«هيومن رايتس ووتش» دعت السلطات الكويتية الى الكف عن توقيف وترحيل مواطنين مصريين مؤيدين حركة محمد البرادعي، ووصفت الإجراءات الكويتية بأنها تمييز ضد الوافدين المصريين، وان الكويت تساهم في عمليات القمع التي تمارس في مصر ضد مؤيدي البرادعي، وطالبت بالإفراج فوراً عن كل المصريين المعتقلين، وإعادة ال 17 مصرياً الذين تم ترحيلهم. الحكومة الكويتية كانت بين خيارين، إما أن تطبق القانون، الذي يمنع غير الكويتيين من المشاركة في تظاهرات وتجمعات عامة، وتنحاز الى أمنها، وتتحمل الثمن المعنوي، أو تتجاهل ما جرى، وتسمح للوافدين بممارسة قناعتهم السياسية، وتتقي شر بيانات المنظمات الحقوقية، وفي مقدمها «هيومن رايتس» التي اعتبرت أن المهم في القضية هو سؤال الكويتيين عن سبب مضايقة المصريين الساعين إلى الإصلاح في وطنهم، بدلاً من حماية المصالح الأمنية الداخلية. لكن الكويت بلد صغير، ويعيش في منطقة تعاني صراعات سياسية وطائفية مزمنة، والسماح للمواطنين المصريين بالتعبير عن قضاياهم السياسية على أرضه، سيكون في المستقبل حقاً مكتسباً لجميع الجاليات التي تعيش في الكويت، وفي هذه الحال سيكون من السهل تحويل الساحة الكويتية الى مسرح للمهاترات السياسية، وتجريب الشعارات، لكل شعوب المنطقة، فيصبح كل من لديه رغبة في «فشة الخلق» من نظامه السياسي قادراً على ممارستها في الكويت، وفي هذه الحال سيتفرغ الأمن الكويتي طوال العام لفك اشتباكات المتظاهرين من كل دول المنطقة، فضلاً عن ان الكويت لديها ما يكفيها من أمراض المنطقة و «بلاويها»، وحياة الناس في الكويت ليست بحاجة الى مزيد من التعطيل. صحيح أن الحكومة الكويتية بالغت في رد الفعل، وكان بإمكانها منع المواطنين المصريين من دون ترحيلهم، ناهيك عن أن الترحيل حرم المبعدين من وظائفهم وموارد رزقهم، ونقل القضية الى الجانب الإنساني، وأساء الى سمعة الكويت كبلد مضياف ومرحب بالآخرين. لكن المثل الشعبي يقول «من تلدغه الحية، يخشى من الحبل»، وخلال الأزمات السياسية في لبنان وفلسطين وإيران وغيرها من دول المنطقة، تحول الكويت الى ساحة لأحزاب ومنظمات، وجرى استغلال المناخ الكويتي المنفتح والمتسامح على نحو هدد السلم الأهلي في البلد، وأيقظ نزعات مذهبية وعرقية بين الكويتيين، وكاد البلد ان يتحول الى ميدان مجاني لاستقبال ردود فعل بعض شعوب المنطقة على خيبة حياتها السياسية وأنظمتها.