حين يدقق المرء في تصريحات وسلوك رموز الإدارات الأميركية يشعر بأن سلوك بعضهم إرهابي. فالجنرال جيفري هاموند قائد القوات الأميركية في بغداد هرع إلى زعماء العشائر في منطقة الرضوانية من بغداد ليقدم اعتذاره عن حادثة قيام أحد جنوده بالتدرب على الرماية على المصحف الشريف بتاريخ 11/5/2008. وخاطبهم قائلاً: «أتيت إليكم طبعاً للصفح وأرجو أن تغفروا لي ولجنودي. وأعترف أن تصرفات هذا الجندي ليست سوى سلوك إجرامي». ويبدو أنه أعتبر أن الإقرار بجريمة جنوده وتقديم اعتذاره كافٍ ووافٍ على جرائمهم، وأنه لا حاجة لمحاسبة بعض جنوده على سلوكهم الإجرامي والإرهابي! والجندي الأميركي ستيفن دي غرين أقر باغتصابه مع رفاقه فتاة عراقية لم تبلغ سن الرشد، ثم قيامه مع رفاقه بقتلها مع أسرتها وإحراق جثثهم لطمس جريمتهم القذرة. وبعد أن كشف النقاب عن الجريمة أقر مفاخراً أمام المحكمة الأميركية بجريمته، واعترف بأنه قال عدة مرات لضابط أميركي من رؤسائه بأنه يريد قتل جميع العراقيين. وعلى رغم إقرار المحكمة بأن الجريمة لا يمكن تصورها ولا تبريرها ولا الصفح عن مرتكبيها لبشاعتها إلا أن هيئة المحلفين لم تتمكن من التوصل إلى إجماع لإصدار حكم بالإعدام على أحد من الجناة أو حتى على المجرم ستيفن دي غرين، فقررت إصدار خمسة أحكام بالسجن المؤبد عليه. فكأن العدالة الأميركية تعتبر أن قتل غير الأميركيين أو الإسرائيليين لا يستوجب المسؤولية ولا العقوبة مهما كانت بشعة. أما قتل أميركي أو إسرائيلي من قبل غيرهما فيستوجب غزو بلاد القاتل، وتدميرها، وخطف أهل القاتل وذويه ورفاقه وأصدقائه وسجنهم في معتقل غوانتانامو أو في سجون سرية لتعذيبهم وإذلالهم ومن ثم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية أميركية لإعدامهم. فالعدالة الأميركية بمنطق المحلفين في هذه المحكمة يدل على أنها غريبة عجيبة! ثم كيف يمكن إقناع أسرتي السعودي ياسر الزهراني البالغ من العمر 22 سنة واليمني صلاح السالمي البالغ من العمر 33 سنة بالرواية الرسمية الأميركية من أن الشابين انتحرا في زنزانتيهما في معتقل غوانتانامو. بينما ينفي حراس أميركيون الرواية الأميركية الرسمية، ويؤكدون أن المعتقلين المذكورين نقلا إلى مستوصف المعتقل بعد أن فارقا الروح في مكان آخر تحت التعذيب، بينما يصر القضاء الأميركي على رفض طلب الحارس الأميركي جو هيكمان تقديم معلومات يملكها لكشف الحقيقة بحجة أن معلوماته لا يمكن التثبت منها! وحين نشر بعض الصور عن أعمال التعذيب في سجن أبو غريب، عبر الرئيس السابق جورج بوش أحد عمالقة الدجل عن عميق اشمئزازه منها وقال: إنها تصرفات لا تعكس طبيعة الشعب الأميركي ولا الطريقة التي يتم التعامل بها مع الأشياء في الولاياتالمتحدة. وسارع وزير الدفاع السابق رامسفيلد الى الرد عليه بقوله إن هناك المزيد من أفلام الفيديو والصور التي قد يكون تأثيرها أسوأ مما نشر بكثير. ومع ذلك لم تتحرك العدالة الأميركية لمتابعة القضية، ولم يحاسب سوى عدد محدود جداً من الجنود وصغار الرتب، بينما لم تطاول العدالة الأميركية من أقروا بأنهم هم من أصدروا هذه الأوامر الإجرامية. وكأن حصانتهم الوظيفية تجيز لهم ممارسة الإرهاب، وأنهم فوق القانون والقضاء بحيث لا يجوز حتى مساءلتهم على رغم أنهم أساؤوا لبلادهم وشوهوا سمعتها وخانوا الأمانة ولوثوا شرفهم وشرف جيشهم وبلادهم. فأي عدالة هي العدالة الأميركية حين تطاول منفذ الجريمة ولا تطال الآمر بتنفيذها! وجاء أوباما ليسدل الستار على كل هذه الممارسات وكأن شيئاً لم يكن. والمضحك أنه هو من خاطب العراقيين أثناء انتخابات الرئاسة الأميركية قائلاً: إياكم وإعطاء الرئيس الفاشل مكافأة على غزوه بلادكم واحتلالها وتدمير شعبكم. ولكنه حين ضمن فوزه راح يحثهم على منحه ومنح بلاده وجنده مكافأة غزو واحتلال وتدمير بلادهم. أما وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس فقد أصدر أمراً يقضي بعدم استخدام القنابل العنقودية أو الاحتفاظ بها إذا لم تصل نسبة انفجارها إلى 99 في المئة. وبيع كل ما لدى بلاده من قنابل عنقودية لا تصل نسبة انفجارها بالميدان إلى 99 في المئة وما دون فوراً إلى دول أخرى شرط ألا تستخدمها هذه الدول بعد عام 2018. وكأنه يعلن عن أوكازيون للحروب بين الدول لمدة عشر سنوات كي يوفر لبلاده فرصة بيع هذه القنابل ليستوفي أثمانها ولو اقتضى الأمر زهق أرواح البشر بدلاً من أن يأمر البنتاغون بتدميرها. ثم من ينسى سلوك إدارة الرئيس جورج بوش حين أنفقت 50 بليون دولار لتطوير الأسلحة البيولوجية، بينما تطالب بقية دول العالم بإتلاف ترسانتهم من أسلحة الدمار الشامل وحتى من الأسلحة التقليدية!