تراجع سعر برميل النفط في العام 2015 بنحو 40 دولاراً وسجل في إحدى مراحل التداول أقل مستوياته في 11 عاماً. وتحملت الدول والشركات المنتجة، التي تعتمد على دخل من ضخ نحو 35 بليون برميل سنوياً في الأسواق المحلية والدولية، خسائر قاربت 1.4 تريليون دولار على مدى «العام الأسود»، من بينها دول منظمة «أوبك» التي تؤمن نحو ثلث الإنتاج العالمي الذي بلغ حدود 97 مليون برميل يومياً كمتوسط خلال العام. ومن بين أكبر المستفيدين من تراجع الأسعار الصين والهند والدول الناشئة التي تعتبر الأكبر في الاعتماد على الطاقة المستوردة، إضافة إلى دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. ولا تقتصر الخسائر على الدول والشركات المنتجة. ويقدر موقع «انفستور» الذي يراقب حركة الاستثمارات حول العالم، خصوصاً في الولاياتالمتحدة، أن المستثمرين في اسهم شركات الطاقة تكبدوا خسائر قاربت 700 بليون دولار ما يرفع الخسائر التقديرية إلى نحو 2.1 تريليون دولار في عام واحد. وذكر الموقع أن أسهم شركات الطاقة التي يقيسها مؤشر «ستاندارد أند بورز 500» تراجعت 10 في المئة الشهر الجاري وحده، خصوصاً بعد اجتماع «أوبك» الأخير الذي أبقى على مستويات الإنتاج نفسها ولم يتخذ تدابير لوقف انتهاكات الحصص. وراوح سعر البرميل بين 73 و75 دولاراً للبرميل مطلع كانون الثاني (يناير) وتراجع تباعاً إلى حدود 33 - 36 دولاراً للبرميل في كانون الأول (ديسمبر) بعدما اقترب مراراً من حاجز الثلاثين دولاراً لأيام، كما تشير أرقام وكالة الطاقة الدولية، التي لا تتوقع تحسناً جذرياً في أسعار النفط في المدى المنظور «إلا إذا حدث ما ليس في الحسبان في مناطق حساسة من العالم». وتعتقد الوكالة أن زيادة الإنتاج الإيراني والعراقي في السنة 2016 قد يزيد الضغوط على الأسعار ما لم تتخذ «أوبك» خطوات جذرية في ضبط الإنتاج ومنع تدفق المزيد من النفط إلى الأسواق. ومن أكثر المتأثرين في تراجع أسعار النفط كانت الشركات الأميركية أو الدولية العملاقة التي استثمرت في حدود 100 بليون دولار في تقنيات جديدة للإنتاج، عندما كان سعر البرميل في حدود 100 دولار. ويقول فاضل غيث محلل شؤون الطاقة في مؤسسة «أوبنهايمر للنفط» أن «أي شركة طاقة لن تحقق مكاسب أو تعوض بعض استثماراتها بعد تراجع البرميل عن 40 دولاراً». وعن أسباب تراجع الأسعار يقول غيث: «إن الإنتاج الأميركي تضاعف أخيراً ما دفع الدول المصدرة إلى الأسواق الأميركية للتحول إلى الأسواق الآسيوية وعرض عقود بأسعار تنافسية» علماً أن العام 2015 شهد تباطؤاً اقتصادياً على مستوى العالم خصوصاً في الصين التي شهد اقتصادها فترة تصحيحية. ووفق تقرير نشرته «نيويورك تايمز» في 24 الجاري وصل الوفر السنوي لكل منزل أميركي من نفقات الطاقة إلى نحو 750 دولاراً في حين بلغ الوفر في الدول الأوروبية حدود 450 دولاراً. ومن أكبر الخاسرين دول منظمة «أوبك» التي تراجع سعر نفطها بنسبة 50 في المئة منذ فشلها في خفض الإنتاج في اجتماع فيينا (تشرين الثاني/ نوفمبر) العام 2014 تحسباً من خسارة «الحصص السوقية» لصالح المنتجين من خارجها. ولا يتوقع محللون للأسواق النفطية، أن تستعيد الأسعار عافيتها في المستقبل المنظور أو قبل العام 2017 لكن قد يحدث ما ليس في الحسبان «إذا تدهورت الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط» كما يقول غيث. ومع خفض توقعات «أوبك» لتعافي الأسعار قريباً ذكرت بالحاجة إلى استثمار ما يصل إلى 10 تريليونات دولار في تطوير مصادر الطاقة وتأمينها حتى العام 2040 كما يقول الأمين العام للمنظمة عبدالله البدري. ولاحظت المنظمة الحاجة إلى استثمار ما يصل إلى 400 بليون دولار حتى نهاية العقد الرابع لنمو الاستهلاك العالمي المتوقع أن يصل إلى نحو 110 ملايين برميل يومياً. وأبدت «أوبك» تفاؤلاً غير حسي بأن أسعار سلة نفوطها سترتفع إلى 70 دولاراً في العام 2020 وإلى 95 دولاراً في العام 2040 من دون الأخذ في الاعتبار نسبة التضخم أو التغيير في سعر صرف الدولار مقابل العملات الدولية الرئيسية. وكان سعر نفوط المنظمة سجل 31.5 دولار قبيل عطلة أعياد الميلاد.