يقضي القائد السياسي الفلسطيني مروان البرغوثي المحكوم بالسجن المؤبد، والذي ترشحه الاستطلاعات لخلافة الرئيس محمود عباس في حال تحرره، أيامه الطويلة في السجن في القراءة والرياضة. وقال في مقابلة اجراها معه محاميه لصالح الصحف الفلسطينية وحصلت «الحياة» على نسخة منها، انه قرأ الشهر الماضي 11 كتاباً، منها ثماني روايات. وأضاف: «أمضيت السنوات الثلاث الاولى من الاعتقال متنقلاً بين مراكز التحقيق، بما فيها مركز التحقيق السري، وبين العزل الانفرادي، وهي تجربة قاسية وصعبة جداً، ومنذ اربع سنوات وانا في العزل الجماعي في قسم مغلق تقريباً يعيش فيه 120 مناضلاً موزعين على 40 زنزانة بواقع ثلاثة أسرى في كل واحدة». ومضى يقول رداً على سؤال عن البرنامج اليومي: «برنامجي اليومي يبدأ مع العد الصباحي في السادسة صباحاً. وفي السابعة والنصف نخرج الى ساحة الفورة حتى العاشرة والنصف. أمارس الرياضة يومياً من دون انقطاع وعلى مدار السنة ولمدة ساعتين الى ثلاث يومياً، وبعد ذلك نتناول طعام الإفطار مما تيسر». وأضاف: «أطالع الصحف العبرية الثلاث هآرتس ويديعوت أحرونوت ومعاريف، كما أطالع صحيفة القدس، وهي الصحيفة العربية الوحيدة التي تدخل السجون، لكنها تصل متأخرة، إلا انني اقرأها في شكل كامل، ومعظم الوقت المتبقي من اليوم أقضيه في المطالعة، وأنهيت الشهر الماضي قراءة 11 كتاباً منها 8 روايات». وتابع: «خلال السنوات الاخيرة، كنت منشغلاً الى حد ما بكتابة رسالة الدكتوراه الى جانب المطالعة، اذ قرأت مئات الكتب في المجالات المختلفة، بما في ذلك اكثر من 120 رواية عربية وفلسطينية وعالمية. كما نقضي وقتاً في جلسات وحوارات ونقاشات الى جانب مشاهدة بعض البرامج التلفزيونية في العديد من القنوات المتوافرة». ودعا البرغوثي الفلسطينيين الى التركيز على المقاومة الشعبية السلمية في هذه المرحلة، وقال: «ندعو للمقاومة الشعبية منذ سنين، وفي كل الأحوال ندعم بقوة هذه المقاومة في هذه المرحلة، وهي اسلوب يتناسب مع الظروف المحلية والعربية والدولية، ويجب مواصلتها وتوسيعها على أوسع نطاق، وندعو الى أوسع مشاركة شعبية فيها، وهي تؤكد ان لدى شعبنا مخزوناً نضالياً لا ينضب». وأضاف: «المقاومة بأشكالها حق مشروع، لكن من الضروري اختيار الشكل والاسلوب والوسائل المناسبة لكل مرحلة وظرف، وطالما ان هنالك احتلالاً، فخيار المقاومة لا مساومة عليه ابداً وان اختلف الشكل من فترة لأخرى قد تمتد أو تقصر... وبهذه المناسبة، أتوجه بالتحية لشعبنا وأدعوه لمزيد من المشاركة في المقاومة الشعبية». وعن فرص اندلاع انتفاضة ثالثة في هذه المرحلة التي تشهد تفجراً للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي حول القدس والارض، قال البرغوثي: «الانتفاضة لا تأتي لأن فصيلاً ما او قائداً ما او قيادة ما تدعو لإطلاقها، وهي لا تأتي بقرار ولا تنتظر رخصة او تصريحاً من احد لتندلع بعكس العملية العسكرية التي تحتاج الى قرار للتنفيذ او تظاهرة او مسيرة او اعتصام. الانتفاضة اشبه ببركان ينفجر من دون انذار مسبق، وبدرجة حرارة معينة وبقوة محددة وبموجات لا يمكن تحديدها مسبقاً». وعن المفاوضات مع اسرائيل، قال البرغوثي ان «لا جدوى من المفاوضات مع حكومة تعلن صباح مساء وبلسان رئيس وزرائها انها ستواصل الاستيطان وترفض الانسحاب لحدود 1967، وترفض ان تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وترفض اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وترفض حق العودة للاجئين وترفض تحرير الاسرى، وترفض قرارات الشرعية الدولية». وأضاف: «الحكومة الاسرائيلية هي حكومة احتلال واستيطان وعدوان بامتياز، والذهاب للتفاوض معها هو ذهاب الى سراب وأوهام، ولا يجوز التفاوض مع حكومة هذا هو برنامجها لأنها المستفيد الوحيد من المفاوضات، بل نريد قراراً صريحاً وواضحاً بإنهاء الاحتلال وبدون ذلك لا معنى لأية مفاوضات». وانتقد البرغوثي أداء اللجنة المركزية الجديدة لحركة «فتح» قائلاً: «ليست لديّ تفاصيل القرارات، لكن يبدو ان الاداء بطيء، وأن التغيير محدود، ولا يلمس كادر الحركة فرقاً بين الأمس واليوم». واستدرك قائلاً: «لكن من المبكر الحكم في شكل قاطع على الأمور. وانا اعرف ان معظم الفتحاويين والناس عقدوا أمالاً كبيرة على المؤتمر، وعلى أعضاء المركزية والمجلس الثوري ان يكونوا على قدر هذه الآمال والتوقعات». وعبر البرغوثي عن الاسف لاستمرار حال الانقسام الفلسطيني، واصفاً اياه بالكارثة، وقال: «استمرار حال الانقسام كارثة، والمصالحة الوطنية هي ضرورة كما الماء والهواء لشعبنا، وهي ليست ترفاً او تحفة او شعاراً، بل ضرورة وجودية وحياتية بالمعنى السياسي. وانا قلت وأكرر ان الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار للشعوب المقهورة وحركات التحرر الوطني. وانا بهذه المناسبة أدعو الجميع الى العودة لوثيقة الأسرى للوفاق الوطني والى التمسك بها، وأدعو الإخوة في حماس للتوقيع على الوثيقة المصرية. وستتم مناقشة أية ملاحظات والتعامل معها بجدية فور التوقيع». وقال البرغوثي ان «حال الانقسام مخجلة، خصوصاً في وقت يقف فيه العالم صفاً واحداً مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والعدوان، ويجمع على اقامة الدولة»، محذراً من ان استمرار الانقسام يجعل الفلسطينيين لا يستفيدون من المناخ الدولي.