أكد إعلان الرياض الذي صدر أمس في ختام أعمال الدورة ال36 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في قصر الدرعية بالرياض، أهمية مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وترسيخ مفهوم التكامل بينها في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية. وشدد الإعلان الذي تلاه الأمين العام للمجلس الدكتورعبداللطيف الزياني، على أن الحاجة «أصبحت ملحة لمضاعفة الجهود إلى استكمال الخطوات المهمة التي بدأها المجلس نحو التكامل والترابط والتواصل بين دوله ومواطنيه، وإعلاء مكانة المجلس وتعزيز دوره الدولي والإقليمي، والارتقاء في أداء أجهزة المجلس لتحقيق هذه الأهداف». وأشار إعلان الرياض إلى استعراض قادة دول مجلس التعاون مسيرة العمل المشترك، والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم، وانعكاساتها المباشرة على دول المجلس. وأوضح «الإعلان» أن القادة الخليجيين استلهموا الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها دولهم. وقال: «إن رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك، والقرارات التي اتخذها المجلس الأعلى في هذه الدورة، توفر النهج الأمثل لتحقيق هذه الأهداف خلال العام المقبل، وستقوم المملكة بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء والأمانة العامة لمجلس التعاون لوضعها موضع التنفيذ خلال فترة رئاستها للمجلس». وتهدف رؤية خادم الحرمين الشريفين التي أقرها قادة دول المجلس -بحسب «إعلان الرياض»- «إلى تسريع وتيرة التعاون وخطوات الترابط الأمني والعسكري المؤدية إلى استكمال منظومتي الأمن والدفاع بين دول المجلس، بما يشكل سداً منيعاً أمام التحديات الخارجية التي تواجه دول المجلس والمنطقة». وتوقف «الإعلان» عند رؤية خادم الحرمين الشريفين، التي تضمنت إمكان الاتفاق بين دول أعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها في إطار المجلس، «على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسباً لها. كما تم الاتفاق على تسريع إجراءات إنفاذ قرارات المجلس الأعلى، وإجراءات التصديق على الأنظمة والقوانين والاتفاقات التي يعتمدها المجلس؛ لضمان إنفاذها في مواعيدها التي يحددها المجلس، وهو ما سيسرّع من استفادة المواطن من الخطوات التكاملية التي يتبناها المجلس الأعلى». وتطرق الإعلان إلى كلمة ملك البحرين حمد آل خليفة، التي أكد فيها على «الإدارة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين لأعمال هذه القمة، التي كان لها أطيب الأثر بما خرجنا به من قرارات نوعية، وما توصلنا إليه من نتائج إيجابية تصب في مصلحة تطوير مسيرتنا الخليجية المباركة والارتقاء بعلاقاتنا الأخوية وتعزيز مصالحنا المشتركة»، داعياً قادة دول المجلس إلى عقد الدورة المقبلة للمجلس الأعلى في البحرين. وأكدت دول المجلس، وفقاً إلى «إعلان الرياض» أن على دول العالم «مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أياً كان مصدره، وقد بذلت دول المجلس الكثير في سبيل ذلك، وستستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن، مؤكدة أن الإرهاب لا دين له، وأن ديننا الحنيف يرفضه، فهو دين الوسطية والاعتدال والتسامح». وتطرق «إعلان الرياض» إلى الاتحاد الجمركي لدول المجلس، مشيراً إلى أنه عد مرور 13 عاماً من تأسيس الاتحاد، «أصبح من الضروري إنهاء المرحلة الانتقالية خلال عام 2016، ولذلك تم الاتفاق على استكمال ما تبقى من متطلبات الاتحاد الجمركي التي نصت عليها المادة الأولى من الاتفاق الاقتصادي بين دول المجلس. ويشمل ذلك إجراءات حازمة لتسهيل وتسريع وتبسيط إجراءات المنافذ الجمركية بين دول المجلس؛ تمهيداً لإلغائها، واستكمال المعاملة المميزة لمواطني دول مجلس التعاون وأسرهم في جميع المنافذ البينية من دون استثناء». كما تطرق إعلان الرياض إلى مشروع السوق المشتركة بعد 7 أعوام من التأسيس، «إذ تم الاتفاق أن يتم خلال العام المقبل استكمال خطوات تنفيذ السوق، بتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في المجالات الاقتصادية كافة من دون تفريق أو تمييز، وفقاً للمادة الثالثة من الاتفاق الإقتصادي بين دول المجلس، وقرار المجلس الأعلى في الدورة ال23 في كانون الأول (ديسمبر) 2002». ومما تضمنه الإعلان: «لضمان سلاسة التنفيذ ومراعاة حقوق المواطنين في هذه المشاريع التكاملية، تم الاتفاق على تشكيل الهيئة القضائية الذي أصبح مطلباً ملحاً، ونتطلع إلى تحقيق ذلك خلال العام المقبل. ولتعظيم استفادة المواطن وقطاع الأعمال ما توفره خطوات التكامل الاقتصادي من إمكانات، تم الاتفاق على سرعة استكمال منظومة التشريعات الاقتصادية التي تساعد على تقريب وتوحيد البيئة القانونية في دول المجلس، بما في ذلك إصدار «القانون» التجاري الموحد، و«قانون» المنافسة، و«قانون» مكافحة الغش التجاري وغيرها، واستكمال دراسة تحويل «القوانين» الاسترشادية الحالية إلى «قوانين» إلزامية، ورفعها إلى القمة المقبلة 2016 لاعتمادها». وبخصوص زيادة التنسيق والتكامل بين جهود دول المجلس في المجالات كافة، ستقوم الأمانة العامة، كما نص إعلان الرياض، «بعمل مؤسسي أكبر في المجالات الآتية: في مجال حماية البيئة، لتبادل الخبرات بين دول المجلس ومع المنظمات الدولية والاقليمية المختصة، واقتراح السياسات والقرارات الخاصة بالمحافظة على البيئة البحرية لدول المجلس، ومعالجة التصحر، ونضوب المياه الجوفية، والتغير المناخي. وتقوم الأمانة العامة بالتنسيق مع الجهات المختصة في دول المجلس برصد ومراقبة انتشار الأوبئة في المنطقة». وفي ما يخص تعزيز حماية المستهلك في دول المجلس، فإن الأمانة العامة، كما جاء في الإعلان، «ستتولى دوراً أكبر في هذا المجال، وتنسيق جهود جمعيات حماية المستهلك والجهات المختصة في دول المجلس»، ولتعزيز وتنسيق جهود دول المجلس في مجال حماية المعاقين، «تتولى الأمانة العامة العمل على تحقيق التكامل في هذا المجال بين دول المجلس، واستكمال منظومة الإجراءات والتشريعات اللازمة لذلك. وفي مجال العمل التطوعي، تقوم الأمانة العامة بوضع الآليات اللازمة لتنسيق الجهود اللازمة لتشجيع العمل التطوعي في دول المجلس. كما تقوم الأمانة العامة بالتعاون مع جامعات دول المجلس لإنشاء برامج أكاديمية تخصص لدراسة وتطوير التجربة التكاملية لدول المجلس. ولتعزيز قدرات وإمكانات الأمانة العامة لمجلس التعاون على تنفيذ هذه المهام الموكلة إليها، سيتم وضع المؤسسات والمنظمات والمكاتب الخليجية كافة، تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون، وبإشراف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة المسؤولة عن نشاط المؤسسة أو المنظمة أو المكتب الخليجي، وهو ما سيساعد كذلك على ترشيد الانفاق وتفادي الازدواجية، وضمان اتساق عمل المنظمات الخليجية والتنسيق بينها، واندماجها في العمل الخليجي المشترك». دول الخليج تواجه تحديات المنطقة أكد إعلان الرياض المواقف الثابتة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيال القضايا العربية والدولية، وعزمها على الاستمرار في مد يد العون للأشقاء «لاستعادة أمنهم واستقرارهم ومواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من تحديات». وفقاً إلى الإعلان نفسه، فإن دول الخليج أكدت دعمها غير المحدود للقضية الفلسطينية «وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، ومساندتها للشعب الفلسطيني أمام الإجراءات القمعية التي تمارسها إسرائيل، ورفض الإجراءات الإسرائيلية في القدس الشريف. وفي اليمن، تؤكد دول المجلس حرصها على تحقيق الأمن والاستقرار، بقيادة حكومته الشرعية، وتدعم الحل السياسي وفقاً للمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، ليتمكن اليمن العزيز من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية، ولذلك دعت دول المجلس إلى الإعداد لمؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن، ووضع برنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني وتسهيل اندماجه مع الاقتصاد الخليجي، بعد وصول الأطراف اليمنية إلى الحل السياسي المنشود». وأعلنت دول المجلس، بحسب إعلان الرياض، دعمها للحل السياسي في سورية «ولما يخرج به مؤتمر المعارضة السورية الذي اختتم أعماله أمس في الرياض، من نتائج، بما يضمن وحدة الأراضي السورية واستقلالها، وفقاً لمبادئ «جنيف1»، كما رحبت بنتائج مؤتمر فيينا للأطراف المعنية».