تجمع حشد في وسط عاصمة قرغيزستان المحترق اليوم الجمعة حدادا على 75 شخصا على الأقل قتلوا في انتفاضة أطاحت بالحكومة وألقت شكوكا على مستقبل قاعدة جوية أميركية في البلاد. وأمضت مجموعات من الحراس المتطوعين الذين نظمتهم الحكومة الانتقالية في قرغيزستان ليلاً في مكافحة المشاركين في عمليات سلب ونهب لإعادة الهدوء للعاصمة بيشكك بعد أعمال شغب أجبرت الرئيس كرمان بك باكاييف على الفرار إلى معقله في جنوب البلاد. ورفض باكاييف التنحي عن منصبه لكنه عرض إجراء محادثات مع زعماء المعارضة الذين أعلنوا سيطرتهم على الجمهورية السوفيتية السابقة التي يبلغ عدد سكانها 5.3 مليون نسمة وتستضيف قاعدة عسكرية أميركية وأخرى روسية. وقالت فاطمة إيمانعلييفا وهي مدعية سابقة والدموع تنهمر من عينيها في الميدان الرئيسي في بيشكك "يجب محاكمة باكاييف وإعدامه على كل هذه الجرائم." وذكرت أن اثنين من أصدقائها كانا من بين الذين قتلوا خلال مظاهرات الأربعاء عندما أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية على المتظاهرين. وقالت "لن نسامحه أبدا.. هذه ثورتنا." وخيمت الانتفاضة في قرغيزستان التي يقول قادتها إنها تحظى بتأييد روسي على اتفاق لخفض الأسلحة النووية وقعه في براج الرئيسان الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف. وبينما وقع الرئيسان الاتفاق أمس الخميس في إطار جهود "لإعادة ضبط" العلاقات المتوترة بين واشنطنوموسكو حث مسؤول كبير في الوفد المرافق لميدفيديف قرغيزستان على إغلاق القاعدة الجوية الأميركية في ماناس والتي تدعم العمليات العسكرية في أفغانستان. وقالت القيادة الجديدة في قرغيزستان التي تتصدرها روزا أوتونباييفا (59 عاما) أمس الخميس إن روسيا ساعدت في الإطاحة بباكاييف وإن مدة تأجير الولاياتالمتحدة للقاعدة الجوية في ماناس ستختصر على الارجح. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن مصدر حكومي لم تكشف عنه قوله إن القيادة الجديدة في قرغيزستان أرسلت وفدا إلى موسكو اليوم الجمعة لإجراء محادثات. ولم يتسن على الفور التأكد من صحة هذا التقرير. وقال عمر بك تيكيباييف وهو زعيم سابق للمعارضة تولى مسؤولية الشؤون الدستورية في الحكومة الجديدة أمس الخميس "روسيا لعبت دورها في الإطاحة بباكاييف." وقال لرويترز "رأيتم حجم فرحة روسيا لدى مشاهدة باكاييف يرحل." ومضى يقول "والآن هناك احتمال كبير في أن مدة بقاء القاعدة الجوية الأميركية في قرغيزستان ستختصر." وهونت واشنطن التي لم تحدد بعد بوضوح من تعتبره مسيطرا على قرغيزستان من التهديد الموجه للقاعدة. وقال بي.جي كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "لدينا اتفاق قائم مع حكومة قرغيزستان." وذكر جيمس نيكسي وهو محلل في تشاتام هاوس وهو مركز أبحاث مقره لندن ان المخاوف بشأن استمرار العمليات الأميركية من قاعدة ماناس الجوية قد تكون بلا أساس. وقال "أي حكومة تتشكل في قرغيرستان في المستقبل ستكون في حاجة إلى الأموال وتحمل المسؤولية السياسية." واستطرد قائلا "لكن الوضع مقلق بطبيعته في منطقة اكتسبت أهمية جديدة منذ هجمات 11 سبتمبر والحرب العالمية على الإرهاب." وسمع صوت إطلاق نيران بشكل متقطع خلال الليل في العاصمة بيشكك. وقال عبد الخالق اسماعيلوف وهو متحدث باسم وزارة الداخلية "لا تزال هناك بعض الجماعات التي تقوم بأعمال نهب لكن تمت السيطرة على المدينة على نحو كبير." وتجمع حوالي ألف شخص في المبنى الحكومي الذي أحرق وحوله. وركع رجال يرتدون قلنسوات بيضاء تقليدية في صفوف للصلاة بينما وضع أقارب وأصدقاء ينتحبون زهورا بجوار قائمة باسماء الذين قتلوا أثناء الاحتجاجات. وشيعت جنازات قتلى في المدينة قبل حفل تأبين مقرر غدا السبت. ونظمت الحكومة التي عينت نفسها جماعات لحراسة بيشكك أثناء الليل ومكافحة المشاركين في عمليات السلب والنهب الذين جردوا المباني الحكومية من محتوياتها وأشعلوا النار في السيارات والمباني. وقال ارمان أوسبانوف (38 عاما) وهو أحد الحراس المتطوعين لرويترز "لم أكن متأكدا من أنني سأنجو ولكن يتعين علينا حماية بيوتنا وزوجاتنا وأطفالنا." وصرح إسماعيلوف بأن بعض المشاركين في السلب كانوا يقودون السيارات أثناء الليل في بيشكك وهم سكارى ويطلقون النار بشكل عشوائي من سيارات لا تحمل لوحات أرقام. ولم يتسن على الفور التحقق من صحة هذه البيانات من جهة مستقلة. وامتدت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في قرغيزستان حيث يبلغ متوسط الأجر الشهري حوالي 130 دولارا ويعيش ثلث السكان تحت خط الفقر إلى العاصمة من بلدات إقليمية. وقد يعتمد الكثير الآن على رد فعل باكاييف. وتحدث الرئيس المخلوع لرويترز أمس الخميس من مكان لم يكشف عنه في جنوب قرغيزستان وقال إنه لا يعتزم التنحي. وطالبته الحكومة الجديدة بالاستقالة. وقالت أوتونباييفا التي عملت وزيرة للخارجية في عهد باكاييف بعد أن ساعدته في الوصول إلى الرئاسة أثناء "ثورة التيوليب" قبل خمسة أعوام إن الاحتجاجات التي أطاحت به من السلطة جاءت ردا على "قمع وطغيان" نظام حكمه. (* ماريا كولوفنينا) هذا وذكر متحدث أن القاعدة الجوية الأميركية في قرغيزستان استأنفت عملياتها الطبيعية بعد أن كانت أوقفت رحلاتها بسبب الاضطرابات العنيفة في العاصمة بيشكك. وكانت القوة التي يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان قد قالت امس الخميس إن الرحلات من قاعدة ماناس التي تدعم العمليات العسكرية في أفغانستان علقت وسط اشتباكات أسفرت عن سقوط 75 قتيلا على الأقل ودفعت الرئيس الى الفرار من بيشكك. من ناحية أخرى، قال مدعي عام قرغيزستان الجديد اليوم إنه تم فتح تحقيق جنائي مع مكسيم ابن الرئيس كرمان بك باكاييف وشقيقيه غني بك ومراد. وقال بيتمير ابراييف المدعي العام المعين من قبل الحكومة الجديدة التي نصبت نفسها "لدينا أدلة على أن هؤلاء الأشخاص تلقوا أوامر بإطلاق الرصاص على المدنيين."