتمتع بشعبية كبيرة ويلعب دور رب العائلة اللطيف... لكن الأوضاع انقلبت بعد تشويه سمعته إثر عشرات الدعاوى المقامة عليه على خلفية حالات اغتصاب وتوجيه القضاء تهمة الاعتداء الجنسي رسمياً إليه الثلثاء. فقد وجه القضاء الأميركي تهمة الاعتداء الجنسي إلى كوسبي في قضية اغتصاب موظفة سابقة في جامعة تمبل عام 2004، كما أعلن كيفن ستيل نائب المدعي العام في منطقة مونتغومري (ولاية بنسيلفانيا شرق الولاياتالمتحدة) خلال مؤتمر صحافي. وهذه المرة الأولى التي يوجه فيها القضاء رسمياً تهمة إلى الممثل الأميركي الذي تتهمه 50 امرأة بقضايا اعتداء جنسي واغتصاب. وقد وقع الاعتداء في منزل الممثل في مدينة تشلتنهام الصغيرة في فيلاديلفيا. وأوضح نائب المدعي العام أن معلومات جديدة نقلت إلى القضاء في تموز (يوليو) 2015 سمحت بتوجيه التهمة إلى الممثل. والضحية هي موظفة سابقة في جامعة تمبل تعرف إليها الممثل البالغ 78 سنة خلال اجتماع بفريق كرة السلة النسائي في المؤسسة. وكشفت عناصر التحقيق أن كوسبي أعطى حبوباً مخدرة للضحية قبل الاعتداء عليها جنسياً. وقد توجه كوسبي إلى محكمة إلكينز بارك في بنسيلفانيا بخطى مترددة أمام عدسات المصورين وبقي داخلها برهة من الوقت لدفع 10 في المئة من الكفالة التي حددها القضاء بمليون دولار، كما كشف موظف في المحكمة. وحدد موعد الجلسة المقبلة في 14 كانون الثاني (يناير). وصرح الموظف أن كوسبي اضطر لترك جواز سفره مع السلطات القضائية قبل أن يتوجه إلى مركز الشرطة لالتقاط صور له وأخذ بصمات يده. وقد تؤدي هذه التهمة الرئيسة التي وجهت إليه الثلثاء إلى سجنه لفترة قد تصل إلى 10 سنوات في حال إدانته. وأفادت وسائل الإعلام بأن السيدة المعنية هي أندريا كونستاند المسؤولة السابقة لفريق كرة السلة النسائي في جامعة تمبل بين 2001 و 2004. وقد أكدت دولوريس تروياني محامية المدعية لمحطة «سي أن أن» أن توجيه التهمة جرى بالاستناد إلى ملف موكلتها. ومنذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تتوالى الاتهامات المشابهة على الممثل الذي اشتهر بفضل دوره في المسلسل التلفزيوني الناجح «كوسبي شو» الذي بدأ عرضه قبل 30 سنة على محطة «أن بي سي». وتشكل هذه الفضائح ضربة قاسية لكوسبي الذي «كان من الشخصيات الرئيسة في الثقافة الشعبية الأميركية في النصف الثاني من القرن العشرين»، على حد قول روبرت تومسون الأستاذ المحاضر في جامعة سيراكيوز. فقد ساهم الممثل في تذليل العقبات العرقية في الأوساط التلفزيونية عندما أصبح أول ممثل أسود يؤدي دوراً رئيساً في مسلسل ناجح هو «آي سباي» وينال بفضله جائزة «إيمي» لأفضل ممثل في مسلسل درامي. وقد فاز بهذه الجائزة ثلاث مرات على التوالي بين 1966 و 1968. وتنوعت أعماله بعد تلك الفترة بين السينما والمسلسلات التلفزيونية إلى أن ألف مسلسل «كوسبي شو» وأدى بطولته بين 1984 و 1992. وفاز الممثل بفضل هذا المسلسل الذي يروي قصة عائلة متمحورة على الوالد وهو طبيب نسائي محترم وطريف بمجموعة من الجوائز، منها جائزتا «غولدن غلوب». وكان بيل الذي يعكس صورة الوالد المثالي ويشيد بالقيم العائلية يشجع الشباب الأسود على البقاء في المؤسسات التعليمية وهو أصبح مثالاً لمجتمع السود في بلاده، أما الآن فقد بات ينظر إليه على أنه مغتصب كان يخدر ضحاياه ليفعل فعلته. وباتت مسيرته على المحك وألغيت عروض كثيرة له، فضلاً عن البرنامج التلفزيوني الذي كان يعده على قناة «أن بي سي». وخسر الممثل شهادات فخرية حصل عليها من جامعات عريقة في الولاياتالمتحدة، مثل دريكسل في فيلادلفيا وبراينت في رود آيلاند وكاليفورنيا ستايت يونيفرسيتي. وتخلى عنه الكثير من أصدقائه المشهورين، من أمثال المغنية جيل سكوت والممثلة ووبي غولدبرغ. أما زوجته كاميل التي له منها خمسة أطفال، منهم شاب قتل في الرصاص عام 1997، فلا تزال تدافع عنه.