مع أن الأطراف السياسية الرئيسة في لبنان بدأت تستعد لخوض الانتخابات البلدية بدءاً من دورتها الأولى في جبل لبنان في 2 أيار (مايو) المقبل، فإن معظمها لم يسقط من حسابه احتمال تأجيلها لأسباب تقنية بذريعة أن من الأفضل خوضها على أساس القانون البلدي الجديد الذي من شأنه أن يطور العمل البلدي بدلاً من اجرائها على أساس القانون القديم الذي يعيق الدور المرجو من المجالس البلدية في مجال التنمية ورفع مستوى الخدمات من اجتماعية وبيئية. لكن الآمال المعقودة على تأجيل الانتخابات الى الخريف المقبل يفترض أن تتراجع مع اقتراب الموعد الذي حدده وزير الداخلية والبلديات زياد بارود لإنجازها في موعدها الدستوري لعدم إمكان تأجيلها في ظل عدم وجود ذرائع مقنعة تبرر دعوات البعض الى التأجيل. يضاف الى ذلك أن أي قرار لتأجيل الانتخابات يجب أن يصدر عن مجلس الوزراء مجتمعاً، الذي لا يبدو في وارد تعليق إتمامها في موعدها لانتفاء الأسباب الموجبة، أو من الهيئة العامة في البرلمان من خلال استصدار مشروع قانون يجيز للحكومة تأجيلها. إلا أن الهيئة العامة في البرلمان ليست في وارد التجرؤ على اتخاذ قرار يقضي بتأجيلها ريثما يصار الى إقرار الإصلاحات البلدية الواردة في مشروع القانون المحال من مجلس الوزراء الى المجلس النيابي لا سيما أن الاجتماعات المنفردة للجان النيابية التي تولت مناقشة المشروع لم تحقق أي تقدم يذكر سوى توافقها على استبعاد اعتماد النسبية في الانتخابات البلدية من ناحية، ودخولها في اختلاف بشأن المواد الإصلاحية الأخرى المتعلقة بالكوتا النسائية والسماح للموظفين في القطاع العام بالترشح للبلديات، من ناحية ثانية. كما أن التوجه الذي دفع برئيس المجلس نبيه بري الى الدعوة لعقد اجتماع للجان النيابية المشتركة الخميس المقبل للبحث في الإصلاحات الواردة في القانون الجديد، يعني البرلمان ليس في عجلة من أمره لسلق المشروع والتصديق على الإصلاحات لا سيما أن بعضها أدرج في صلبه من دون أن يكون هناك من تقدير لموقف البرلمان منها مع أن بعضها غير قابل للتطبيق، بصرف النظر عن موقف الوزراء الممثلين للكتل النيابية الرئيسة الذين وافقوا بالاجماع على مشروع القانون باستثناء تحفظ وزير العمل بطرس حرب عن النسبية. لذلك فإن معظم الوزراء وتحديداً أولئك الذين يمثلون الكتل النيابية التي كانت أول من تحفظ عن اجراء الانتخابات في موعدها، فضلوا الموافقة على الصيغة النهائية لمشروع القانون اعتقاداً منهم أن في مقدورهم الهروب الى الأمام برمي المسؤولية على البرلمان. وعليه، فإنه بات من المستحيل تأجيل البلديات إلا في حال توافقت الحكومة والبرلمان على استنباط «بدائع» جديدة يمكن أن تبرر إتمامها في الخريف المقبل. ورأى الوزير بارود في حديث الى «تلفزيون لبنان» أمس: «اننا اليوم في طريق تطبيق القانون النافذ لإجراء الانتخابات البلدية، وهذا القانون هو الذي نعرفه والذي على أساسه ستجرى الانتخابات في 2 أيار (مايو) في المرحلة الأولى في جبل لبنان». وقال: «ليس لدينا خيار ثانٍ غير أن نطبق القانون، وهذا التزام منا، ولا يلغي ان مجلس النواب لديه صلاحيات مناقشة الإصلاحات، ولكن إذا لم تقر قبل الانتخابات، فليس لدي خيار تأجيل الانتخابات حتى إقرارها مع تمسكي بالإصلاحات، وإجرائياً لا يمكننا الا الالتزام بتطبيق القانون النافذ». أضاف: «الشيء الوحيد الذي يحول دون حصول الانتخابات في موعدها هو قانون في مجلس النواب الذي يجب النظر في دستوريته بعد إنجاز مناقشته، وما هو مطروح إجراء الانتخابات في موعدها». وتابع: «هناك إصلاحات مطروحة لم تقترن بترجمة تشريعية، اي لم تتحول الى قانون قبل الانتخابات، وبالتالي ليس لدي غير القانون القائم لأجري الانتخابات على أساسه، وكل الكلام عن التأجيل لم يأخذ أي شكل جدي وإجرائي تشريعي». ورأى بارود «ان ربط إجراء الانتخابات بإقرار الإصلاحات هو ربط سياسي لا يؤدي الى نتيجة إجرائية إلا اذا اقترن باقتراح قانون كامل». أضاف: «إذا أقر القانون الجديد، أستطيع في الثاني من ايار أن اقول وأشرح للناس كيف تطبق النسبية، الموضوع يحتاج وقتاً». وزاد: «بالقانون، هناك ثلاثة احتمالات، أولاً استبعد قرار التأجيل بقرار من وزارة الداخلية التي لن تؤجل، ثانياً يمكن التأجيل بنص تشريعي، عندها الوزارة تلتزم بما يصدر عن مجلس النواب، ثالثاً، في حال حصول ما يسمى بالقوة القاهرة (زلزال، حرب شاملة) وأتمنى أن لا يحصل كل ذلك، لأن من حق اللبنانيين أن ينعموا بحد أدنى من الاستقرار، وربما إصرارنا على الانتخابات هو للتأكيد ان لبنان مستقر ويلتزم استحقاقاته».