لم يكن أحد من المشاهدين اللبنانيين يتوقع أن تلجأ محطة تلفزيونية غير تلفزيون لبنان الرسمي إلى بث مسلسل من الأرشيف يعود إلى فترة سبعينات القرن العشرين أو ستيناته، لكن هذا ما حصل فعلاً. فالمشاهدون اللبنانيون فوجئوا - بالمعنى الإيجابي طبعاً - بعرض محطة «تلفزيون الجديد» احد أجمل المسلسلات القديمة التي ارتبطت بذكريات أجيال وهو مسلسل «أخوت شاناي» للفنان الراحل نبيه أبو الحسن. والمشاهدون أنفسهم اعتادوا متابعة المسلسلات القديمة على شاشة «تلفزيون لبنان» الذي توقف عن الإنتاج منذ سنوات حين قررت الدولة وقف الهدر فيه وإقالة معظم موظفيه واستمرار عمله على بعض البرامج اليومية والإخبارية. ولم يكن أمام التلفزيون لملء الهواء سوى اللجوء إلى أرشيفه الغني، والذي أغنى عشرات المحطات والفضائيات التي نبتت على أنقاضه. الآن دخلت محطة «تلفزيون الجديد» على خط عرض المسلسلات القديمة، وربما يكون هذا الأمر فاتحة لموجة جديدة تنتقل إلى المحطات الأخرى، خصوصاً أن ما يلفت في التلفزيونات اللبنانية أن يقلد بعضها بعضاً في أنواع البرامج، اذ حين يلقى برنامج على محطة معينة نجاحاً تجد المحطات الأخرى ابتكرت فكرة برنامج مماثل تقدمه الى جمهورها. وبعض هذا الأمر ليس سيئاً، وفيه اضافات وتنويع وامتاع للمشاهدين. وعلى رغم ما يثيره عرض «أخوت شاناي» من حنين لدى أجيال قديمة، وعلى رغم ما يقدمه للأجيال الجديدة من براءة النص ومتعة المشاهد، فإن إعادة بثه على محطة خاصة يثير أسئلة منها: هل هدف بث مسلسل قديم هو ملء الهواء أم توجيه تحية الى فنانين كبار عملوا فيه ورحلوا؟ هل الهدف اعادة اسقاط النقد الذي استخدمه المسلسل قديماً للدولة في حينه، على الدولة الحالية؟ فإذا كان الهدف ملء الهواء فيخشى أن تكون الكعكة الإعلانية تقلص حجمها ولم تعد تكفي المحطات لتقوم بأعباء نفسها. وإذا كان نقداً للدولة فلا أحد مقصرٌ في ذلك، أما إذا كان تحية لفنانين رحلوا فهم يستحقون... مع العلم أن الحي أبقى من الميت والممثلون الأحياء يستحقون أن يكرموا بتوفير أعمال لهم لئلا يستمروا بذرف دموع على التلفزيونات.