محمد بن سلمان.. إنسانية عميقة    رداً على رسوم ترمب.. تنامي حركة مقاطعة البضائع الأميركية في الدول المتضررة    إعادة ضبط السوق العقاري    المؤسسات الخيرية والتنمية المستدامة    بنزيما ينقذ الاتحاد أمام الغريم    أخضر «تحت 17» يواجه تايلاند    منتدى الاستثمار الرياضي    افتتاح دورة ألعاب الخليج الشاطئية 3 .. و"حسن عسيري" يرفع العلم السعودي    "ماتياس يايلسه": صعب علينا تقبل التعادل مع الاتحاد    طلاب وطالبات يتجاوزون الإعاقة ب"عالم الصناعة"    حرس الحدود لمرتادي الشواطئ.. التزموا بإرشادات السلامة    مترو الرياض.. جسر للقلوب    إرثٌ خالد ورمزٌ للأصالة    على متن الهامش    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    بلان يكشف سر مشاركة أوناي    5 آلاف مسجد تاريخي في تونس    المملكة تدين التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وسورية    نائب أمير الرياض يعزي زبن بن عمير في وفاة والده    جامعة جدة تبدأ القبول لبرامج الدراسات العليا    عشريني ينافس العمالة بالتكييف والتبريد    كرة ذهبية في قاع المحيط    العثور على بقايا ماموث في النمسا    أسرار في مقبرة توت عنخ آمون    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    خطيب المسجد الحرام: مواسم الخير لا تنقضي وأعمال البر لا تنقطع    إمام المسجد النبوي: الاستقامة على الطاعات من صفات الموعودين بالجنة    كيف تحمي طفلك من قصر النظر؟    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يعيد زراعة أذن مبتورة بنسبة تزيد على "50"%    مستشفى الرس.. مبادرة مبتكرة لتحسين تجربة المرضى    العيد بين الفرح والقلق    الفنان التشكيلي سعود القحطاني يشارك في معرض جاليري تجريد 2025    بلدية الدمام تعايد مسؤولو ومرضى مستشفى الملك فهد بالدمام    التعادل يحسم ديربي جدة بين الأهلي والاتحاد في دوري روشن للمحترفين    الاثنين المُقبل.. انطلاق منتدى الاستثمار الرياضي في الرياض    ورث السعودية على الطرق السريعة    رئيس الوزراء الهندي يعتزم زيارة السعودية    جولات رقابية على النفع العام    الجمارك تسجل 1071 حالة ضبط للممنوعات خلال أسبوع    الفنون البصرية تطلق غدًا "أسبوع فن الرياض"    الخارجية الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من 17952 طفلًا خلال العدوان المستمر على غزة    موسم جدة يحتفي بخالد الفيصل في ليلة "دايم السيف"    الحرب على المخدرات مستمرة.. ضبط عدد من المروجين بعدد من المناطق    تعليم جازان يعتمد مواعيد الدوام الصيفي بعد إجازة عيد الفطر    الجيش الأوكراني: روسيا تنشر معلومات كاذبة بشأن هجوم صاروخي    نائب أمير مكة يدشّن معرض "في محبة خالد الفيصل" في جدة    العماد والغاية    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    العثور على رجل حي تحت الأنقاض بعد 5 أيام من زلزال ميانمار    نفاذ نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ابتداءً من اليوم    المملكة تستضيف "معرض التحول الصناعي 2025" في ديسمبر المقبل    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    









13 نيسان 1975، في إطاره الأعرض
نشر في الحياة يوم 13 - 04 - 2010

ما حصل في 13 نيسان (ابريل) 1975 يحظى بأهميّة تتعدّاه وتتجاوز لبنان بوصفه مسرحه المباشر. وهذا ما يبرّر العودة إلى تلك الذكرى كراهنٍ مقيم معنا، نابض بالمعاني المستأنَفَة.
فذاك اليوم هو بمثابة الافتتاح العربيّ لحقبة الحروب الأهليّة بعدما أجرت تمرينها الأوّل في الأردن عامي 1970 و1971. وهي حقبة متواصلة علناً وعلى السطح في بعض البلدان العربيّة، وسرّاً أو خفاءً في بعضها الآخر.
لقد سبق ذاك الحدث حدثان كبيران: أوّلهما كان حرب حزيران (يونيو) 1967 التي أعلنت بلوغ المشروع القوميّ العربيّ، ممثّلاً بالناصريّة أساساً ولكنْ بالبعث أيضاً، انسداده التاريخيّ. فعطفاً على الانفصال السوريّ عن «الجمهوريّة العربيّة المتّحدة» في 1961، ثمّ الصراع العربيّ – العربيّ المفتوح في اليمن ابتداء ب1962، جاءت الهزيمة المرّة تحطّم هذا المشروع بنداً بنداً وتحيله إلى خردة. وأتت وفاة جمال عبدالناصر في 1970 تضيف نهاية الرمز إلى نهاية المشروع. ولم يعد صدفة أن أيّاً من الزعامات التي ظهرت بعد 1970 (عرفات، الأسد، القذّافي، صدّام) لم يستطع أن يصير عبدالناصر.
أمّا الحدث الكبير الثاني، فكان حرب تشرين الأوّل (أكتوبر) 1973. في هذه الحرب أعلنت الدولة – الأمّة العربيّة، ممثّلة بمصر وسوريّة، حدود قدراتها: السعي إلى إعادة أراضيها المحتلّة وإلى الضغط لإقامة دولة فلسطينيّة. فقد كفّ «تحرير فلسطين» وإقامة «وحدة عربيّة» عن تصدّر الهمّ العامّ، بل انسحبا من جداول الأعمال انسحاباً كاملاً أو يكاد.
لقد اكتشف العرب، بنتيجة الحربين هاتين، ما الذي لا يريدونه، إلاّ أنّهم لم يعثروا على ما يريدونه. وكانت الثورة الفلسطينيّة التشخيص الحيّ لهذه الحالة، بوصفها المشروع الذي سيلتحم ببلدان وحدود وقوى وعصبيّات عربيّة لا حصر لها قبل الاصطدام بإسرائيل، أي الحرب الأهليّة الدائمة. أمّا الطرف الوحيد الذي ذهب إلى بدائل كاملة عن المرحلة المنصرمة، وذهب فيها إلى نهاياتها المنطقيّة، فكان أنور السادات: صحيح أنّه فعل ما فعله بارتجال لا يخلو من نزق، إلاّ أنّه الوحيد الذي شقّ احتمالاً يتمّ معه، وبه، الخروج من هموم مهزومة وحقبة ميّتة. ولم يكن صدفة، في ظلّ الخواء الشامل الذي يرافق نهايات الحقب، أنّ المشروع الساداتيّ لم يجد في مواجهته إلاّ الماضي. والماضي الذي توّجته الثورة الإيرانيّة في 1979 انطوى، في ما انطوى، على مشاريع عسكريّة أُجهضت طموحاتها «القوميّة» ورُدّت إلى مجرّد أنظمة سلطويّة، وعلى تذرّر «فصائليّ» انتقلت عدواه من «الساحة» الفلسطينيّة إلى «الساحات» العربيّة، وأهمّ من ذلك على تحوّل الموضوع الفلسطينيّ إلى لحظة في مشروع إسلاميّ ماضويّ.
في هذه الغضون، ابتدأت الحرب الأهليّة في لبنان تعبيراً عن النتيجة الوحيدة للتمزّق بين الموت الفعليّ للمشروع القديم وبين الرغبة في إبقاء الميّت حيّاً. فليست مصر في وارد القتال، ولا الاتّحاد السوفياتيّ على قيد الحياة. وكان «طبيعيّاً»، في مناخ كهذا، أن تسري العدوى اللبنانيّة عربيّاً، وما هي سوى انفجار العصبيّات التي تأبى التكيّف في الدولة – الأمّة الوحيدة الممكنة. هكذا بُدّدت فرصتان كبيرتان أتيحتا، واحدة في فلسطين مع توقيع اتّفاقات أوسلو في 1993، والتي تعاون الاسرائيليّون والانتفاضة الثانية لوأدها، وأخرى في العراق، مع إسقاط نظام صدّام في 2003 وتكشّف بلاد الرافدين عن ملل ونحل فحسب.
وفي المرّتين، وفي غيرهما، يمكن تعداد ما لا حصر له من أخطاء وارتكابات وظلامات وهفوات، لكنّ البائس أنّنا لا نشير إلى حاجة العرب، قبل أيّ طرف آخر، إلى وقف النزف الذي يستنزفهم هم أوّلاً، كما لا ننتبه إلى توازنات قوى، سياسيّة وعسكريّة ومجتمعيّة، لا تعوّضها الصواريخ الإيرانيّة!
هكذا غدت فلسطين قضيّتين، واحدة للضفّة وأخرى لغزّة، فيما الاسرائيليّون ماضون في استباحة لا يقيّدها قيد ولا يلجمها لاجم. أمّا اللغة المؤدلجة فماضية على رِسلها، على أمل أن نكرّر حروباً لا «تنزلق» إلى الطائفيّة هذه المرّة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.