حسمت استقالة الرئيس القرغيزي كرمان بيك باكاييف من منصبه الموقف نهائياً لمصلحة الحكومة الانتقالية، وعززت الأخيرة مواقعها في جنوب البلاد، وصادرت أسلحة كانت بحوزة أركان النظام السابق، فيما أعربت موسكو عن أملها في أن يفتح التطور على إستقرار الوضع في الجمهورية. وأكد الناطق باسم السلطات القرغيزية عادل بايسالوف ان الحكومة «استلمت صباح اليوم (أمس) النسخة الاصلية من بيان باكاييف الذي اكد فيه تنازله عن مهماته الرئاسية». وأوضح أن رئيسة الحكومة روزا أوتونبايفا التقت المبعوث الخاص لرئيس منظمة الأمن والتعاون الاوروبي ومدير مركز منظمة الأمن والتعاون في بشكيك، وتسلمت منهما البيان الأصلي لاستقالة باكاييف. وبحسب مصادر في موسكو فإن الرئيس السابق كتب نص الإستقالة باللغة الروسية مباشرة بعد وصوله إلى مدينة تاراز الكازاخستانية. وجاء في الاستقالة التي إرسلت نسخة منها بالفاكس إلى بشكيك ليل الخميس- الجمعة: «ادراكاً لمسؤوليتي عن مستقبل الشعب القرغيزي وعن الحفاظ على وحدة اراضي قرغيزستان، ووفقاً للمادة الرقم خمسين في الدستور أقدم استقالتي من منصبي». وكان باكاييف غادر مساء الخميس مسقط رأسه تييت في إقليم جلال أباد جنوب البلاد بعد توفير ممر امن له ولأسرته للإنتقال جواً إلى كازاخستان المجاورة اثر التوصل إلى إتفاق لعب دوراً أساسياً في بلورته رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين. وأثار خروج باكاييف من البلاد بهذه الطريقة المفاجئة مخاوف واستياء بعض أنصاره خصوصاً أنه كان أعلن قبل يومين «رفضاً حازماً لعروض اللجوء إلى أي بلد ومغادرة البلاد». ودفع ذلك بعض أعوان الرئيس المخلوع وأقربائه إلى التشكيك في البداية بصحة بيان الإستقالة والتأهب لمواجهة قوات الأمن القرغيزية التي طوقت مناطقهم السكنية. ووصف احمد باكاييف احد اشقاء الرئيس القرغيزي السابق، الإعلان عن إستقالة الرئيس بأنه «كذبة»، وقال إن بشكيك أعلنت عن تلقيها «فاكساً وهمياً»، مضيفاً ان شقيقه يجري مباحثات خارج البلد وانه لا يوجد حديث عن الاستقالة. لكن لم تكد تمر ساعات على هذه التصريحات حتى حسمت السلطات القرغيزية الموقف بإعلان رسمي عن إستقالة باكاييف وفرضت سيطرتها الكاملة على المناطق الجنوبية واكدت أنها صادرت أسلحة ومعدات قتالية كانت بحوزة من تبقى من عائلة الرئيس المخلوع والمقربين منه. وقالت رئيسة الحكومة الموقتة انه تم فتح قضايا جنائية ضد افراد اسرة باكاييف «الذين ارتكبوا جرائم». وأفادت وكالة أنباء «ايتار تاس» الروسية ان قوات الأمن اعتقلت وزير الدفاع السابق باكت بيك كالييف وبدأت بملاحقة شقيق الرئيس جاني بيك باكاييف الذي كان يرأس الحرس الوطني وتتهمه المعارضة بالمسؤولية عن حوادث اطلاق النار باتجاه المتظاهرين في المواجهات التي اندلعت يومي السادس والسابع من الشهر الجاري، واسفرت عن مقتل 82 شخصاً واصابة 1500 آخرين. كما أعلن عن ملاحقة عدد من الشخصيات البارزة في الحكومة المطاحة بينهم رئيس الوزراء دانيار اوسينوف، واكبر ابناء الرئيس السابق مارات باكاييف. إلى ذلك دعا الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف الحكومة القرغيزية الموقتة الى اجراء انتخابات عادلة وشفافة، مؤكداً ان روسيا تلتزم بكل الاتفاقات الموقعة مع قرغيزستان. واعتبر الرئيس الروسي ان «نظام باكاييف انهار بسبب عجزه عن توفير التنمية الاقتصادية والاجتماعية اعتماداً على مصالح الشعب القرغيزي، وكذلك بسبب الفساد وتحويل السلطة الى حكم عائلة واحدة». في الوقت ذاته قال ميدفيديف إنه «لا يستبعد إمكانية تكرار السيناريو القرغيزي في جمهوريات أخرى في رابطة الدول المستقلة، إذا كانت ستتبع سياسات مماثلة لسياسة الرئيس القرغيزي السابق». على صعيد آخر أعلن في بشكيك أن اتفاق تأجير قاعدة «ماناس» العسكرية للولايات المتحدة سيتم تمديده تلقائياً لمدة سنة واحدة فور إنتهاء مدة سريانه في تموز (يوليو) المقبل.