أشعر بألم يعتصرني، وأنا استمع إلى حوارات ومداخلات لعدد من الزملاء الإعلاميين الرياضيين، الذين يحاولون أن يدلوا بدلوهم في قضية ما، أو في نقاش يدور في برنامج عبر إحدى القنوات الفضائية الرياضية. لنتفق أولاً على أن الصحافي الذي يكتب خبراً جيداً، أو يعتبر مراسلاً مميزاً، ليس شرطاً أن يكون متحدثاً جيداً، وهذا مشاهد وملاحظ، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقدرات المهارية والموهبة لدى كل واحد، ولن يكون للشكل والهندام والعلاقات الشخصية دور في ذلك... أقول ذلك تجاوزاً لأن الواقع اليوم يقول غير ذلك تماماً، فكم من البرامج الرياضية التي تقدمها القنوات الفضائية، وكم من الساعات التي يمضيها الضيوف في البرنامج يتحدثون في أكثر من محور، والنتيجة في النهاية صياح وخصام، وأخطاء معلوماتية، وكشف للمستور! بربكم هل اسهم برنامج رياضي في تعديل حالة، أو تغيير فقرة في لائحة، أو خرج برؤية جماعية، إذا حدث ذلك، فهنا يكون تأثير البرنامج، وتأثير الضيوف، وإن حدث العكس وهذا هو الواقع ، فلا يمكن أن ننتظر من مثل هذه البرامج إلاّ زيادة حمى التعصب، وتأصيل لميولنا الرياضية! كنت أشاهد وأتابع برنامجين رياضيين في هذا الأسبوع، الأول لقناة خليجية تلقت اتصالاً من أحد المراسلين في إحدى الصحف السعودية، وقد اضطر مقدم البرنامج، وهو بالمناسبة واحد من أقدر وأميز مقدمي البرامج الرياضية، إلى قطع الاتصال بعد أن كال المتصل أنواعاً من السباب لضيفين سعوديين! والسبب يعود إلى أن رأي الضيفين السعوديين في الحدث الذي صاحب المباراة الخليجية لم يوافق ميول ورغبة وأهواء الزميل المراسل، إذ لم تعجبه صراحتهما، ووجهة نظرهما، وهذا تعد كبير على الرأي، ورفض للرأي الآخر، والذي يفرض علينا احترامه مهما اختلفنا معه! أما محلياً، فلم تكن الحال بأحسن من سابقه، فالاتصال والمداخلة الهاتفية جاءت متشنجة جداً، وكانت أشبه بتصفية حسابات مع أحد الضيوف على «زلة لسان»، وكاد الزميل مقدم البرنامج أن يقطع الاتصال، كون النقاش خرج عن مساره، وما أكثر ما يخرج عن مساراته كلها! لكن الأغرب من ذلك، كان في عدم قبول بعض الزملاء ضيوف البرنامج باعتذار الزميل الإماراتي الذي اتصل معتذراً عما حدث في مباراة الفريقين الخليجيين، وتأكيده على أن علاقة الشعبين الشقيقين أكبر من تصرفات همجية حدثت من جمهور النادي المستضيف، وأنه يطالب بمعاقبة المتسببين! وقد استغربت كثيراً من تعليق بعض الزملاء على هذه المداخلة الضافية، ووصفهم لها بأنها لا تخرج عن كونها احد الشعارات التي اعتادوا عليها، وهذا أيضاً نوع من ال «إقصاء»، ومصادرة الآراء، فيما رأيت فيها شخصياً، أنها شجاعة، وروح جميلة، واعتذار من إعلامي كبير له اسمه ودوره وتأثيره في بلاده! إن برامجنا الرياضية هنا، وفي الدول الخليجية الأخرى بحاجة إلى أن تعيد النظر في بعض الضيوف، وأن تحدد كذلك نوعية المتصلين من خلال وضعهم على «الهولد»، ليتمكن معد البرنامج من معرفة المتصل، وأهميته، ونوعية مداخلته قبل أن يقوم بتحويل المكالمة إلى الأستوديو، احتراماً لذوق المشاهد! [email protected]