تترقب الأوساط السياسية في العراق نتائج الاستفتاء الشعبي الذي أجراه التيار الصدري، على مدى يومين وانتهى أمس، لاختيار مرشحه لرئاسة الحكومة بين خمسة مرشحين. وعلى رغم عدم إلزامية الاستفتاء دستورياً وقانونياً إلا انه يسجل موقفاً سيلعب عاملاً مهماً في محادثات اختيار رئيس الحكومة المقبل. ورأى سياسيون ومراقبون أن الاستفتاء سيعقد مهمة تسمية رئيس الوزراء المقبل كون المرشح الذي سيفرزه الاستفتاء سيكون عليه فيتو من المرشحين الباقين لجهة الصراعات المستحكمة حول المنصب، في حين أن فوز مرشح عن التيار الصدري سيعمل على عزلهم عن عملية تسمية رئيس الحكومة. وقال القيادي في «التيار الصدري» نصار الربيعي ل «الحياة» أن «نتائج الاستفتاء ستُعلن الثلثاء المقبل». مشدداً على أن «أي نتائج أولية للاستفتاء لن تعلن حتى لا تؤثر في المحادثات والمفاوضات التي تجري بين القوى السياسية». وأضاف أن «عدم إعلان أي نتائج أولية للاستفتاء الشعبي هو لتحاشي الوقوع بالأخطاء التي وقعت بها المفوضية العليا للانتخابات». في إشارة الى الآلية التي اعتمدتها المفوضية في إعلان نسب مئوية لنتائج الانتخابات. ولفت الربيعي الى أن «نتائج الاستفتاء ستكون ملزمة من قبل التيار الصدري»، موضحاً أن «الأيام الماضية شهدت مطالبة عدد من القوى السياسية تسمية مرشحنا لرئاسة الحكومة ونحن رهنا الأمر بالاستفتاء (...) ونؤكد ضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية». وسرت أنباء الأسبوع الماضي عن محاولات تشكيل تحالف كبير بين «ائتلاف دولة القانون» و «الائتلاف الوطني» مدعوماً «بالتحالف الكردستاني» لتشكيل الحكومة وإبعاد ائتلاف «العراقية» بزعامة إياد علاوي الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات عن رئاسة الحكومة إلا أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رفض ذلك وأصر على إشراك «العراقية» في تشكيل الحكومة. وواصلت مكاتب الصدر التابعة لكتلة «أحرار»، وهي التسمية التي أطلقها الصدر على كتلته داخل «الائتلاف الوطني العراقي»، أمس استفتاء عدد كبير من العراقيين الراغبين في إبداء آرائهم في رئيس الوزراء المقبل بين المرشحين الخمسة، الذين تم تداولهم في محادثات مكثفة بين القوائم الأربعة الفائزة خلال الأيام الماضية لرئاسة الحكومة. وأقامت مكاتب الصدر في كل محافظة بنشر السرادق لاستقبال الناخبين منذ الساعة الثامنة وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً ومن الثالثة بعد الظهر وحتى السادسة مساء فيما انتشرت مراكز الاقتراع التي أجراها التيار في شكل مكثف قرب الجوامع والحسينيات استثماراً للمصلين ليدلوا بأصواتهم في الاقتراع. ولوحظ انتشار قوات أمنية في المناطق التي يجري فيها الاستفتاء من أجل إجرائه في أجواء آمنة ومن دون حوادث عنف، وإضافة الى اللجان الصدرية فأن ممثلين عن شبكات المراقبة ومنظمات المجتمع المدني والمرشحين سيشرفون على عمليات الاستفتاء إضافة الى وسائل الإعلام التي ستتابع مجرياته. وقال قيادي في «الائتلاف الوطني»، طلب عدم الإشارة الى اسمه، ل «الحياة» أن «نتائج الاستفتاء الذي أجراه الصدر قد تعمل على عرقلة وتعقيد مهمة اختيار رئيس الحكومة المقبل على رغم عدم إلزاميته الدستورية إلا انه يعد عاملاً في المحادثات الجارية في هذا الخصوص». ولفت الى أن «جميع المرشحين الخمسة الذين شملهم الاستفتاء لا يتمتعون بصفة التوافق لدى الجميع وأن أي فائز بينهم لن يكون محل ترحاب من قبل الكتل السياسية التي ينتمي إليها المرشحون الباقون لكن جميع المرشحين ينتظرون بترقب نتائج الاستفتاء والملاحظ أن جميعهم لم يعترض على إجراء الاستفتاء ولم يؤيده في شكل مطلق». وأشار سياسي فائز في الانتخابات الى أن «فوز مرشح عن التيار الصدري في الاستفتاء سيعمل على تعقيد مهمة تسمية رئيس الوزراء لأن المرشح الصدري سيكون الممثل الرسمي ل «الائتلاف الوطني» لرئاسة الحكومة فيما يعترض معظم الأطراف على أن يكون رئيس الحكومة من التيار الصدري». وجاء قرار التيار الصدري بإجراء الاستفتاء بعد تقاطر المسؤولين العراقيين الى زعيم التيار مقتدى الصدر لتسمية مرشحه لرئاسة الحكومة بصفته اللاعب البارز في تحديد المرشح على خلفية حصوله على 38 مقعداً في البرلمان من أصل 70 مقعداً حصل عليها «الائتلاف الوطني العراقي» التي ينضوي تحت لوائها التيار الصدري. ورشح الصدر خمس شخصيات سياسية جرى طرحها في المحادثات التي أجريت في الأيام الماضية لرئاسة الحكومة وهم نوري المالكي (رئيس الوزراء الحالي) وإياد علاوي (زعيم القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات) وعادل عبد المهدي (نائب رئيس الجمهورية) وإبراهيم الجعفري (رئيس الوزراء السابق زعيم تيار الإصلاح ضمن الائتلاف العراقي) ومحمد باقر الصدر نجل المرجع الشيعي مؤسس حزب الدعوة آية الله محمد باقر الصدر الذي أعدمه النظام السابق مطلع نيسان (أبريل) 1980 مع شقيقته بنت الهدى وهو صهر مقتدى الصدر المتزوج من شقيقته. وترك استفتاء الصدر خانة في ورقة الاستفتاء يحق لمن يدلي بصوته وضع أي اسم آخر غير الأسماء المعلنة.