أثارت دعوة دونالد ترامب، أبرز المرشحين الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأميركية، إلى حظر «كامل» لدخول المسلمين الولاياتالمتحدة، «فوضى» في الحزب الجمهوري الذي استنكر قياديوه الاقتراح، إذ يقوّض سعيهم إلى جذب الأقليات، لكنهم يخشون «انشقاق» ترامب وترشّحه منفرداً للمنصب. وحذر ترامب من أن أنصاره بمعظمهم سيصوّتون له، إذا انسحب من الحزب الجمهوري وترشّح منفرداً. وبعد انتقادات عنيفة وجّهها قياديون في الحزب لاقتراح ترامب، بما في ذلك خصومه في السباق الرئاسي، يخشى هؤلاء أن يدفع ذلك الترشح البليونير إلى تأسيس حزب آخر، ما قد يتيح فوز الديموقراطيين بالرئاسة. وقال هنري بربور، عضو اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، ان تصريحات ترامب «ليست جديرة بشخص يريد» ترؤس الولاياتالمتحدة، محذراً من أن فوزه بترشيح الحزب رسمياً للمنصب سيشكّل «كارثة سياسية» للجمهوريين. وكان بربور ساهم في صوغ «مشروع النمو والفرص» الذي أعدّته اللجنة بعد خسارة انتخابات الرئاسة عام 2012، والتي أجبرت قياديّي الحزب على مراجعة استراتيجيتهم، لتعكس التحوّلات الديموغرافية في الولاياتالمتحدة. وأشار التقرير إلى حاجة ملحّة لتبنّي لهجة ترحيب في شأن مسائل، مثل الهجرة. لكن ترامب شنّ هجمات متكررة على المهاجرين، علماً أن شعبيته تبرز هوة عميقة بين القياديين الجمهوريين والقاعدة المحافظة للحزب. وعلّق على الانتقادات الموجّهة اليه قائلاً: «لا آبه لها، أفعل ما هو مناسب». واعتبر أن على فرنسا «ربما» تبنّي اقتراحه بحظر دخول المسلمين، بسبب مشكلات «هائلة» مع مسلميها. لكن الناطق باسم البيت الابيض جوش إرنست وصف تصريحات المرشح الجمهوري بأنها «منحطة اخلاقياً وستكون لها عواقب على أمننا الوطني». ورأى انها لا تمنحه «أهلية شغل منصب الرئيس»، وتابع: «السؤال الحقيقي للحزب الجمهوري هو هل سيسمح لنفسه بالانجرار إلى مزبلة التاريخ مع دونالد ترامب». وأشار وزير الخارجية الكندي ستيفان ديون إلى أن اقتراح ترامب «لا يمكن قبوله» في بلاده، معتبراً ان «كندا قوية، ليس على رغم تنوعها، ولكن بفضل ذلك». ورأت ناطقة باسم الخارجية الصينية أن ما قاله ترامب هو شأن أميركي داخلي، مستدركة: «موقف الصين واضح جداً بالنسبة إلى القضية التي أثارها. نرى أن المجتمع الدولي يجب أن يبذل جهداً مشتركاً لمحاربة الارهاب، وفي الوقت ذاته نعارض دوماً ربط الإرهاب بأي جماعة عرقية أو دين». في السياق ذاته، حذر الأزهر من «دعوات تحريضية وتصريحات عنصرية ضد المسلمين في الولاياتالمتحدة»، معتبراً انها «تمثّل استفزازاً واضحاً لمشاعرهم». وطالب ب «الكف عن كل ما من شأنه تأجيج الفتن وإثارة الأحقاد»، مشيداً ب «أصوات أميركية معتدلة نددت بتلك الدعوات، وحذرت من خطورتها على قيم المجتمع الأميركي». بريطانيا إلى ذلك، وقّع أكثر من 150 ألف شخص عريضة لمنع ترامب من دخول بريطانيا. ووَردَ في العريضة التي نُشرت على الموقع الالكتروني للحكومة البريطانية، أن «المملكة المتحدة منعت دخول أشخاص كثيرين بسبب خطاب كراهية. ويجب تطبيق المبادئ ذاتها على كل من يرغب في دخول بريطانيا. اذا قررت المملكة المتحدة الاستمرار في تطبيق معايير السلوك غير المقبول للذين يرغبون في دخول حدودها، يجب أن تطبّق على الاغنياء كما الفقراء، والضعفاء كما الأقوياء». ومع تجاوز عدد الموقعين المئة ألف شخص، تُحال العريضة على مجلس العموم (البرلمان) البريطاني لمناقشتها. كما ان الحكومة ملزمة إصدار رد رسمي، بعدما تعدى عدد الموقعين 10 آلاف. ووقع ستة نواب أيضاً على اقتراح في البرلمان طرحه عضو حزب العمال عمران حسين، يدعو الحكومة إلى «رفض تأشيرة تتيح لدونالد ترامب زيارة المملكة المتحدة، إلى أن يسحب تصريحاته المثيرة للانقسام والتي تحرّض على التمييز والكراهية». كما وقّع 17 الف شخص على عريضة أخرى تدعو جامعة «روبرت غوردون» في مدينة أبردين الاسكوتلندية إلى تجريد ترامب من دكتوراه فخرية منحته إياها عام 2010. في غضون ذلك، أعلنت مجموعة «لاندمارك» الإماراتية، وهي واحدة من أضخم شركات تجارة التجزئة في الشرق الأوسط (مقرها دبي)، أنها ستسحب منتجات ترامب من متاجرها. وكانت «لاندمارك» أبرمت اتفاقاً مع «دونالد ترامب هوم ماركس انترناشونال» لبيع منتجات «ترامب هوم»، بما في ذلك الإضاءة والمرايا وصناديق المجوهرات، في متاجر «لايفستايل» المملوكة لها في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات وقطر. وأعلن الرئيس التنفيذي للشركة ساشين مندوا «تجميد بيع كل منتجات سلسلة ترامب هوم»، وعددها نحو 180 في المنطقة. وأعلن رجل الاعمال الاماراتي خلف الحبتور انه سيرفض استقبال ترامب في مكتبه، وزاد: «ربما يمكننا اللقاء في مكان ما، حيث يمكنني أن أتناقش معه بطريقة حضارية جداً، لا بطريقته في معاملة الناس».