لأنها عانت من «عدم الرحمة التي تسببت بوفاتها بصورة بشعة» ولأن وفاتها لم تأت فجأة اثر تعذيب مفاجئ بل تعذيب وتجويع وانتهاك مستمر على مدار عام وأكثر! ولأننا عجزنا وقتئذ كمجتمع من إنقاذها من براثن الجاني وزوجته، على رغم نداءات عمها المتكررة لإنقاذها... وربما لأننا نشعر أننا كنا جزءاً من هذه الجريمة البشعة التي كنا نعلم عن تفاصيلها ولم نتمكن مد يد العون لها «وكل ما سبق رأيي الشخصي والخاص جداً والصادق جداً أيضاً». ولأنها الآن بين يدي الله سبحانه وتعالى عصفورة من عصافير الجنة التي لم تجدها في دنيانا الفانية ولأنها أول من قرعت جرساً عالي الصوت أيقظنا من سباتنا وروعنا وأحزننا وأبكانا كثيراً وطويلاً ونظراً إلى أن الحزن يبدأ كبيراً ثم يتضاءل حجمه ومساحته في قلوبنا التي كويت بمشاهد لا يصدقها عقل فقد استحقت بجدارة أن تكون هذه الحملة الجميلة والرائعة والمطلوبة على اسمها تحملها كحمامة بيضاء رشيقة أراها ترفرف بجناحيها الكبيرين لتطالب بالرحمة لمثيلاتها ولكل الأطفال الذين لهم الحق في العيش في بيئة آمنة ومستقرة تحافظ على حرمة أجسادهم وأرواحهم ومشاعرهم النقية. ارقدي الآن يا غصون مطمئنة فقد بدأنا نعترف بوجود المشكلة بعد أن كنا ننكرها من أساسها وبدأنا في اطلاق حملتك التي سبقتها حملات أخرى أدت الى نوع من التغير الطفيف والذي نحلم ونأمل أن يكبر ويكون على يديك وتحت اسمك. هذه مقدمة تلقائية وبسيطة أهنئ بها مجتمعي ونفسي وأصحاب الحملة وعلى رأسها الأميرة الفاضلة عادلة بنت عبدالله التي نجدها دائماً حريصة على أطفال هذا المجتمع وعلى حقوقهم في حياة كريمة آمنة ومستقرة. والتي ابدت بصوت عال استياءها من قضية زواج الصغيرات ووعدت بمستقبل أفضل تحكمه قوانين تراعي حق الطفولة. وأن العمل جار على قدم وساق لسن قانون صارم يمنع هذا الانتهاك ويحافظ على براعمنا الصغيرة .الشكر موصول للدكتور الزميل الفاضل حسين الشريف الذي كان حريصاً على حضورنا بنفسه ربما لندشن معاً حملة قد تضيء المجتمع الطفولي بأنواره وترسخ مفهوم الحقوق. والشكر موصول للدكتورة الجوهرة العنقري التي لم تخذلنا يوماً واحداً. كان «مؤتمر الحماية العنف» جميلاً بكل معنى الكلمة ترك المنظمين يعبرون بشكل صريح عما يجول في خواطرهم وعن متاعبهم وتمت مناقشة موضوع حماية وسرية المبلغ. والذي شددت الدكتورة العنقري على قرب اصدار قانون يعاقب كل من يعلم عن عنف يمارس في الخفاء او العلن ولم يقم بأداء الأمانة بالتبليغ عما يشك فيه وهو قانون رائع يحملنا جميعاً المسؤولية في المدرسة والمنزل وحتى في الشارع. من المهم أيضاً في نظري تفعيل ارقام التبليغ والسرعة في استقبال البلاغ على أيدي متلق مدرّب تدريباً عالياً وذي كفاءة عالية. غصون رحلت ... وتركت لنا أمانة كبيرة نحتاج إلى أن نضع أيدينا في ايدي أصحاب ومطلقي الحملة لنبحر جميعاً في مركب واحد نحو النور والأمن والاستقرار والحقوق. [email protected]