أكد رئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز أن «امتلاك اسرائيل للسلاح النووي هو عائق أساسي أمام استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط»، محذراً من «عواقب كارثية» ازاء «ميول البعض بحوز سلاح نووي». وجدد الأمير مقرن، في خطاب ألقاه أمام قمة الأمن النووي في واشنطن، دعم المملكة العربية السعودية لشرق أوسط خال من السلاح النووي، وتمنى على ايران التجاوب مع الجهود الدولية لحل أزمتها و»في أقرب وقت ممكن». وأكد الأمير مقرن الذي رأس الوفد السعودي الى القمة أن الرياض «تقدر جهود الولاياتالمتحدة وقيادتها في التحضير لهذه القمة»، والتي «ستساعدنا في الوصول الى الأهداف المرجوة وتحديداً السعي نحو عالم خال من السلاح النووي». وقال ان «العالم يواجه الكثير من التحديات لمكافحة الانتشار النووي ومنع تهديدات»، تتمثل «بطموح بعض الدول في السعي الى أسلحة الدمار الشامل والتأثير بالسلام والأمن الدولي». وشدد على أن «المواقف غير المرنة لبعض الدول حول حوز سلاح نووي من دون الالتزام بإجراءات الحماية الدولية يجعل هذا الهدف صعب المنال وقد يؤدي الى انهيار نظام مكافحة الانتشار النووي». وأشار الأمير مقرن الى أن الرياض «قدمت تقريراً حول رؤيتها وموقفها من الإجراءات للوصول الى شرق أوسط خال من الأسلحة النووية وهو ما يرتبط بالمبادرة الحالية». وأوضح أن التقرير صدر كوثيقة رسمية العام 2000 ويدعو الى تطبيق قرارات دولية منذ 1974 بجعل الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وتحديداً السلاح النووي. وشدد على أن «الأمن والاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيقهما من خلال السعي لأسلحة الدمار الشامل» بل «فقط عبر التعاون والتشاور بين الدول في شكل يأخذ في الاعتبار المصالح والمسائل المقلقة لدى كل طرف وللدفع بالتنمية الإنسانية والاقتصادية وتفادي سباق تسلح لهكذا أسلحة بغيضة». ولاحظ رئيس الاستخبارات السعودية أن «امتلاك اسرائيل للسلاح النووي يمثل عائقاً أساسياً لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط... والمبررات التي أعطتها لحوز وامتلاك أسلحة الدمار الشامل خصوصاً السلاح النووي هي متناقضة مع رغبتها المزعومة في تحقيق السلام مع شعوب المنطقة ودولها». وبالنسبة الى ايران، أكد الأمير مقرن أن «المملكة العربية السعودية ترحب بالمساعي الدولية لإيجاد حل سلمي للأزمة عبر الحوار وفي شكل يضمن حق ايران وبقية دول المنطقة باستخدام سلمي للطاقة النووية وطبقاً للمعايير الدولية وتحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، متمنياً على ايران «التجاوب مع هذه المساعي لأجل وضع حد للأزمة بأقرب وقت ممكن». وحذر من دخول أي دولة في المنطقة في «سباق تسلح نووي يغلق النافذة على استقرار وسلام المنطقة»، معلناً ترحيب المملكة العربية السعودية بمبادرة الرئيس باراك أوباما وتغيير استراتيجية واشنطن النووية «بالحد من استخدام هذا السلاح». لكنه اعرب عن الأسف لوجود عوامل تساهم «في تصعيد تشنج المنطقة»، بينها «رغبة بعض الدول في حوز سلاح نووي وبذريعة خلق توازن عسكري وهو ما قد يعيد أجواء الحرب الباردة». وحض المجتمع الدولي على التحرك لكبح هكذا «ميول خطيرة قد تأتي بعواقب كارثية على أمن المنطقة وسلامها». أعربت المملكة العربية السعودية عن الأمل بأن تؤدي قمة الأمن النووي المهمة المنعقدة حالياً في واشنطن إلى نجاح الجهود المبذولة باتجاه تأمين المواد النووية الخطرة تمهيداً للتخلص منها بشكل كامل، وأن تؤدي القمة كذلك إلى اتخاذ خطوات بنّاءة ومثمرة نحو تحقيق النتائج التي من شأنها أن تساعد في ضمان السلام والاستقرار للمجتمع الدولي الذي هو بأمسّ الحاجة لهما. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها رئيس الاستخبارات العامة رئيس وفد المملكة إلى القمة الأمير مقرن بن عبدالعزيز أمس. ونقل الأمير مقرن في مستهل الكلمة، بحسب وكالة الأنباء السعودية، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطيبة للرئيس الأميركي باراك أوباما وللقادة ورؤساء الوفود المشاركين فيها وتمنياته بنجاح القمة، معرباً باسم وفد المملكة العربية السعودية عن تقديره للمساعي الحميدة التي قامت بها الولاياتالمتحدة الأميركية للتحضير للقمة التي ستساعد في تحقيق الأهداف المرجوة منها، خصوصاً السعي من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية. وأوضح رئيس الاستخبارات العامة أن العالم يواجه حالياً تحديات كثيرة في جهوده الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية وتجنب التهديدات الواضحة التي تشكّلها في مناطق الصراع والتوتر، ولا سيما بالنظر إلى طموحات بعض الدول في امتلاك أسلحة الدمار الشامل التي من شأنها أن تؤثر في السلم والأمن الدوليين. وقال الأمير مقرن: «إن العالم بأسره كان يعتمد خلال السنوات الستين الماضية على نهج الديبلوماسية المتعددة الأطراف لمنع انتشار الأسلحة النووية، وعلى العمل من خلال الأممالمتحدة وأجهزتها وتحديداً مجلس الأمن كأداة من قبل المجتمع الدولي للحفاظ على السلم والأمن الدوليين». وأضاف: «إلا أن الواقع أن المواقف غير المرنة لبعض الدول في ما يتعلق بحيازة الأسلحة النووية من دون الخضوع للضمانات الدولية جعل من الصعوبة بمكان تحقيق ذلك الهدف وأصبح يهدد بانهيار نظام منع الانتشار». وتابع: «إننا نجتمع هنا اليوم على أمل التوصّل إلى توصيات لصياغة حلول عملية بشأن قضايا الأمن النووي وغيرها من القضايا المهمة ذات الصلة، وكذلك لتطبيق بنود قرار مجلس الأمن رقم 1540 لمنع أسلحة الدمار الشامل من الوقوع في أيدي المنظمات الإرهابية، وممارسة رقابة أكثر صرامة على مقدمي المواد والتقنيات النووية، بهدف التأكد من أنها لا توفرها لجهات غير شرعية». وأشار إلى أن المملكة كانت قدمت تقريراً يبيّن وجهة نظرها بشأن التدابير الرامية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وهو له ارتباط وثيق بهذه المبادرة التي تمثلها قمة الأمن النووي الحالية، موضحاً أن «ذلك التقرير صدر كوثيقة رسمية من وثائق المؤتمر الاستعراضي السادس للدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية للعام 2000». وزاد: «في ذلك الصدد فإن حكومة المملكة العربية السعودية أكدت مراراً وتكراراً دواعي القلق التي وردت في ذلك التقرير والتي تتوافق مع القرارات ذات الصلة التي اتخذتها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1974، والتي اعتمدت في كل دورة للجمعية العامة بتوافق الآراء منذ دورتها الخامسة والثلاثين للعام 1980، بما في ذلك القرار الذي يدعو لإعلان منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وبخاصة الأسلحة النووية». وأضاف أنه «لا يمكن للأمن والاستقرار أن ينشآ في أي منطقة من خلال سعي دولها للحصول على أسلحة الدمار الشامل، بل على العكس فإن الأمن والاستقرار ينشآن عن طريق التعاون والتشاور بين الدول على نحو يظهر المراعاة الواجبة للاهتمامات ومصالح كل طرف من أجل تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية وتحقيق الازدهار وتجنب سباق للتسلح لمثل هذه الأسلحة الرهيبة». وأوضح أنه بناء على ذلك فإن امتلاك إسرائيل الأسلحة النووية يشكل عقبة أساسية أمام تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مبيناً أن «المبررات التي تسوقها لحيازة وتطوير أسلحة الدمار الشامل وبخاصة الأسلحة النووية، لا تتسق وبشكل واضح مع رغبتها المزعومة لتحقيق السلام مع شعوب ودول المنطقة». وأكد أن السلام الحقيقي يجب أن يستند إلى الثقة وإثبات حسن النوايا من جانب جميع دول وشعوب المنطقة، وكذلك على تحررها من الظلم والاحتلال ومن ارتكاب الجرائم البشعة بحقها. وشدد على أن السلام لا يمكن أن يقوم على امتلاك الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها أو بفرض سياسة الأمر الواقع والهيمنة التي من شأنها أن تشكل مصدراً للقلق والتهديد ليس على شعوب المنطقة فحسب بل على السلام والأمن الدوليين بشكل عام. وفي ما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني أشار الأمير مقرن بن عبدالعزيز إلى أن المملكة العربية السعودية ترحب بالمساعي الدولية لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة عن طريق الحوار بطريقة تضمن حق إيران مثلها مثل الدول الأخرى في المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وفقاً للضمانات الإجرائية وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معرباً عن أمله في أن تستجيب إيران لهذه الجهود من أجل وضع حد للأزمة وفي أقرب وقت ممكن. وعبر عن ترحيب المملكة بمبادرة الولاياتالمتحدة لتغيير إستراتيجيتها النووية من أجل الحد من الظروف التي قد تدفع لاستخدام الأسلحة النووية، واصفاً المبادرة بأنها خطوة رئيسية نحو التخلص من هذه الأسلحة بشكل كامل. كما عبر عن الأمل في أن تقدم المبادرة الأميركية حافزاً للدول الأخرى للتخلي عن طموحاتها لامتلاك أسلحة نووية. كما أوضح أن المملكة العربية السعودية وحرصاً منها على الاستجابة السريعة لمتطلبات الحفاظ على السلم والاستقرار الدوليين وفي جميع المناسبات كانت من أوائل الدول التي قدمت إلى لجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب القرار 1540 بشأن انتشار أسلحة الدمار الشامل تقريرها في ذلك الخصوص كما أنها وقعت وصادقت على معاهدة حظر الانتشار واتفاق الضمانات الخاص بالكميات الصغيرة من البروتوكول الملحق بها في السادس عشر من شهر يونيو 2005 ومرفقاته والتي دخلت حيز التنفيذ في ما يتعلق بالمملكة في 13 كانون الثاني (يناير) 2009. ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية والتي هي من بين الدول التي كانت مستهدفة من الإرهابيين وقعت كذلك على الاتفاق الخاص بالإرهاب النووي في العام الماضي، وقال إن المملكة أعطت كذلك اهتماماً كبيراً لمسألة انضمامها إلى جميع الاتفاقات الأخرى التي تسعى إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. كما عملت على حض جميع الدول المحبة للسلام لاتخاذ المبادرة من خلال الانضمام إلى مثل تلك الاتفاقات، إضافة إلى تعاونها مع المجتمع الدولي لبناء مجتمع خال من أسلحة الدمار الشامل تماشياً مع سياساتها الداعية إلى ضرورة التعايش السلمي والتعاون بين الدول لما فيه مصلحة الجنس البشري والحفاظ على الانجازات والإمكانات البشرية. وأفاد أن قمة الأمن النووي الحالية التي تهدف إلى تهيئة مناخ استراتيجي للتخلص من المواد النووية الخطرة تعد خطوة جادة في الاتجاه الصحيح لمنع وقوع المواد النووية المهربة في أيدي المنظمات الإرهابية. وأشار إلى انه في ذلك الصدد فان المملكة دعمت كذلك جميع قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل التي اعتمدت في كل عام من الجمعية العامة مثل قرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم مشروعية التهديد أو استخدام الأسلحة النووية ونزع السلاح النووي وقرار اعتماد التدابير اللازمة لمنع الإرهابيين من حيازة أسلحة الدمار الشامل وقرار خريطة الطريق من أجل الإزالة الكاملة للأسلحة النووية. وقال إن المملكة العربية السعودية دعمت كذلك وفي الاتجاه نفسه القرارات الإقليمية حول هذا الموضوع ولاسيما القرار المتعلق بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وقرار مخاطر الانتشار النووي في الشرق الأوسط، كما انها شاركت في الاجتماعات الدورية للجنة صياغة وضع اتفاق لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل منذ إنشاء اللجنة في عام 1994. وأعرب عن الأسف الشديد لان المنطقة لا زالت تعاني من الحافز الأساسي لتصعيد التوتر وزيادة نطاق سباق التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط والمتمثل في بعض الدول التي تظهر ميلاً إلى امتلاك السلاح النووي بحجة إنشاء نموذج التوازن العسكري الاستراتيجي والذي يمكن أن يؤدي مرة أخرى إلى عودة بيئة الحرب الباردة، وقال الأمير مقرن إن تلك الميول لن تؤدي إلا إلى تفاقم حالة القلق والتوتر وعدم الاستقرار التي ما فتئت تعاني منها المنطقة على مدى عقود عدة. وأضاف انه لذلك السبب فان المملكة العربية السعودية تحض المجتمع الدولي على دعم الجهود الرامية إلى كبح جماح الميول الخطرة من هذا القبيل والتي يمكن أن تترتب عليها عواقب وخيمة على السلام والأمن في المنطقة وعلى التركيز على إيجاد مناخ من الأمن والاستقرار الذي من شأنه أن يزيد من فرص نجاح تنفيذ خطط التنمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.