نواصل قراءة ورقة الشيخ الأحمد عن الحسبة لغير العاملين في الجهاز الرسمي، حيث يقول في الوسيلة الثالثة التي سماها الحسبة بالكتابة ما نصه: «الكتابة إلى الشخص الذي يحتاج إلى مناصحة: مغنٍ، ممثل، تاجر يملك قناة محرمة، مبتدع، صاحب فكر منحرف، وهكذا...». وهنا لا بد أن أتساءل لماذا أهمل شيخنا حفظه الله بقية فئات المجتمع، وهو ربما يعلم أن الفساد ليس حكراً على فئة دون أخرى، فهناك القاضي الذي لا يلتزم بالدوام والمعلم الذي لا يقوم بالأمانة على الوجه الأكمل، وهناك صاحب المكتب العقاري الذي يكذب والتاجر الذي يغش والموظف المرتشي وغيرهم كثير فلماذا يقتصر المحتسب بالكتابة إلى هذه الفئات دون غيرها؟ ثم في «الوسيلة السابعة التي سماها: «الحسبة الميدانية» يقول –رعاه الله-: «والمعنى إنكار المنكر الذي يشاهده أمامه في الشارع أو السوق أو العمل أو المستشفى أو غير ذلك»، وقد حدد ذلك بنوعين هما: «الاحتساب العارض؛ كمن ذهب للسوق للشراء أو المستشفى للعلاج أو في طريقه إلى المسجد أو العمل والاحتساب المقصود، كذهاب المحتسبين إلى مكان المنكر؛ كالتجمعات الشبابية في الشواطئ والأرصفة، أو محال بيع الجراك والشيشة وأشرطة الغناء والفيديو المحرم، أو البنوك الربوية، أو الأسواق، أو التموينات التي تبيع الدخان والمجلات المحرمة أو غير ذلك». وهنا لي وقفات أولها: كيف يذهب المحتسب للإنكار على البنك الذي يعمل تحت حماية الدولة وفي ظل قوانينها؟ وثانيها على أي أساس يعتبر الأحمد هذه الأماكن خاصة بالمنكر فكثيراً ما نرى شباباً وشابات يصلون ويتذاكرون على الأرصفة والشواطئ. ثم هل يخفى على الشيخ أن هناك بعض المنكرات التي تم اكتشافها في أماكن غير مشبوهة بما فيها -أعاذنا الله من الشر- بعض أماكن العبادة؟ وكان من أطرف ما قرأت في هذا الباب بعض التنبيهات التي ضمنها الشيخ للمحتسبين ومنها قوله: «لبس المشلح شرط في الدورية الراجلة لجميع المحتسبين في السوق، وهو الأساس في دفع المنكرات وتراجع المعاكسين وغيرهم»، ولا ادري ما هو الأساس العلمي الذي بنى عليه الشيخ هذه المعلومة، ولكن المؤكد انه يؤمن بأهمية لبس المشلح لدرجة أنه نصح المحتسبين ضمن «الوسيلة الثامنة» من وسائل الاحتساب التي سماها «الزيارة»، ويقصد زيارة أهل المنكر ب «الاحتفاظ بالجانب الرسمي الاعتباري للزائرين «مشايخ» وفي اللباس «بشت»، وأكد «أن يكون من بين الوفد من يتولى التعريف بالمشايخ، ولا يلبس البشت»، وهنا -ومرة أخرى- أسأل شيخنا الفاضل وأقول: «إذا كانت هذه الدراسة موجهة لعموم المسلمين ونحن نعلم أن معظمهم لا يعرفون المشلح ناهيك عن استخدامه فكيف سيطبقون ما ورد في هذا البحث العلمي المحكم، خصوصاً أن الدراسة لم تتحدث عن بدائل للمشلح في تلك البلدان؟ كل الدلائل تشير إلى أن هذه الدراسة كانت ستقدم في مؤتمر الحسبة بعد أن تمت دعوة الأحمد رسمياً لذلك، خصوصاً أن صديقنا الفاضل -عدو التغريبيين- أكد أنه تم تضمينها في كتاب المؤتمر المعنون: «أوراق عمل ندوة الحسبة وعناية المملكة العربية السعودية بها» في الصفحات من 173 إلى 227»، وعلى هذا فإننا يجب أن نعترف بان هذا أمر خطر للغاية، إذ يشرعن للعمل غير الرسمي الذي يتعارض تماماً مع سلطة الدولة وهيبتها، كما أنه يشكك في صدقية الهيئة التي تؤكد دوماً أنه لا يوجد متعاونون غير رسميين معها، ومما يزيد من خطورة الأمر أن الدلائل تشير إلى أن معظم الحوادث التي صاحبها عنف أفضى أحياناً إلى الموت خلال المداهمات كان بسبب المتعاونين غير الرسميين مع جهاز الهيئة. إننا هنا نناشد الرئيس العام للهيئة الشيخ الفاضل عبدالعزيز الحمين –الذي سبق أن تشرفت بلقائه وأكن له احتراماً وتقديراً عميقين– أن يوضح لنا ملابسات هذا الأمر، وهل كان على علم بما يجري أم أنه كان بترتيب من وكيله دون علمه، وإنا لمنتظرون. [email protected]