تتجه دول «مجلس التعاون الخليجي» إلى تبني استراتيجية جديدة في تحديث اقتصاداتها وتنويع مصادر إيراداتها حتى لا تعتمد على النفط كمصدر وحيد لتغذية موازناتها، وهي تفكر جدياً في فرض ضرائب لم تكن معتمدة لسنوات، ومنها الضريبة على القيمة المضافة (ضريبة المبيعات) التي يُتوقع أن تكون الإمارات المبادرة إلى تطبيقها بنسبة تراوح ما بين ثلاثة وخمسة في المئة، ويُعتقد أن دول خليجية أخرى ستطبق هذ الموضوع. ومنذ أن بدأت أسعار النفط بالتراجع في حزيران (يونيو) العام 2014، لم تنقطع المباحثات بين دول الخليج حول سبل مواجهة تراجع الأسعار. وجاء قرار دول الخليج بالتوجّه نحو إقرار ضريبة على القيمة المضافة سيكون خطوة أساسية لتعزيز الاستقرار في العائدات الحكومية. وتمثّل الإيرادات النفطية في دول الخليج حوالى 75 في المئة من حصيلة الصادرات، و63 في المئة من الإيرادات السيادية لحكومات هذه البلدان، علماً أن هناك تفاوتاً بين بلد وآخر، كذلك تمثل مساهمة قطاع النفط والغاز 41 في المئة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي كمعدل وسطي لبلدان المنطقة. وجاءت الخطوة الإماراتية في رفع الدعم عن المحروقات كبداية للإجراءات الجديدة التي تريدها دول مجلس التعاون لتخفيف العبء عن موازناتها من ناحية، وللحفاظ على ثرواتها الطبيعية من ناحية أخرى. وأدى تراجع أسعار النفط في الإمارات بحوالى 50 في المئة، في ظل غياب أي مؤشرات إلى انتعاشها، إلى فرض الضريبة المضافة للمساهمة في إعادة التوازن إلى الموازنة. وصرح وزير الدولة لشؤون المال والصناعة الإماراتي محمد خلفان بن خرباش، أن «الحكومة ترجح تطبيق ضريبة القيمة المضافة، لأنها أنسب من كل أنواع الضرائب من جهة عدالتها وشمولها، فهي تشمل النطاق الأوسع في المجتمع، وليست موجهة ضد فئة لمصلحة فئة أخرى، وهي ضريبة غير مباشرة على الدخل وتتناسب مع مدى وقيمة الاستهلاك». وذكر خلفان أنها «ليست متحيزة ضد الادخار والاستثمار». وكشف وكيل وزارة المال يونس حاجي الخوري أنه «سيتم استثناء المواد الغذائية الرئيسة والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم من تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج». وأضاف أن «الدراسات الفنية للضريبة لم تكتمل بعد، وأن تطبيقها يتطلب توفير الأجواء الاقتصادية الملائمة»، مشيراً إلى أن «النسبة المقترحة لضريبة القيمة المضافة بين دول الخليج تتراوح بين 3 إلى 5 في المئة». وتابع: «لا يمكن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دولة على حدة، إذ يجب أن تكون جزءاً من قرار موحد على مستوى الخليج»، مضيفاً أنه «إذا اتفقت دول الخليج الست على موعد نهائي، قد يفرض بعضها الضريبة قبل البعض الآخر». وتعتبر الميزة الأساسية لضريبة القيمة المضافة، أنها تفرض على المراحل المختلفة للإنتاج، إذ يتم تعويض الضرائب المفروضة على المدخلات من الضرائب المفروضة على المنتجات أو المخرجات، كما أنها محايدة، وذلك لأنها لا تحصر العبء الضريبي على مرحلة معينة من مراحل الإنتاج وتساعد على تشجيع الصادرات، لأنها عادةً لا تفرض على الصادرات. وأن العبء الضريبي الذي تتحمله السلع المحلية يكون مساوياً أو مقارباً للعبء الضريبي الذي تتحمله الواردات. وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة حديثة، وقبل استخدامها كانت الضرائب غير المباشرة تفرض على سلع معينة (مثل السجائر، المشروبات الكحولية)، والضرائب على مبيعات التجزئة. وتشمل الدول التي تطبق الضريبة جميع الدول الأوروبية ومعظم دول الأميركيتين ومعظم الدول الآسيوية وتقريبا نصف الدول في القارة الإفريقية، وجميع الدول التي كانت تشكل المعسكر الاشتراكي. أما الدول العربية فإن أربع دول منها فقط تطبق هذه الضريبة (الجزائر، المغرب، تونس، مصر). ومن أبرز الدول التي لا تطبق نظام ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة على المشتريات هي الولاياتالمتحدة والهند. والجدل في الولاياتالمتحدة حول هذه الضريبة معروف، والذين يقفون ضدها يقولون بأنها نوع سهل من الضرائب. إلا أن العامل المشترك بين الولاياتالمتحدة والهند هو أنهما دولتان فيدراليتان، ومن المعروف أن ضريبة القيمة المضافة تواجه صعوبات عدة في حالة الدول الفيدرالية أو المركبة. وحض «صندوق النقد الدولي» أخيراً، دول الخليج لفرض الضرائب وخفض الإنفاق، وإدخال إصلاحات تساعد على إدارة موازنتها تبعاً لهبوط أسعار النفط. وأفاد رئيس بعثة «صندوق النقد الدولي» في الإمارات زين زيدان، أن «ضرائب القيمة المضافة، والقطاع الخاص في الإمارات سترفع الناتج المحلي الإماراتي 7 في المئة».