حوش بنقاء (السودان) - أ ف ب - عندما وصل عمر البشير إلى السلطة على رأس انقلاب في 1989 كان من الطبيعي أن ينضم أهل قريته إلى فريقه. والآن، وبعد عقدين من الزمن، يصطف أهل قرية حوش بنقاء للإدلاء بأصواتهم تأييداً له في بلد تحدد فيه العلاقات العائلية والعشائرية الانتماء السياسي. تقع قرية حوش بنقاء على بعد نحو 150 كلم شمال الخرطوم وهي عبارة عن مساكن بسيطة مبنية من الطين فوق أرض قاحلة، وكانت في السابق تشكّل معقلاً للحزب الاتحادي الديموقراطي، الذي يشكل مرشحه حاتم السر المنافس الرئيسي لرئاسة الجمهورية أمام البشير. ولكن عندما تولى البشير المولود في هذه القرية السلطة قبل 21 عاماً في انقلاب دعمه الإسلاميون، سارع أهل القرية بحماسة للانضمام إلى حزب رئيس البلاد الجديد. وخلافاً لمعظم سكان القرية، رفضت عائلة عبدالرحمن محمد فتح الرحمن تغيير انتمائها السياسي. وقال فتح الرحمن الذي كان يتحدث قرب محطة التصويت في مدرسة حوش بنقاء الابتدائية للأولاد التي درس فيها البشير وهو صغير، إن «سكان القرية كانوا جميعهم ينتمون الى الاتحادي الديموقراطي. أنا مع الاتحادي الديموقراطي وهكذا كان أبي وأعمامي وجدي». وأضاف مع انضمام آخرين للاستماع إلى المحادثة: «عندما وصل البشير للسلطة، غيّر الجميع انتماءهم، لأن أفكارهم تغيّرت». وقال المزارع حيدر عمر ل «فرانس برس»: «بالطبع سنصوّت للبشير، إنه من هنا، علينا أن نؤيده». وأدلى عمر بفخر بصوته الإثنين في أول انتخابات تعددية تشهدها البلاد منذ 1986. ولكن مفاهيم السياسة والأحزاب تبدو أموراً بعيدة من الواقع في هذه المنطقة الصحراوية حيث يبدو السكان ممتنين للبشير، كما يقولون، لأنهم يحصلون على الماء والكهرباء في منازلهم. وقال عمر: «لدينا طرقات، لدينا الصحة، ولدينا خدمات. كنت احتاج ساعات للوصول إلى الخرطوم، الآن بات الأمر أسهل». ولا يولي سكان حوش بنقاء ومعظمهم من أقرباء الرئيس البالغ من العمر 66 عاماً، اهمية كبيرة لقرار أحزاب رئيسية في المعارضة مقاطعة الانتخابات. ورداً على سؤال بهذا الشأن، قال المزارع علي عبدالحميد (41 سنة): «بصراحة، هذه مشكلتهم. سنعطي صوتنا لمن يفي بعهوده، والبشير وفى». وداخل محطة الاقتراع حيث كانت مراوح السقف تدور لتلطف من حرارة الجو، قال الموظفون إن 1200 شخص سجلوا اسماءهم في كشوفات الناخبين. وجلست عشرات النساء مرتديات أثوابهن التقليدية بهدوء بانتظار دورهن للادلاء بصوتهن في اليوم الثاني من الانتخابات التي بدأت الأحد وشهدت مشكلات لوجستية كثيرة في اليومين الأولين دفعت إلى تمديدها يومين اضافيين حتى الخميس. وقالت مروة (19 سنة) التي كانت تحمل هويتها ووصل التسجيل في يدها الملوّنة بالحناء، انها سعيدة لأنها تدلي بصوتها للمرة الأولى. ولدى سؤالها عن خيارها قالت «بالطبع ساصوت للبشير». لكن الطالبة الشابة ترددت في الاجابة عندما سئلت لمن ستصوت في انتخابات المجلس الوطني ومجلس الولاية التي تنتمي اليها، حتى اشار اليها شرطي بالتقدم لأن دورها حان للتصويت. وبدت السرة صالح محمد المرشحة في حزب المؤتمر الوطني للبرلمان الذي خصصت 25 في المئة من مقاعده للنساء، منشغلة بتوجيه الناخبات والاطمئنان على صحة افراد العائلة وهي توزع الطعام. وقالت المرشحة النشيطة «نحن نفتخر به. خصوصاً بعد موضوع أوكامبو ده». واصدر لويس مورينو اوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور. وتحدى البشير قرار المحكمة الدولية ورفضه باعتباره مؤامرة للاستعمار الجديد.