بغض النظر عن توفير ألمانيا العمل لمواطنيها وانخفاض البطالة فيها إلى حدود دنيا، لا يزال الفقر والانعزال الاجتماعي يهددان نحو 16.5 مليون ألماني بالعيش حياة مأزومة من أصل 81 مليوناً. وزاد عدد الفقراء والمهمّشين اجتماعياً عام 2014، بنحو 300 ألف شخص قياساً الى عام 2013. وتبعاً لعدد من الدراسات التي نشرت أخيراً، يرتفع عدد الفقراء على المستوى الأوروبي بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية في الكثير من الدول. وتُظهر بيانات المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن، أن 20.6 في المئة من سكان ألمانيا مهددون بالفقر أو الانعزال الاجتماعي. ويعتبرالخبراء فقيراً كل من يتلقى معاشاً أو مساعدة تقل عن 60 في المئة من الحد الوسطي للأجور. وتبعاً لذلك، يُحسب المعاش الوسطي الشهري في ألمانيا على أساس 987 يورو للفرد، و2072 يورو للعائلة المكونة من زوجين وولدين. ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء المركزي، يمكن وضع خمسة في المئة من فئة الفقراء في ألمانيا في مرتبة الأكثر معاناة مادياً واجتماعياً بسبب عدم قدرتهم على تغطية كلفة معيشتهم، وتدفئة منازلهم كما يجب، أو تمويل رحلة أسبوع راحة لهم. ويواجه الألمان المفتقدون إلى أي تعليم مهني أو ثانوي، الانزلاق أكثر من غيرهم نحو الفقر والعزلة. ويرى مكتب الإحصاء في فيسبادن، أنه كلما انخفض مستوى التعليم كلما ارتفع الحذر من الوقوع في الفقر، لذا بلغ معدل هؤلاء في ألمانيا ممن هم تحت ال25 سنة 30.8 في المئة من إجمالي عدد الفقراء العام الماضي، في مقابل 23.1 في المئة عام 2005 استناداً إلى تعداد يجريه المكتب الاتحادي للإحصاء سنوياً. وترتفع نسبة هؤلاء في شرق ألمانيا إلى 37.5 في المئة مقارنة بنسبتها في غرب البلاد حيث تبلغ 29.8 في المئة، مقارنة ب28.6 في المئة في الشرق، و22.3 في المئة في الغرب عام 2005، ما يعني تعرض الشرقيين للفقر أكثر من الغربيين. وفي الإجمال، بلغت نسبة الفقر في شرق البلاد 19.2 في المئة، وفي غربها 14.5 في المئة العام الماضي. وأظهرت دراسة صدرت عن جامعة ديسبورغ - إسّن، أن الطبقة الوسطى في المجتمع تقلّصت بوضوح في العقدين الأخيرين، وأن مصروف العائلات تراجع بين عامي 1993 و2013 من 56 إلى 48 في المئة، كما زاد عدد الحاصلين على معاشات متدنية. ويعتبر الباحثون أن كل من يتلقى معاشاً يتراوح بين 2000 و7000 يورو شهرياً قبل دفعه الضرائب، ينتمي إلى الطبقة الوسطى في المجتمع. ويرى معهد البحوث الاجتماعية في برلين «دي إي في»، أن الطبقة الوسطى انكمشت فعلاً من 64 إلى 58 في المئة من إجمالي الشعب الألماني. أما على الصعيد الأوروبي، فتتعرض الفئة الشابة بخاصة حالياً لخطر الوقوع في الفقر، بسبب انعدام فرص العمل نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة. ووفقاً لدراسة وضعها الاتحاد الأوروبي أخيراً، يواجه نحو 26 مليون طفل وشاب مشكلة الفقر والانعزال الاجتماعي عن وسطهم، لذا يرى الخبراء والباحثون أن الجيل الطالع يُعتبر من أكثر الفئات الاجتماعية الخاسرة في السنوات الأخيرة. ويشكل هؤلاء نسبة 30 في المئة من إجمالي فئة الشباب ما فوق سن ال18، تبعاً لدراسة وضعتها مؤسسة «برتلسمان» الألمانية عن 28 دولة منضوية في الاتحاد الأوروبي. وتشير الدراسة أيضاً، إلى أن خمسة ملايين شاب أوروبي على الأقل يفتقدون مستقبلاً مضموناً بسبب عدم توافر مكان تعليم مهني لهم أو فرصة عمل. وعقّب رئيس المؤسسة، إرت دو غويس، على ذلك بالقول: «نحن غير قادرين على تحمل محاذير ضياع جيل في أوروبا، لا من الناحية الاجتماعية ولا من الناحية الاقتصادية». وحضّ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، «على بذل جهود استثنائية لتحسين الفرص المستدامة أمام الشباب خصوصاً».