أوضح مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود أن فكرة إنشاء المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم لم تأت من فراغ، بل بسبب الحاجة الملحة للبنوك الإسلامية لمثل هذه المراكز، مؤكداً أن الدين الإسلامي ليس قاصراً في إيجاد حلول للمشكلات المالية بطرق صحيحة وسليمة. وقال خلال الملتقى السنوي الدولي للقانونيين في الصناعة المالية الإسلامية، الذي عقد في البنك الإسلامي للتنمية في جدة، إن تطبيق المصرفية الإسلامية بدأت تتضح أهميتها بعد أزمة المال العالمية، كما بدأت دول غربية في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في بعض المسائل القانونية. وأضاف مستشار خادم الحرمين الشريفين إن النظام الإسلامي هو الوحيد الذي استطاع أن يجتاز المشكلات والأزمات المالية والاقتصادية التي طاولت جميع الدول. وقال رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي، إن غياب البنية الأساسية القانونية أو ضعفها يعتبر أهم التحديات التي تواجه الصناعة المالية الإسلامية، وأشار إلى أن دولاً تقدم الخدمات المالية الإسلامية تعمل وفق أنظمة وقواعد شرعت للصناعة المالية التقليدية. وأضاف إن التحديات التي تواجه الصناعة المالية الإسلامية، تشمل عدم التوافق على نظام لتسوية الخلافات والنزاعات التي تنشأ في الصناعة المالية الإسلامية، إضافة إلى قلة المتخصصين فيها. وأكد أن أزمة المال العالمية، التي عصفت ببنوك العالم ومؤسساته المالية، كان تأثيرها محدوداً على المؤسسات المالية الإسلامية بسبب طبيعة الصناعة المالية الإسلامية القائمة على المشاركة في الربح والخسارة والعمليات التي تسندها أصول حقيقية. وبيّن أن الصناعة المالية الإسلامية بدأت في سبعينات القرن الماضي بداية متواضعة بإنشاء اللبنات الأولى من المصرفية الإسلامية، وكان أكبر حدث حينذاك إنشاء البنك الإسلامي للتنمية عام 1975 كمؤسسة دولية تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية وإنشاء بنك دبي الإسلامي. وأضاف إن إجمالي تمويلات البنك بلغت حتى نهاية العام الماضي 56.89 بليون دولار لمختلف الدول الأعضاء، موضحاً أنه كان سباقاً في إصدار الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على النطاق العالمي، ساعده في ذلك التصنيف المرموق الذي ناله من أكبر ثلاث وكالات تصنيف في العالم. وأكد رئيس مجموعة البنك الإسلامي أن الصيرفة الإسلامية نمت في السنوات الأخيرة بنحو 15 في المئة سنوياً لتصل إلى 1.2 تريليون دولار، وزاد عدد المؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية من مؤسسة واحدة في سبعينات القرن الماضي إلى 350 حالياً تعمل في أكثر من 75 بلداً. أما الأمين العام للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم الدكتور عبدالستار الخويلدي فأوضح أن تعاظم دور المؤسسات المالية الإسلامية على الساحة الدولية كماً وكيفاً أوجد حاجة إلى فض النزاعات في مجال الصناعة المالية الإسلامية بالصيغ البديلة لفض النزاعات، لما لهذه الصيغ من مزايا، منها كسب الوقت وإصدار أحكام تتماشى ومضمون الصناعة المالية الإسلامية، وهي عوامل من شأنها أن ترسخ ثقة المتعاملين مع المؤسسات المالية الإسلامية. وفي هذا السياق وتلبية لسد الفراغ القانوني في مجال فض النزاعات وفق أحكام الشريعة الإسلامية، تأسس المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم. وأشار الخويلدي إلى أن المركز اكتسب مكانة مهمة على الساحتين الإقليمية والدولية، مبرزاً خصائص التحكيم في الشريعة الإسلامية عموماً ومزاياه العملية بالنسبة للصناعة المالية الإسلامية. وأوضح أن لجوء مكاتب المحاماة في فرنسا إلى اعتماد المركز كجهة اختصاص لفض النزاعات، إضافة إلى طلب مشورة المركز في مسائل قانونية يؤكدان أن المركز بدأ يحظى بثقة القانونيين على اختلاف ثقافتهم القانونية.