يحرص نواب طرابلس (الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير محمد الصفدي، سمير الجسر، محمد كبارة وأحمد كرامي) مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات البلدية في الشمال في 30 أيار (مايو) المقبل على اظهار نياتهم الحسنة لجهة الانفتاح على الرئيس عمر كرامي في محاولة للتوصل الى ائتلاف بلدي يضم القوى الرئيسة في عاصمة الشمال والميناء باعتبار أن المعركة البلدية لا تستدعي الدخول في مبارزة «كسر عظم» يمكن أن ترتد سلباً على إشراك المسيحيين والعلويين في مجلسها البلدي. وعلمت «الحياة» أن تحييد الائتلاف البلدي في بلديتي طرابلس والميناء تنطلق من معطيات أبرزها أن التواصل القائم بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والرئيس كرامي يشجع على التعاون في الانتخابات البلدية، إضافة الى أن الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي كانا أطلقا إشارات ايجابية باتجاه رئيس الحكومة السابق الذي تعامل معها بايجابية. وبحسب المعلومات نفسها، وعلى رغم عدم بدء الاتصالات حتى الآن بين نواب طرابلس الخمسة وكرامي، فإن التواصل لم ينقطع بينهم وبين الأخير عبر عدد من الأصدقاء المشتركين الذين يأخذون على عاتقهم خلق المناخ المواتي لبلورة صيغة يمكن أن تشكل قاعدة لتكريس التوافق في طرابلس والميناء. وكشفت مصادر نيابية في طرابلس ل «الحياة» ان النواب الخمسة اجتمعوا أول من أمس، وتوافقوا من حيث المبدأ على رسم خريطة الطريق المؤدية للتفاهم على صيغة توافقية تبدأ بالاتفاق على اسم المرشح لرئاسة البلدية خلفاً لرئيسها الحالي رشيد الجمالي وتنتهي بتوزيع أعضاء المجلس البلدي على القوى الرئيسة الداعمة للائتلاف. ولم تستبعد المصادر أن يبادر الوزير الصفدي في الأسبوع المقبل، وبتفويض من زملائه النواب، الى الاتصال بكرامي للوقوف على مقترحاته في شأن التوافق البلدي، مشيرة الى أن الحريري وُضع في صورة التحضير له خصوصاً أنه من أبرز داعميه، وبالتالي فهو الأقدر على تقريب المسافة بين خصوم الأمس لتذليل آخر العقبات التي يمكن أن تعيق التوصل الى صيغة نهائية للائتلاف. ولفتت المصادر الى أن ميقاتي كان بادر الى الدعوة الى الائتلاف وأن كرامي قابلها بارتياح، وقالت إن التشاور مع الجماعة الاسلامية لم يتوقف لكن التفاهم معها على الخطوط العريضة سيتأخر الى ما بعد جلاء الوضع على جبهة التفاوض مع كرامي. وأوضحت أن هناك رغبة جامعة في تجنيب طرابلس المزيد من الانقسام السياسي وأن الانتخابات البلدية قد تسمح باعادة تطبيع العلاقة بين الحلفاء والأضداد لخوض المعركة تحت سقف واحد عنوانه التنافس الديموقراطي للنهوض بعاصمة الشمال على المستويات كافة. واعتبرت المصادر عينها أن هناك حاجة للائتلاف في البلدية خلافاً للانتخابات النيابية، وعزت السبب الى عامل أساسي يضغط بغية حماية التمثيل العلوي والمسيحي في بلدية طرابلس اضافة الى التمثيل المسيحي في الميناء وقطع الطريق على احتمال الدخول في منازلة بلدية يمكن أن تؤدي الى خلل في التمثيل البلدي. وأكدت أن المجلس البلدي في طرابلس يتألف من 24 عضواً وهو يتساوى في العدد مع المجلس البلدي في بيروت وأن خوض الانتخابات على لوائح عدة يمكن أن لا تأتي بممثلين عن العلويين والمسيحيين (أرثوذكس وموارنة) أو أن يحمل خللاً في التوازن الطائفي وهذا ما يحتم على الجميع عدم المغامرة بمصير التمثيل السياسي والطائفي. ولا ترى هذه المصادر من مجال للتعاون البلدي مع حركة التوحيد الاسلامي المنشقة على نفسها بين بلال سعيد شعبان وهاشم منقارة أو مع بعض المجموعات المتشددة التي ما زالت عاجزة عن اثبات وجودها وهذا ما أظهرته نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة. لكن المصادر ترى أن هناك امكاناً للتوافق على اسم المرشح لرئاسة البلدية وهي تسمي على سبيل المثال العميد المتقاعد في الجيش اللبناني عبدالحميد خربطلي الذي كان ترشح سابقاً على لائحة كرامي في الانتخابات النيابية قبل الأخيرة، أو النقيب السابق للمهندسين في الشمال بشير الذوق. وقالت إن خربطلي المحسوب سابقاً على كرامي هو الآن على صلة وثيقة بمعظم القوى الرئيسة في الشمال وتحديداً في طرابلس وأن لتيار «المستقبل» رأياً حاسماً في اختيار المرشح لرئاسة البلدية الذي يفترض أن يكون نائبه من الطائفة الأرثوذكسية. أما في شأن الانتخابات البلدية في الميناء (21 عضواً) فأكدت المصادر أن الثقل الانتخابي فيها هو امتداد للتأثير السياسي الفاعل في طرابلس وأن لدى القوى السياسية مخاوف مشتركة من إحداث خلل في التوازن الطائفي في المجلسين البلديين في حال تعذر التوافق وانصرفت كل قوة الى ترتيب تحالفاتها لخوض الانتخابات على لوائح متنافسة. وفي هذا السياق علمت «الحياة» بأن الأمين العام السابق لوزارة الخارجية السفير محمد عيسى يعتبر واحداً من أبرز المرشحين لرئاسة البلدية في الميناء ويحظى باحترام وتقدير من جميع القيادات الطرابلسية ويمكن أن يشكل نقطة تقاطع لدعمه كمرشح توافقي، ما قد يضطر الرئيس الحالي للبلدية عبدالقادر علم الدين الى مراجعة حساباته قبل أن يحسم أمره ترشحاً أو عزوفاً عن خوض الانتخابات.