شهدت مدينة بيشاور شمال غربي باكستان أمس، سلسلة من الهجمات الدموية استهدفت إحداها القنصلية الأميركية في المدينة. وأسفرت الهجمات عن حوالى خمسين قتيلاً بينهم عدد من رجال الأمن وستة مهاجمين. وأعرب البيت الأبيض عن إدانته وقلقه للهجوم على القنصلية والذي تبنته حركة «طالبان - باكستان». وتزامنت الهجمات الدموية في بيشاور مع خطاب مهم للرئيس آصف علي زرداري أبدى فيه تأييده لتعديلات دستورية قدمتها الحكومة إلى البرلمان وتقضي بتقليص صلاحياته لمصلحة نظام برلماني تهيمن عليه حكومة الأكثرية التي ينتمي إليها. وعاشت بيشاور 20 دقيقة من الأحداث المأسوية، عبر هجمات انتحارية على حي يضم القنصلية الأميركية ومقار أمنية مجاورة لها، وإضافة الى القتلى سجل سقوط ثمانين جريحاً في الهجمات التي تخللها تبادل كثيف لإطلاق النار بين مسلحين وقوى الأمن، وعملية كر وفر، أوحت بمزيد من الاختراقات الأمنية في البلاد. وأعلنت «طالبان - باكستان» ان المسلحين ال 15 الذين شاركوا في الهجمات على بيشاور هم من مقاتليها، مشيرة الى ان عملياتها تأتي رداً على التعاون الأمني الباكستاني - الأميركي وحملة الجيش في مناطق القبائل. واقتصرت الأضرار في القنصلية الأميركية على سورها الخارجي، فيما أكدت مصادر أمنية باكستانية أن المبنى يحوي سراديب وأنفاقاً تمكن العاملين فيه من الهرب عبرها. وبدأ اليوم الدموي في بيشاور بتفجير انتحاري استهدف اجتماعاً لأنصار حزب عوامي القومي البشتوني في منطقة دير السفلى قرب سوات، حيث سقط 40 قتيلاً. ووقع الانفجار خلال احتفال أنصار الحزب بإعادة تسمية إقليم بيشاور وفقاً لرؤيتهم القومية التي تعارضها الجماعات المتشددة. وبعد ساعات انفجر الوضع الأمني في قلب بيشاور حيث سجل تفجيران سبقا محاولة متشددين مدججين بالسلاح اقتحام القنصلية المحاطة بحراسة مشددة في حي عسكري. وبدأ الهجوم المنسق باقتحام انتحاري بسيارة مفخخة نقطة تفتيش على بعد خمسين متراً من مبنى القنصلية ل «فتح ممر» إليها، كما قال قائد شرطة المدينة لياقات علي. وفجرت سيارة مفخخة ثانية قرب حاجز عند مدخل القنصلية وتبع ذلك إطلاق نار بأسلحة رشاشة وصواريخ وإلقاء قنابل يدوية بين المهاجمين وقوى الأمن التي قتلت مهاجمين راجلين حاولا شق طريق، فانفجرت سترتاهما المحشوتان بالمتفجرات قبل وصولهما الى مقر القنصلية. وأحصى وزير الإعلام في الولاية ميان افتخار حسين أحد عشر قتيلاً في الهجوم، هم خمسة من عناصر قوات الأمن وستة مهاجمين. وأعلنت السفارة الأميركية في إسلام آباد ان باكستانيين اثنين على الأقل من حراس القنصلية قتلا كما دانت في بيان الهجوم في دير السفلى. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن عزام طارق الناطق باسم «طالبان باكستان» قوله: «نعلن مسؤوليتنا عن الهجوم على القنصلية الأميركية في رد على غارات الطائرات من دون طيار الأميركية» في المنطقة القبلية غرب باكستان. وأضاف: «لدينا 2800 الى 3 آلاف فدائي، وسنشن مزيداً من الهجمات من هذا النوع ونستهدف كل الأماكن التي يتواجد فيها الأميركيون». وفي واشنطن، أعرب البيت الأبيض عن «قلقه العميق» اثر الهجوم. ونقل الناطق باسمه روبرت غيبس عن الرئيس الأميركي باراك اوباما تنديده الشديد بالهجوم. كذلك نددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون بالهجوم الانتحاري أثناء التجمع السياسي في شمال باكستان وبمحاولة اقتحام القنصلية الأميركية. واستنكرت «هذا العنف الذي يرمي الى تقويض الديموقراطية والمنطقة»، كما أفاد بيان صادر عن الناطق باسمها. وسبق أعمال العنف تلك، خطاب لزرداري أمام البرلمان تحدث فيه عن جهود السلطات في مواجهة العنف والتطرف، مشيراً إلى أن حكومة حزب الشعب الذي يتزعمه ورثت العديد من المشاكل من عهد «الديكتاتور» السابق الجنرال برويز مشرف. وأشاد زرداري باقتراح الحكومة تعديلات دستورية تنقل العديد من صلاحياته الى رئيس الوزراء والبرلمان وتعطي الأقاليم حكماً ذاتياً بصلاحيات أوسع.