يستضيف مركز الصورة المعاصرة في القاهرة معرضاً فوتوغرافياً بعنوان «مستوى أخضر»، يستمر حتى منتصف نيسان (أبريل) المقبل. وهو نتاج ورشة عمل تأتي ضمن البرنامج الإقليمي للدعم الثقافي الذي أطلقه معهد غوته في عشر من دول المنطقة، ويضم مجموعة كبيرة من الصور لأحد عشر مصوراً ومصورة من جيل الشباب. تمثلت المرحلة الأولى من المعرض في ورشة عمل أقيمت خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أدارتها الفنانة المصرية رنا النمر والمصور الألماني ينس ليبشن اللذان توليا تنسيق المعرض جنباً إلى جنب مع مركز الصورة المعاصرة. وتعاونت النمر مع ليبشن في وضع مفهوم لورشة العمل طُبّق مع مواهب مصرية شابة من الجنسين ما بين مصورين وفنانين من القاهرةوالإسكندرية. وتقرر بعدها إقامة سلسلة من ورشات العمل والمعارض في العديد من البلدان العربية، تتناول قضيتي البيئة والتحول الحضاري تناولاً موضوعياً تحت إشراف معهد غوته في القاهرة. وخلال ورشة العمل التي امتدت ثلاثة أيام، انصب اهتمام المشاركين على الجانب المعاصر من التصوير الفوتوغرافي في أوروبا والشرق الأوسط، الذي يتناول الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي والبيئي، وذلك تجسيداً لعنوان المعرض «مستوى أخضر» بكل ما يحمله من معنى. وتمثلت مهمات كل من رنا النمر وينس ليبشن في توفير المعلومات الأساسية ومناقشة اللقطات الأولى التي نشأت خلال الورشة. كما أكدت النمر أنه أمكنَ تقديم المساعدة بطريقة غير مباشرة والوقوف بجانب الفنانين والفنانات الشباب. اتسمت سلسلة الصور التي نتجت من الورشة بالثراء والتنوع، وبيّنت مدى تعدد الأوجه التي التقط بها المصورون والمصورات البيئات الحضرية للقاهرة والإسكندرية، وذلك من الناحيتين الفكرية والفنية. وبينما تجسد بعض المجموعات عمليات الزراعة في المدينة، يعكس البعض الآخر مشاهد بسيطة من الحياة اليومية أو حركة المرور الفوضوية في عاصمة واسعة كالقاهرة. وتقول النمر: «كان مقرراً أن يتمحور المشروع على موضوع البيئة، إلا أننا أردنا أن نتجنب إضفاء طابع بيئيّ ضيّق على الحدث، وسعينا إلى تصميم الموضوع في شكل أوسع نطاقاً وأكثر انفتاحاً. هدفنا تحفيز المصورين والمصورات على تجسيد تلك الأشياء التي يرون فيها صعوبة أو إشكالية ما. فكان يُفترض بهم أن يوثِّقوا تجاربهم الخاصة مع اللون «الأخضر»، تلك الأشياء ذات الصلة برغباتهم وآمالهم وأفكارهم، وبشواغلهم أيضاً». ويرى منظمو المشروع أنه ولّد اهتماماً خاصاً لدى المشاركين لمفهوم المستوى الأخضر، وهو مستوى مجازي مرن وقابل للتكيُّف، يعكس فكرة «الأخضر» في سياق الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، كما يعبر عنه داخل النفوس وفي حيز التأملات والتطلعات. وبعد انتهاء الورشة طور المصورون أعمالهم الفوتوغرافية ببعض التوجيه من النمر وليبشن. وتناول المصورون في المعرض جوانب متنوعة لما هو «أخضر»، بدءاً من الزراعة والحصاد، والصوب الزراعية، حتى حركة المرور، والنزعة الاستهلاكية، والطبيعة الصامتة، والحياة والموت، وكذلك مفردات خضراء بالغة الرقة علقت بتفاصيل الحياة في المدينة. شبكة للمحترفين وللفنانين الشباب أراد معهد غوته عبر هذا المشروع أن يجمع بين أشخاص من خلفيات متنوعة من كل أنحاء مصر، إلا أن تركيز ورشة العمل انصب على القاهرةوالإسكندرية. وجمع المشروع مشاركين ومشاركات يتمتعون بخبرة في مجال التصوير الفوتوغرافي، رغم انتمائهم إلى مجالات مهنية شديدة التباين، فبينهم مهندسون ومهنيون يستعينون بالتصوير الفوتوغرافي في عملهم بمختلف الطرق. وكان من شأن المشروع أن يحفزهم على تناول عناصر تختلف عن تلك التي يتناولونها في أعمالهم التقليدية. وكان عليهم جميعاً إبداع شيء جديد وإيجاد مساحة للاختبار وإجراء التجارب. ويوضح غونتر هازنكامب، مدير قسم البرامج في معهد غوته في القاهرة، أن أهداف المشروع تمتد لتشمل الربط بين الناس وتأهيلهم، علاوة على دعم الفنانين والفنانات الشباب من العالم العربي. ويضيف: «إن هذا البرنامج لا يقتصر على مصر، بل يشمل أيضاً مشاريع مشابهة في عشر من دول المنطقة، إذ نرغب في إعطاء الشباب فرصة وتوجيههم لإنتاج أعمال خاصة بهم، تمهيداً لعرضها في نهاية المطاف. وكان المعرض الذي أقيم في العاصمة السودانية الخرطوم بعنوان «حكايات حول نهر النيل» يتناول الجوانب والأوجه المختلفة ذات الصلة بالنيل، فيما يتمحور مشروع التصوير الفوتوغرافي في الإسكندرية على التلوث البيئي بشكل محدد». ولا يمثل معرض «مستوى أخضر» نهاية هذا المشروع الذي يتبناه معهد غوته، بل سيصل إلى ذروته في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل مع معرض إقليمي يقام في ثماني مدن في شمال إفريقيا والشرق الأوسط في وقت واحد. ويجري تنسيق أعمال مختارة من المشاريع المحلية في الدار البيضاءوالإسكندريةوالقاهرة وصولاً إلى دبي، تمهيداً لدمجها في مشروع مشترك. وسيتناول هذا المشروع العلاقة المتبدّلة بين الإنسان والطبيعة.