يغادر جنود أوكرانيون قواعدهم تدريجاً في إقليم شبه جزيرة القرم (جنوب)، في ظل عجزهم عن منع سيطرة روسيا على الإقليم الذي ضمته إلى أراضيها، ونزل بعض أفراد البحرية عن متن الفرقاطة «سلافوتيش» التي تحاصرها سفن روسية منذ أيام في ميناء سيفاستوبول. وطالبت القوات الروسية الجنود الأوكرانيين في قاعدة «بلبيك» الجوية قرب سيفاستوبول بالاستسلام، كما اقتحم حوالى مئتي شخص غير مسلحين قاعدة لسلاح الجو الأوكراني في نوفوفيدوريفكا غرب القرم. وتحدث شهود عن تحطيم المهاجمين نوافذ داخلها مرددين «روسيا روسيا»، فيما تحصن جنود أوكرانيون داخل المباني، وبدأوا يلقون قنابل دخانية عليهم من السقوف. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أقل من ألفين من أصل 18 ألف جندي أوكراني يخدمون في القرم قرروا مغادرة الإقليم، مشيرة إلى رفع أعلام البحرية الروسية على 54 من 67 سفينة تابعة للبحرية الأوكرانية، بينها 8 سفن حربية وغواصة واحدة. في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الأوكرانية أن الجنود العائدين من القرم سيلقون استقبالاً حاراً، ولن يعاملوا بصفتهم فارين بل «أبطالاً حقيقيين لجميع الأوكرانيين». وأوضحت الوزارة أنها تحاول التصدي ل «التضليل الإعلامي الذي تروجه أجهزة الاستخبارات الروسية حول الموضوع، ويهدف إلى تأكيد فكرة أن الوحدات التي تغادر القرم إلى أوكرانيا سيتم حلها، وأن النيابة العامة الأوكرانية ستلاحق جنودها بتهمة الخيانة». وأوضحت أن «السلطات تدرس حالياً إمكان منح الجنود العائدين وضع مقاتلين سابقين، مرفق بضمانات ومساعدات اجتماعية ملائمة تقديراً لما أبدوه من مقاومة وشجاعة». وأشار بيان لرئاسة الأركان العامة، أن القيادة «لن تنسى أياً من الجنود الوطنيين في القرم الذين لم يخونوا قسمهم بالولاء للأمة الأوكرانية». على صعيد آخر، قلل مصطفى جميليف، رئيس مجلس التتار في القرم، من مخاوف هجرة أبناء الأقلية المسلمة التي تعد بين 12 إلى 15 في المئة من سكان شبه الجزيرة، البالغ عددهم مليونين، وقاطعت استفتاء الانضمام إلى روسيا، مبدياً خشيته من إدراج اسمه على لائحة الأشخاص غير المرغوب بهم في شبه الجزيرة. وقال: «ليس هناك نزعة إلى الهجرة من القرم، وآمل بألا يحدث ذلك». وزاد: «استناداً إلى أرقام الأممالمتحدة، عبر حوالى ألف تتاري الحدود بين القرم وأوكرانيا بين 9 و17 الشهر الجاري، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، أما الرجال فباقون». وكشف جميليف عن أن تتار أوكرانيا سيعقدون مؤتمراً خلال أسابيع لتحديد موقفهم من السلطات الجديدة في القرم، لكنه أقرّ بصعوبة معارضتهم السلطات الروسية، وقال: «لن يتخلى التتار طوعاً عن المواطَنة الأوكرانية، لكن إذا فرضت موسكو المواطَنة الروسية عليهم، فسيضطرون إلى أخذ جوازات السفر تلك، للضرورة أحكام». بعثة مراقبين في روسيا، أملت وزارة الخارجية بأن «تساعد بعثة قررت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا نشرها في أوكرانيا في حل الأزمة ووقف عربدة عصابات القوميين تمهيداً للتوصل إلى توافق وطني، وأن تساهم أيضاً في الحفاظ على الحقوق الاجتماعية والسياسية والدينية والتعليمية لسكان كل مناطق هذا البلد». وأشارت إلى أن التوافق على هذا القرار «جاء بعد مفاوضات شاقة وبحث مشترك عن حلول مقبولة لكل الأطراف، وبمشاركة نشطة للديبلوماسية الروسية واتصالات على أعلى المستويات». وشددت الوزارة على أن تفويض البعثة يعكس الواقع السياسي والقانوني الجديد، ولا يسري على القرم ومدينة سيفاستوبول اللتين أصبحتا جزءاً من روسيا. العقوبات على روسيا وفي رد جديد على عقوبات الغرب، اعتبرت الخارجية الروسية أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على 33 روسياًوأوكرانياً بسبب استفتاء القرم «انفصال عن الواقع». في واشنطن، قال مسؤولون أميركيون إن «العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة على روسيا الأسبوع الماضي، وشملت 20 شخصاً ومصرفاً، أعدت بعناية لتجنب استهداف الدائرة المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين، وتفادي استفزاز موسكو ودفعها للانتقام من شركات أميركية». وأوضح مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه، أن «المخاوف من احتمال حدوث رد انتقامي من جانب روسيا ساهمت في بلورة المناقشات الخاصة بالعقوبات المناسبة داخل البيت الأبيض، وثمة إدراك بأنه حتى العقوبات الموجهة قد يكون لها تأثير واسع». وأعلنت وزارة العدل الأميركية أن هيئة محلفين فيديرالية كبيرة في ولاية ميسوري اتهمت فيكتور لبوخين، الرئيس سابق لشركة «سيفرستال يو إس أيه» لصناعة الصلب، وهي فرع من شركة «أي أو سيفرستال» الضخمة في روسيا، بإخفاء بين 4 ملايين و7.5 مليون دولار في حسابات مصرفية ببنك «يو بي إس» بين عامي 2002 و2007، بعيداً من سلطات الضرائب الأميركية. وأشارت الوزارة إلى أن لبوخين الذي يُقيم في ولاية إيلينوي، استخدم شركات وهمية مقرها جزر البهاما، لتنفيذ تحويلات لحساباته في سويسرا. إلى ذلك، قررت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في ضوء التوترات المتزايدة مع روسيا، النظر في ما إذا كان استخدامه محركات صواريخ روسية لإرسال أقمار اصطناعية أميركية إلى الفضاء الخارجي يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي. وقالت الناطقة باسم الوزارة مورين شومان: «أمرت الوزارة سلاح الجو بإجراء مراجعة إضافية للتأكد من أننا ندرك جيداً كل التداعيات، وبينها وقف استخدام محركات «آر دي 180» المصنعة في روسيا في صواريخنا الفضائية من طراز اطلس 5»، والذي يعود إلى عام 1995. وفي كندا، أفادت شركة «بومباردييه» بأن العقوبات على روسيا تهدد بإطاحة عقد ضخم بينها وبين مجموعة «روستيك» الروسية الحكومية القابضة حول بيع طائرات وبناء مصنع للتجميع في روسيا. وقال غي هاشيه، رئيس قسم الطيران في «بومباردييه»: إن «العقوبات وارتفاع التوترات بين دول مجموعة السبع وروسيا أدت إلى تباطؤ المفاوضات». وكانت «بومباردييه» وقعت الصيف الماضي مذكرة نيات مع «روستيك» وشركتين للتأجير التمويلي في شأن بيع مئة طائرة من طراز «كيو400» التي تعمل بمحركات مراوح وتتسع لما بين 70 و80 راكباً. وتبلغ قيمة العقد 3.4 بلايين دولار. وعلى غرار شركائها الأميركيين والأوروبيين فرضت كندا عقوبات اقتصادية على مسؤولين روس ومنعتهم من الحصول على تأشيرة للدخول إلى أراضيها. ونشر رئيس الوزراء ستيفن هاربر قبل سفره إلى أوكرانيا أول من امس، لائحة بأسماء 14 شخصية روسية أضيفت إلى لائحة العقوبات هذه، إضافة إلى «مصرف روسيا.