بشكيك - اف ب، رويترز - في ختام يوم طويل من العنف، نجحت المعارضة القرغيزية في إطاحة نظام الرئيس كرمان بيك باكاييف، بعدما اقتحم أنصارها مقري الرئاسة والبرلمان في العاصمة بشكيك ومنشآت رسمية أخرى في أنحاء البلاد، واشتبكوا مع القوات الحكومية، ما أدى إلى مقتل عشرات بينهم وزير الداخلية مولود موسى كونغانتييف، وجرح المئات. وفي نهاية اليوم المدوي، قالت المعارضة ان الحكومة قدمت استقالتها وغادر باكاييف العاصمة عبر المطار الى المآتا في كازاخستان، وشُكلت حكومة جديدة برئاسة وزير الخارجية السابق روزا اوتونباييفا. وأكد مصدر في مطار العاصمة ان الطائرة التي غادر الرئيس على متنها «تركت مطار ماناس قرابة الساعة 20.00 بالتوقيت المحلي وعلى متنها خمسة اشخاص». واضاف «ان الطائرة توجهت الى مدينة المآتا في كازاخستان المجاورة». وكانت السلطات في بشكيك استجابت تحت الضغط لمطلب المعارضة واطلقت عشرة من قادتها كانوا معتقلين لديها، واعلنت استعدادها لاجراء مفاوضات معهم حول اصلاحات يطالبون بها، لكن المواجهات استمرت في الشارع. ويبدو أن سيطرة المعارضة على مقار حكومية عدة ومؤسسات حيوية بينها التلفزيون الرسمي في العاصمة ومدن تالاس ونارين وتوكموك (وسط)، فتحت شهيتها لرفع سقف مطالبها. وأعلن أحد أبرز قادة المعارضة عظيم بيك بيكنازاروف أن «المطلوب إطاحة نظام باكاييف» المتهم بالفساد وبإسكات وسائل الإعلام المستقلة، فيما قالت المعارضة البارزة وداعية حقوق الإنسان توكتوايم اوميتالييزا إن «أي نوع من المفاوضات مع الحكومة يمكن أن نتحدث عنها وهم يقتلون أنصارنا؟». وحاصر أنصار المعارضة مزودين بعصي وحجارة القصر الرئاسي الذي يبعد عشرات الأمتار فقط عن مقر البرلمان، علماً أن قوات النخبة تصدت بفاعلية لمحاولات المحتجين اقتحام القصر، وذلك باستخدام الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية، والرصاص الحي الذي شارك في اطلاقه قناصون تمركزوا على سطح المقر الرئاسي. ومع تكرر الهجمات نجح المعارضون في اقتحام القصر والاستيلاء عليه بعد فرار الجنود. في المقابل، نهب المحتجون محتويات منزل الرئيس باكييف في العاصمة. وأفاد شهود بأن أشخاصاً خرجوا من المنزل وفي أيديهم اكياس بلاستيكية ضخمة مليئة بملابس وأغطية أسرة وسجاد. واحتجز أنصار المعارضة عدداً من أركان الحكومة بينهم نائب رئيس الوزراء اكيل بيك جاباروف، ما أثار مخاوف من ثورة جديدة تأتي بعد خمس سنوات على «ثورة السوسن» التي أطاحت الرئيس السابق عسكر اكاييف في نيسان (أبريل) 2005. ووسط الفوضى العارمة، اتهم رئيس الوزراء القيرغيزي دانيار اوسينوف موسكو بدعم المعارضة، بعد لقاء رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين زعيمها تامير سارييف والذي أوقف أيضاً بعد وصوله إلى مطار بيشكك صباح أمس، قبل إطلاقه لاحقاً. وأغضبت الاتهامات موسكو التي دعت «كل الأطراف إلى ضبط النفس». وحض بيان أصدره الناطق باسم الخارجية الروسية أندريه نيستيرينكو «المحتجين والسلطات القرغيزية على عدم اللجوء إلى العنف وتجنب إراقة الدماء». ولاحقاً، نقلت الوكالة الروسية للإعلام (إر إي إي) عن بوتين نفسه قوله إن «لا روسيا ولا العبد الفقير (هو) ولا المسؤولون الروس لديهم أي صلة بأي شكل من الأشكال بهذه الأحداث». وفرضت موسكو تدابير مشددة لحماية القاعدة العسكرية الروسية في مدينة قانت القيرغيزية، في وقت أشار غريغوري كاراسين الى محاولة جهات خارجية ربط الوضع في قرغيزستان بالسياسة الروسية في آسيا الوسطى»، علماً أن صراعاً على النفوذ يدور بين موسكووواشنطن في قرغيزستان، الدولة الوحيدة في العالم التي تؤوي قاعدتين جويتين: أميركية وروسية. أما السفارة الأميركية في بشكيك فدعت كل الأطراف إلى احترام القانون، والمتظاهرين والحكومة إلى بدء محادثات من اجل حل خلافاتهما «بطريقة سلمية». وفي واشنطن، اكد الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي مايك هامر ان البيت الابيض يتابع بقلق أنباء العنف في قرغيزستان وحض جميع الاطراف على ضبط النفس. وقال «نراقب الموقف عن كثب ونشعر بالقلق بخصوص أنباء العنف والنهب وندعو جميع الاطراف الى الامتناع عن اللجوء الى العنف وممارسة ضبط النفس».