اتجهت الأزمة في قيرغيزستان الى الحل امس، بعد موافقة الحكومة الموقتة برئاسة روزا أوتونباييفا على اجراء محادثات مع الرئيس المخلوع كرمان بيك باكييف بعد موافقته على الاستقالة شرط ضمان سلامته وأسرته. يأتي ذلك في نهاية مهلة حددتها الحكومة الموقتة لباكييف لتسليم نفسه في العاصمة بشكيك تحت طائلة شن عملية ضد معقله جنوباً والقاء القبض عليه لمحاكمته بتهمة التورط في مقتل متظاهرين معارضين برصاص الحرس الرئاسي خلال الاضطرابات التي ادت الى اطاحته الاسبوع الماضي. وعلى رغم ابداء استعداده للاستقالة، فإن باكاييف حذر في بلدة تييت من أن السلطة الجديدة ستفشل إذا حاولت استخدام القوة للقبض عليه، مع العلم انه لم يبقَ مع الرئيس المخلوع سوى شقيقه الذي كان يتولى رئاسة جهاز الأمن في قيرغيزستان وبعض الاقارب. ووافقت الحكومة الموقتة على التفاوض مع الرئيس المخلوع حقناً للدماء. وقال عظيم بك بكنازاروف نائب رئيسة الوزراء المسؤول عن الأمن ان ممثلين للحكومة الموقتة توجهوا للقاء باكييف وان على الاخير أن «يحدد أين وفي أي إطار» ستجرى المحادثات. واشار بكنازاروف ان الحكومة الموقتة «الغت الحصانة الرئاسية (لباكاييف) ورفعت قضية جنائية ضده» وهي مستعدة لشن عملية لاعتقاله. وأكد بكنازاروف ان باكاييف «سيساق الى المحاكمة في حال واصل نشاطه الهادف إلى تفجير حرب أهلية»، متهماً الرئيس المخلوع ب «محاولة تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب». وجاء رد باكييف سريعاً على المهلة المحددة، إذ انتقد «الممارسات التعسفية» وكرر استعداده لإجراء مفاوضات مع المعارضة لكنه شدد على ضرورة أن تكون المفاوضات في جلال آباد، معلناً أنه لن يسلم نفسه في بشكيك «لأسباب أمنية» مشيراً إلى أنهم (أعضاء الحكومة الموقتة) «ليسوا قادرين على ضمان أمنهم فكيف سيضمنون أمني؟». وفيما بدا أنه أول تراجع جدي عن مواقفه السابقة زاد أنه مستعد للتخلي عن منصبه في حال تلقى ضمانات أمنية له ولأفراد عائلته. وفي استباق لاحتمال تقديمه إلى محاكمة بتهمة استخدام العنف ضد المتظاهرين ما أسفر عن مقتل عشرات منهم خلال يومي السادس والسابع من الشهر الجاري، حمل باكييف قيادة اجهزة الاستخبارات القيرغيزية مسؤولية ما حدث في بشكيك، وقال انها «لم تحطه علماً بحقيقة مايجرى في البلاد». في غضون ذلك، اعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون جنوب ووسط آسيا روبرت بليك انه سيتوجه في مهمة الى قيرغيزستان. وقال بليك في واشنطن «سأستمع الى تقويم القيادة القيرغيزية للوضع الأمني والى الاجراءات التي تنوي اتخاذها خلال الاشهر الستة المقبلة لتنظيم انتخابات وضمان عودة الديموقراطية». وتستخدم واشنطن في قيرغيزستان قاعدة جوية اساسية بالنسبة الى قواتها المنتشرة في افغانستان. واكدت الحكومة الموقتة ان هذه القاعدة ستواصل عملها. ويتوقع ان يصل بليك الى بشكيك اليوم، حيث سيكثف لقاءاته ليومين مع رئيسة الحكومة الانتقالية ووزراء آخرين وممثلين للمجتمع المدني. كذلك، سيلتقي موفدي الاتحاد الاوروبي وكازاخستان التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا. وأوضح بليك ان الولاياتالمتحدة لا تصف الوضع في قيرغيزستان بأنه انقلاب. وأضاف رداً على سؤال: «نعترف بالدول وليس بالحكومات». الى ذلك، قال فيليب كراولي الناطق باسم الخارجية الاميركية: «لسنا معنيين بالانحياز ولا بالاختيار بين اطراف متنازعة». واضاف «ثمة ادارة موقتة تؤمن عمل الوزارات. اننا نعترف بهذا الواقع». ورداً على سؤال حول وضع الرئيس المخلوع، اعتبر بليك ان «على القيرغيزيين انفسهم ان يتعاملوا مع هذا الوضع بما ينسجم مع الدستور القيرغيزي».