ما أن تدخل من شارع ابن حزم في حي العريجاء الغربي متجهاً صوب القرية الشعبية، وتدخل إلى إحدى الحارات يميناً أو يساراً حتى تفاجأ بمياه الصرف الصحي العفنة تسحب أذيالها بفخر واعتزاز في وجهك، ولا يوجد أحد يستطيع أن يخطو خطوة من دون أن يغرق، ستخوض معمعة سباحة. إن المسؤولين في «الصرف الصحي» ليس لهم علاقة بهذا الحيّ، وبيوتنا أدركها التلوث، ولم يعد يهنأ لنا لا مشي ولا جلوس ولا حتى تنفّس. أصبحنا نستحي من دعوة ضيوفنا إلى هذا الحيّ لا لشيء إلا لتهاون بعض السكان في سحب «بياراتهم» ولتهاون «المياه» في اتخاذ القرارات النظامية اللازمة تجاه هذه الفوضى التي ستنتج بيئة عامرة بجميع الأمراض الكونية المتعلقة بالتلوث. من المحزن أن يكون عدد من أحياء الرياض في الجنوب والغرب بهذه الصورة غير المشرفة لمدينة عصرية مثل الرياض، التي تصنف على أنها إحدى أجمل عواصم الدول في الشرق الأوسط. ولولا بقية من كرامة وزيادة في التكلفة لأقدم كثير من سكان هذه الأحياء السابحة في مجاريها ببيع منازلهم بأبخس الأثمان واستئجار شقة ضيقة في أي حي آخر نظيف في الرياض. لم يعد أطفالنا يستطيعون تنفس هواء نقي، ولم نعد نستطيع المشي إلى المسجد من شدة الرائحة الكريهة، ولم يعد أحدنا يستطيع أن يدعو ضيفاً، لأنه سيحتاج إلى طائرة مروحية تنزل بضيفه على سطح منزله، لكيلا يغرق في مياه الحمامات السائحة على وجه الشارع. نرجو أن تتدخل مصلحة المياه والصرف الصحي لإيجاد حل، وإنقاذنا مما نحن فيه خصوصاً وأن المسألة تتفاقم، وبحيرات المجاري تتكاثر، ومنسوب مياهها في ازدياد، نرجو أن يرأفوا بنا وأن يساعدوننا على العيش وسط أجواء صحية ومثالية، تقيناً من الأمراض، وتحفظ ماء وجوهنا أمام ضيوفنا وأقربائنا ممن يقطنون شمال الرياض ووسطه وبعضاً من شرقه.