الانترنت بانتظار يوم السادس من نيسان (إبريل) 2010، وربما فاقت أشواقها ما قد تحمله السياسة في أحشائها لهذا اليوم. هل تصدق التوقّعات التي تقول بأن "حركة 6 ابريل" تعبر عن التفاعل القوي بين الأجيال الصاعدة في مصر وبين عوالم الانترنت واتصالاتها وشبكاتها وأدواتها وقواها، وأنها ستظهر قوّتها مجدداً فتنجح في تنفيذ إضراب يوازي ما فعلته في العام 2008؟ هل يأتي الغد ليصدق الرؤية الاخرى الأكثر تحفّظاً، التي ترى أن نجاح "حركة 6 ابريل" في البروز المؤثّر عام 2008، حين استطاعت إفراغ شوارع القاهرة من الناس الذين دعتهم الى إضراب احتجاجي، إنما جاء من الأفضلية التي منحتها "الصدمة الأولى" لهذه الحركة، بمعنى ان النجاح جاء من عنصر سلبي تمثّل في عدم وجود خبرة لدى الناس حيال ما يجري تداوله على الإنترنت، وبالتالي فإن امتناع كثير من المصريين عن الذهاب الى أعمالهم أنما جاء من التوجس والقلق، وليس من الاستجابة لتحريض مجموعة من نشطاء السياسة على الإنترنت؟ غني عن القول ان الاجابة عن هذه الاسئلة لا تأتي من مجرد الإنشغال بالمعرفة، ولا هي مجرد حشرية علمية للتعرف على الأثر الذي قد يولّده التقدم التقني في الاتصال العام (وكذلك الاعلام العام) في بلد عالمثالثي. ولعله من نافل القول أيضاً أن الحراك السياسي الذي يواكب الحديث عن ترشح الدكتور محمد البرادعي الى الرئاسة المصرية، يزيد من القلق حيال هذه الاسئلة، خصوصاً ان نفراً من شبيبة "حركة 6 إبريل" شاركوا في استقبال البرادعي عند عودته الى مصر أخيراً. ولكن المسألة غائمة الى حدّ كبير. وطريّ في الذاكرة ان مؤتمراً عن الثقافة العربية والانترنت، عقد في الكويت أخيراً، قد شهد تقويماً متناقضاً ل"حركة 6 ابريل" وأثرها في المجتمع المصري. ورأى الباحث الاستراتيجي في "الأهرام"، السيد يسين أن تلك الحركة لم تستطع تحريك ساكن في شوارع مصر عام 2009، حين جددت دعوتها للإضراب العام. وفي المقابل، رأت الباحثة رشا عبد الله، وهي مدرسة للإعلام في الجامعة الأميركية يف القاهرة، أن الانترنت استطاعت ان تهز الحياة السياسية في مصر، وقدّمت اسلوباً جديداً في العمل السياسي والديمقراطي، بحيث تمكنت مجموعة من الشباب اتّخذت لنفسها اسم "حركة 6 ابريل" على موقع "فايسبوك"، من تحويل وجودها الافتراضي على الانترنت، الى إضراب واسع وتظاهرات في غير مدينة في مصر. وهكذا، لم يبد أهالي مكة أدرى بشعابها، في تلك الندوة الكويتية، بل ظهر أن تلك الحركة ملتبسة الوجه والأثر بالنسبة لدارسي المجتمع المصري المعاصر ومتغيّراته. وفي هذا المعنى، ربما استطاع يوم 6 نيسان (إبريل) ان يحسم هذا الجدل بشأن علاقة السياسة بالانترنت في مصر. ويصعب اختتام النقاش من دون الاشارة الى ان شوارع طهران بدت أكثر حسماً في شأن تلك النقطة، بحيث راجت تسمية حراكها السياسي المحتج على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد في 2009، ب"إنتفاضة تويتر". وقد صاحب ذلك الحراك نزاع بين المعارضة والسلطة على الانترنت والشبكات الاجتماعية والمُدوّنات الالكترونية وحتى رسائل الخليوي النصية "أس أم أس". ولننتظر لنر. * محرر علمي