يستمر الجدل بين الاقتصاديين حول الموازنة السعودية لعام 2016 إلى الإثنين المقبل موعد إعلانها، بين من يرى أنها ستكشف عن استمرار في الإنفاق بوتيرة السنوات الماضية، وبين من يرى أنها ستكون أكثر محافظة، وستشهد تقليص الإنفاق، وإن كان العجز في الموازنة مجمعاً عليه، فإن الاختلاف على حجمه، يبقى هو سيد الموقف حتى ذلك اليوم. وعزا اقتصاديون القلق الذي يسود الأسواق السعودية، إلى الباب الرابع من الموازنة المتعلق في المشاريع الجديدة والإنفاق الرأسمالي للحكومة. في حين لن يطرأ الكثير من التغيير على الباب الأول المتعلق في الرواتب والبدلات والأجور، والحال نفسه مع الباب الثاني المتعلق في المصروفات العامة، والثالث المرتبط في اعتمادات التشغيل والصيانة. ويبدي الاقتصاديون قلقهم من استمرار هبوط أسعار النفط في ظل الالتزامات الكبيرة التي يجب أن تستوعبها بنود الموازنة، والذي لا تغطيه مداخيل النفط بأسعارها الحالية، وأيضاً في ظل عدم الإعلان عن خطة شاملة ومفصلة لمواجهة عجز الموازنة المتوقع، على رغم التوجه إلى استخدام فوائض السنوات الماضية، في حين يرون أن موازنة 2016 ستبنى في نقطة توازن على سعر متوقع للنفط لا يتجاوز 30 دولاراً للبرميل، وهو سعر معتدل مقارنة بالتوقعات المتشائمة لأسعار النفط المستمرة في الهبوط. وأشار الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة، إلى أن العام الحالي شهد ظروفاً استثنائية، بينها حرب اليمن، وانخفاض أسعار النفط، واستمرار الانخفاض إلى العام المقبل، مؤكداً أن مثل هذه الظروف تجعل من الموازنة «صعبة». وكانت وزارة المالية السعودية أصدرت أخيراً تعليمات للجهات الحكومية بإعادة ما لم تنفقه من أموال مخصصة لمشاريعها في موازنة هذا العام، وذلك في إطار سعيها إلى ترشيد الإنفاق في ظل هبوط أسعار النفط. وأكد أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد جعفر، أن تحقيق الموازنة السعودية متوسط عجز حتى لو وصل قدره 430 بليون ريال (115 بليون دولار) في 2015، أمر يمكن استيعابه من خلال تعظيم الدين الداخلي، إضافة إلى السحب من الفوائض المتراكمة في الموازنات الماضية، على أن ينخفض العجز في 2016 إلى النصف تقريباً، بعد ضبط المصروفات وارتفاع بعض مسببات الإنفاق الكبير. وأشار جعفر إلى أن الموازنة خلال السنوات الست الأخيرة حققت عجزاً مرتين، الأول عام 2009، وبلغ العجز 87 بليون ريال، بعد انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، نتيجة الأزمة المالية والركود في الاقتصاد العالمي، والثاني في 2014 وبلغ العجز 66 بليون ريال. بينما حققت فائضاً في السنوات الأخرى، كان أكبرها 2012، الذي قدر بنحو 374 بليون ريال. ومهما كان العجز في 2015، إلا أنه لن يكون مرهقاً للموازنة في ظل القوة التي تتمتع بها السعودية، والأمر ينطبق على الموازنة في 2016، ما يدفع بالكثيرين إلى الاعتقاد أن يستمر الإنفاق فيها على الوتيرة نفسها. وكانت وزارة المالية توقعت تحقيق إيرادات ب715 بليون ريال في 2015، وأن تبلغ النفقات العامة 860 بليون ريال، أي بعجز متوقع في حدود 145 بليون ريال. يُذكر أن التبويب الاقتصادي في الموازنة السعودية يقصد به التبويب بحسب الطبيعة الاقتصادية للنفقة، إذ يتم الفصل بين المصروفات الإيرادية والمصروفات الرأسمالية، ويتم إعداد موازنة للعمليات الإيرادية وأخرى للعمليات الرأسمالية، بحيث تشمل موازنة العمليات الإيرادية الأجور والمصروفات العامة. وتشمل موازنة العمليات الرأسمالية الاستخدامات الأخرى «المصروفات الرأسمالية»، مثل إنشاء الجسور وبناء الموانئ، وإنشاء المصانع والطرق وغيرها.