تعقد الهيئة العليا للمعارضة السورية أول أجتماعاتها في الرياض اليوم وغداً بحضور ممثلي 11 فصيلاً مقاتلاً، بعدما تسلم أعضاؤها ال 34 نسخة منقحة للبيان الختامي لمؤتمر الرياض، تضمنت تعديلات جوهرية ولغوية بينها رفض «اي ترتيبات مقبلة» للرئيس بشار الأسد واعتماد عبارة «أركان النظام ورموزه» بدلاً من «زمرته»، اضافة الى عبارة تفصيلية عن «هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة». وكان مؤتمر الرياض، الذي حضره 116 معارضاً يمثلون «الائتلاف الوطني السوري» و «هيئة التنسيق للتغيير الديموقراطي» و15 فصيلاً مقاتلاً وشخصيات مستقلة، انتهى بتشكيل هيئة عليا تضم 34 عضواً تتخذ من العاصمة السعودية مقراً لها لإدارة المفاوضات مع وفد النظام. وقال ممثل «هيئة التنسيق» في الهيئة وعضو مكتبها التنفيذي أحمد عسراوي ل «الحياة» ان الاجتماع يرمي الى تشكيل الوفد المفاوض الذي كان جرى الحديث عن تشكيله من 15 عضواً بينهم أربعة من الفصائل المقاتلة، اضافة الى تأسيس هيكلية للهيئة وهيئاتها بما فيها النظام الداخلي والناطق الإعلامي، بموجب مسودة اعدها الديبلوماسي حسام الحافظ. وتنتخب الهيئة رئيساً، حيث تراوحت التوقعات بين رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب والرئيس السابق ل «الائتلاف» أحمد جربا. وقال عسراوي ان الهيئة «لن تكون بديلاً من الائتلاف وإن المرجعية للمفاوضات هو بيان جنيف ولن تكون هناك أي مرجعية اخرى» للوصول الى «تغيير النظام بكل رموزه وأركانه». وزاد: «بات الجميع اقرب الى موقف معارضة الداخل، وهذا موقف نعلنه في الداخل والخارج، لذلك لا نحتاج ضمانات روسية ولا نخاف من اعلان موقفنا». وجرى الحديث بداية عن وفد تفاوضي من المعارضة يضم 40 عضواً اسوة بوفد الحكومة الذي سلمت اسماءه الخارجية السورية الى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، لكن اليوم الأخير من مؤتمر الرياض شهد اقتراحاً ب 15 مفاوضاً. واعترض الأسد على وجود ممثلي فصائل مقاتلة في الوفد التفاوضي، فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انه لا يمكن القبول بوجود «ارهابيين طيبين وآخرين اشرار»، في اشارة الى تنظيمي «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» اللذين شارك ممثلاهما في المؤتمر. ويتوقع ان تترك نتائج محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري في موسكو أول امس، ثقلها على اجتماعات الهيئة العليا. وطلبت موسكو من دي ميستورا العمل على تشكيل وفد من ممثلي مؤتمر الرياض وآخرين. ويعقد المبعوث الدولي في اليومين المقبلين استشارات في نيويورك لاختبار ذلك قبل انعقاد المؤتمر الوزاري ل «المجموعة الدولية لدعم سورية» غداً. وكان الطيران الروسي صعّد غاراته على الغوطة الشرقية لدمشق معقل «جيش الإسلام» بعد انتهاء مؤتمر الرياض. وقال محمد بيرقدار عضو المكتب السياسي ل «جيش الإسلام» وممثل في المؤتمر ل «الحياة» ان الغارات الروسية، التي قتل فيها خمسين مدنياً في يوم واحد، كانت «رسالة روسية الى المعارضة برفض نتائج مؤتمر الرياض»، مضيفاً: «بالنسبة الى الروس، ليس فقط «جيش الإسلام» ارهابياً وليس فقط «الجيش الحر» ارهابياً وليست فقط فصائل المعارضة ارهابية، بل هم يعتبرون المعارضين السياسيين وكل من هو ضد النظام ارهابيين. موقفهم مثل موقف النظام»، لافتاً الى ان الغارات الروسية تركزت على ضرب «الجيش الحر». وكان معسكر «تجمع صقور جبل الزاوية» قرب قرية حاس في ريف ادلب، اول الأهداف التي ضربتها قاذفات روسية في أول حملة قصف في نهاية ايلول (سبتمبر) الماضي، علماً ان هذا الفصيل واحد من حوالى 30 تنظيماً عسكرياً مدرجة على قائمة تلقي الدعم والتمويل بما فيها صواريخ «تاو» في «غرفة العمليات العسكرية» في تركيا التي تضم ممثلين عن عدد من الدول الكبرى والإقليمية بينها أميركا. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية ل «الحياة» في لندن اول امس ان روسيا «عقّدت» الوضع وإنها تقصف فصائل معارضة تقاتل «داعش»، فيما اوضح مسؤول غربي آخر ان 13 في المئة فقط من الغارات الروسية تستهدف «داعش». واعتبر الأخير استهداف فصائل مقبولة غربياً «رسالة روسية الى أميركا». وحضّ كيري روسيا على التركيز على «داعش». ويتّفق قائد «تجمع صقور جبل الزاوية» حسن حج علي مع بيرقدار على «أولوية الضغط على النظام للقيام بخطوات حسن نية قبل بدء المفاوضات». وقال حج علي ل «الحياة»: «نحن متمسكون بثواب الثورة ومستعدون للتفاوض بموجب بيان الرياض، لكن لابد من خطوات حسن نية. لايمكن ان نفاوض قبل وقف إلقاء البراميل والقصف وإدخال المساعدات الإنسانية ووقف القتل لشعبنا». وأضاف: «التزمنا قراراتنا ولانأمل الكثير من النظام وإيران وروسيا، لكن ننتظر من الدول الصديقة ان تدعمنا وتضغط لوقف القتل والقصف وإدخال المساعدات الإنسانية وتطبيق بنود الحل السياسي». وتشكّل الكتلة العسكرية وزناً يمثل ثلث أعضاء الهيئة العليا، وتسعى الى ترجيح رأيها السياسي ومرجعيتها التفاوضية، حيث يشارك في اجتماع اليوم وغداً قادة وممثلو «جبهة ثوار سورية» حسن ابراهيم و «جيش الإسلام» محمد علوش و «الفوج الأول - مدفعية» عبداللطيف حوراني و «جبهة الأصالة والتنمية» إياد شمسي (أضيف لاحقاً) و «ألوية سيوف الشام» سامر حبوش و «جيش المجاهدين» محمد عبدالقادر مصطفى و «جيش النصر» محمد منصور و «الفرقة الساحلية الثانية» بشار منلا و «تجمع أحمد العبدو» بكور سليم، اضافة الى حج علي. ولم يعرف ما اذا كان ممثل «احرار الشام» لبيب نحاس سيحضر اليوم، علماً انه لم يشارك في اجتماع الهيئة مع ممثلي «اصدقاء سورية» في الرياض الجمعة الماضي. وكانت الفصائل المقاتلة، طلبت من رئيس «مركز الخليج للدراسات» عبدالعزيز صقر ادخال تعديلات على البيان الختامي خلال الجلسة الختامية، كرّرتها برسالة خطية وتعلّقت بذكر «الهوية الإسلامية العربية» لسورية المستقبل لأن «هذا حق الأكثرية» وكي تستطيع هذه الفصائل «تسويق مؤتمر المعارضة» خصوصاً بعد التوتر الذي حصل على الأرض بين «احرار الشام» و «جبهة النصرة» وانتقادات القائد السابق ل «الأحرار» هاشم الشيخ (أبو جابر) للمؤتمر. كما احتجت الفصائل على «مبدأ اللامركزية» مع طلبها اضافة عبارة ب «رفض الفيديرالية وتقسيم سورية». وأعلن «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش أمس، انه يدرس الإنسحاب من المؤتمر لعدم تضمين تعديلاته في البيان التي تتعلق ب «تحديد هوية سورية إسلامية عربية واشتراط حل كامل للأجهزة الأمنية لنظام الأسد». ولم يؤخذ بهذه التعديلات، لكن النسخة الأخيرة التي وصلت أول أمس الى اعضاء في الهيئة العليا عشية الاجتماع وحصلت «الحياة» على نسخة منها، تضمنت تعديلات عدة بينها تكرار الحديث عن «مبدأ المواطنة» في اكثر من مناسبة لدى الحديث عن سورية الجديدة والقول ب «وجوب» اعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها (الدولة السورية) الأمنية والعسكرية بعدما كانت كلمة «ضرورة» هي المستخدمة. وأضافت النسخة الأخيرة: «اتفق المشاركون على ان هدف التسوية السياسية هو تأسيس دولة تقوم على مبدأ المواطنة من دون أن يكون لبشار الأسد وأركان ورموز نظامه مكان في أي ترتيبات مستقبلية» بعدما كانت العبارة السابقة ان الهدف هو «تأسيس نظام جديد من دون ان يكون للأسد وزمرته مكان فيه». كما اضيفت عبارة «تأسيس هيئة حكم انتقالي تتمتع بكل الصلاحيات التنفيذية» الى فقرة نصت على تأكيد المجتمعين على «التمسك بتطبيق بنود المرحلة الانتقالية الواردة في بيان جنيف» للعام 2012. وتم حذف عبارة نصت على ان المجتمعين «ابدوا موافقتهم على حل الكيانات السياسية للمعارضة حال تكوين مؤسسات الحكم الجديد». وأوضح عسراوي ان هذا التعديل «جاء بناء على طلبنا لأنه لايمكن حل احزاب صار لها عقود في البلاد». وحذفت مهمة «نزع السلاح» من المهمات التي أعرب المشاركون عن قبولهم بأن تقوم بها الأممالمتحدة والمجتمع الدولي، وتشمل «وقف النار وحفظ السلام وتوزيع المساعدات الإنسانية وتنسيق اعادة الإعمار».