حكمت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المشدد خمس سنوات على ضابطين في جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية بعد إدانتهما بضرب المحامي كريم حمدي وتعذيبه على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم للشرطة في القاهرة أخيراً، في حكم هو الثاني من نوعه خلال يومين. وتضمن الحكم إحالة الدعوى المدنية المقامة من أسرة المجني عليه على المحكمة المدنية المختصة لنظرها والفصل فيها. وتلك الدعوى تخص الحصول على تعويض مادي. ولم يحضر الضابطان جلسة النطق بالحكم، إذ سبق للمحكمة إخلاء سبيلهما على ذمة القضية قبل الفصل فيها، وهذا الحكم قابل للطعن عليه أمام محكمة النقض، ولكن يُشترط توقيفهما ومثولهما أمام المحكمة لقبول الطعن. وكانت النيابة أحالت الضابطين على المحاكمة لاتهامهما ب «تعذيب محام أثناء احتجازه داخل قسم شرطة المطرية، بقصد حمله على الاعتراف بارتكاب جرائم لمصلحة جماعة الإخوان الإرهابية، فأحدثا به إصابات جسيمة متعددة أودت بحياته، على نحو ما جاء بتقرير الطب الشرعي». وجهاز مباحث الأمن الوطني هو وريث جهاز مباحث أمن الدولة، الذي طالما تمتع ضباطه بحصانة غير رسمية ضد أي انتهاكات أو تجاوزات متعلقة بعملهم، وهو جهاز معلوماتي بالأساس، ومعني أساساً بمكافحة الإرهاب والنشاط المتطرف للجماعات الدينية المتشددة. واضطرت السلطة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير إلى تغيير اسمه بعد اقتحام مقراته في أعقاب ثورة 25 يناير 2011. وتعاظم دور جهاز مباحث الأمن الوطني، بعد تهميشه، بسبب تزايد خطر الإرهاب ووتيرة أعمال العنف، إثر عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013. ويُعد الحكم بسجن ضابطين في جهاز الأمن الوطني بسبب تعذيب مواطن لافتاً، نظراً لميراث متراكم من التجاوزات بلا أي عقاب، التي كان لها دور بارز في اندلاع ثورة 25 يناير. وكانت محكمة عاقبت قبل يومين ضابطاً في الشرطة بالسجن 5 سنوات بعدما دانته بضرب متهم داخل أحد أقسام الشرطة في البحيرة شمال مصر حتى الموت. وطفت على السطح أخيراً تجاوزات الشرطة، في وقائع عدة، أبرزها في محافظتي الأقصر والإسماعيلية، إذ توفي شاب في الأقصر يُدعى طلعت شبيب وطبيب في الإسماعيلية بعد ساعات من توقيفهما، واتهم أهلهما ضباطاً في الشرطة بقتلهما جراء التعذيب. وأثبت تقرير الطب الشرعي أن شبيب «تعرض لضربات قاتلة في منطقة العنق بجانب ضربات في منطقة الظهر أدت إلى حدوث كسر في الفقرات، نتج منه قطع في الأحبال الشوكية، ما سبب وفاته». وأحالت النيابة الكلية 4 ضباط و5 من أمناء الشرطة على المحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة «ضرب أفضى إلى الموت» في تلك الواقعة. وتعهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محاسبة المتجاوزين، لكنه وضع تلك التصرفات في خانة «التجاوزات الفردية»، رافضاً تعميمها على كل المؤسسة. من جهة أخرى، حددت محكمة النقض جلسة 9 كانون الثاني (يناير) المقبل، للنطق بالحكم في الطعن المقدم من الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في شهر أيار (مايو) الماضي، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات لإدانتهم بالاستيلاء على نحو 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية. وطلب الدفاع عن مبارك ونجليه «إلغاء» حكم الإدانة والقضاء ببراءتهم، في حين أوصت نيابة النقض، في تقريرها الاستشاري المرفوع إلى المحكمة، بتأييد الحكم الصادر بالإدانة من محكمة الجنايات. وبخصوص محاكمات قادة جماعة «الإخوان المسلمين»، قررت محكمة جنايات القاهرة إرجاء أولى جلسات محاكمة 739 متهماً من بينهم مرشد الجماعة محمد بديع في قضية «فض اعتصام رابعة»، إلى جلسة 6 شباط (فبراير) المقبل. وفضت قوات الأمن بالقوة اعتصاما لآلاف من أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية في 14 آب (أغسطس) 2013، ما أسفر عن مقتل مئات المعتصمين، وعدد من أفراد الأمن. وأمرت المحكمة أمس بإلقاء القبض على المتهمين الفارين، ومن بينهم نجل الرئيس المعزول أسامة محمد مرسي. ولم يحضر أي من المتهمين الجلسة، بسبب عدم انتهاء السلطات المعنية من أعمال توسعة القاعة وقفص الاتهام، ليستوعب العدد الكبير من المتهمين. ووجهت النيابة للمتهمين تهماً بارتكاب جرائم «التجمهر واستعراض القوة والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والإتلاف العمدي وحيازة مواد في حكم المفرقعات وأسلحة نارية بغير ترخيص». وتضم تلك القضية غالبية قادة الجماعة من الصفين الأول والثاني، وأيضاً قيادات في «الجماعة الإسلامية». وفي قضية أخرى، أيدت محكمة النقض الحكم الصادر من محكمة الجنايات بإعدام 5 متهمين والسجن المؤبد لإثنين آخرين دينوا ب «الإرهاب»، ليصبح حكماً باتاً ونهائياً، ولا سبيل لوقف تنفيذ العقوبة إلا بعفو رئاسي. وقضت محكمة في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي بإعدام 5 أشخاص والمؤبد لاثنين دينوا ب «تشكيل خلية إرهابية» في ضاحية السادس من أكتوبر عند أطراف القاهرة، قتلت شرطياً من أفراد قوة مكلفة بتأمين كنيسة في الضاحية. وبدأت أمس (رويترز) محاكمة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري السابق صلاح هلال الذي ألقي القبض عليه في أيلول (سبتمبر) بتهمة الفساد بعد دقائق من تقديم استقالته. كما ألقت السلطات القبض على ثلاثة متهمين آخرين في القضية، أحدهم مدير مكتب هلال والآخران رجل أعمال ووسيط. وقالت النيابة العامة أن رشى قدمت لهلال ومدير مكتبه عبر الوسيط مقابل تخصيص قطعة أرض من أملاك الدولة مساحتها 2500 فدان لرجل الأعمال. وأنكر هلال ومدير مكتبه الرشى لدى سؤالهما من المحكمة، لكن رجل الأعمال اعترف بتقديمها كما اعترف الوسيط بما نسب إليه. وقال المحامي شعبان سعيد أن رجل الأعمال والوسيط حاولا الاستفادة من نص قانوني يعفي المتهمين الذين يساعدون العدالة من العقوبة. ومن بين الرشى التي ذكرتها النيابة العامة في بيان أصدرته بعد احتجاز هلال، منزل فاخر بملايين الجنيهات. وأجلت المحكمة النظر في القضية إلى 9 الشهر المقبل للاطلاع على الأوراق وسماع أقوال الشهود.