«... ثم كان مسلسل «قارئ الأفكار». بهذه العبارة الاستعراضية احتفت مجلة «تايم» الأميركية قبل سنة تقريباً بهذا المسلسل حين بدأ عرض موسمه الأول. يومها تابعت «تايم» تقول ان المسلسل الذي تبثه محطة «سي بي اس» من بطولة سايمون بايكر «لا يعتبر فقط أكبر انتاج مميز خلال الموسم، بل هو الإنتاج المميز الوحيد». ولم تكن «تايم» الوحيدة التي اشادت بهذا العمل معتبرة إياه حدثاً كبيراً في تاريخ المسلسلات التلفزيونية، بل شاركتها في هذا الرأي معظم المجلات والصحف الأنغلوساكسونية. وتشاطرت كلها اكتشاف «الأسرار» التي تقف خلف نجاح المسلسل وتفرده، حتى وإن كان في نهاية الأمر عملاً بوليسياً من النوع المعهود. ولكن من قال ان التجديد ليس ممكناً في ما هو معهود؟ أما كلمة السر فهي «الابتسامة»، وخصوصاً ابتسامة سايمون بايكر الأسطورية وحضوره المحبب. فالابتسامة، بحسب صحيفة «غارديان» هذه المرة، هي «السلاح السري» الذي جعل أكثر من 17 مليون متفرج يتابعون حلقات البرنامج في موسمه الأول. ولا يزال المسلسل محافظاً على مشاهديه، كما بدا من كلام صانعيه الذين شاركوا في لقاءات نجوم التلفزيون والصحافة التي عقدتها «ورنر براذرز» في لوس انجليس أخيراً. وهناك في عاصمة السينما سابقاً، وعاصمة التلفزيون حالياً، كان ل «الحياة» لقاء مع سايمون بايكر ومؤلف المسلسل برونو هيللر ومخرجه كريس لونغ، بدعوة من محطة «ام بي سي» التي تعرض اليوم حلقة جديدة من هذا المسلسل الذي استطاع ان يحقق النجاح ايضاً في العالم العربي، لا بل يتربع على رأس قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة على «ام بي سي4». سرّ الابتسامة اول ما يطالعنا في ذلك اللقاء، ابتسامة سايمون بايكر، النجم الأسترالي الذي رشح لجائزة «غولدن غلوب» عن دوره في «قارئ الأفكار». منذ التقى بايكر الصحافيين الآتين من شتى انحاء العالم، بدا عليه انه، بدلاً من ان يجلس منتظراً هجوم أسئلتهم عليه، قرر ان يبادر هو باستخدام سلاحه. من هنا برزت ابتسامته لتصبح خلال اجزاء من الثانية معدية مضيئة الى درجة نسي الحضور معها، وربما نسي هو أيضاً، ان مهنته كشف الجرائم وسبر الشخصيات المعقدة التي تقف وراءها. ولكن سرعان ما عاد شبح «باتريك جين» (شخصية سيمون بايكر في المسلسل) المحقق المستقل الذي يعمل مع مكتب التحقيقات في ولاية كاليفورنيا، والذي يمتلك سجلاً رائعاً، لقدرته على حل ألغاز الجرائم الخطيرة والمعقدة باستخدام قدراته العقلية الحادّة، مثل إمكان التسلل إلى عقول الشهود والمتهمين لمعرفة الوقائع الحقيقية لحدوث الجريمة. تكلم سايمون ل «الحياة» بشغف عن هذا الدور. قال انه محظوظ بتجسيد هذه الشخصية. ولكن ما الذي جعل لهذا المسلسل كل هذا النجاح؟ يجيب بايكر: «اعتقد ان سرّ نجاح المسلسل يكمن في انه حتى وإن كان استعراضاً اميركياً حقيقياً، ليس نوعاً من الأعمال التي تبدي ولاء مطلقاً لأميركا او تكشف ما يمكن تسميته حساً وطنياً. أعني انه يتماشى تماماً مع المفهوم الكوني لفكرة حلّ الجريمة، ليس بالمعنى الأميركي الضيق للكلمة، بل بالمعنى الشامل». ويضيف بايكر: «لا استخدم هنا العلم وحده لحل اي جريمة، إنما امزجه بكثير من حسّ المرح. فالبطل هنا لديه دائماً جانب انساني يسيّر اموره. انه من نوع الشخصيات الواضحة. وأعتقد انه في احيان كثيرة يقول اموراً يوّد المتفرج ان يسمعها. هناك الكثير من النماذج المعهودة للتحري، النماذج التي سبق لك ان شاهدتها آلاف المرات. لكنك هنا تجدين نفسك امام هذا النموذج الذي يثرثر كثيراً وبمرح. امامك فجأة يتوقف جين ويعبر عن رأيه في الثرثرة... وهذا يعجب الجمهور. او ان هذا ما اعتقده على الأقل، حتى وإن كان الجمهور لا يدرك هذا الأمر ويقوله بكل وضوح. مهما يكن فأنا سعيد جداً لأن هذا البرنامج حقق كل هذا النجاح، ومع هذا اعتقد ان ثمة اموراً لا تضرب هنا على وتر حساس، كأن تقولين لنفسك ذات لحظة: ان هذا الشيء لا يحدث في احيان كثيرة. على اي حال، يخامرني الخوف من ان قلقي وتفكيري حول الأسباب التي تجعل هذا العمل ناجحاً، سيشغلان بالي كثيراً الى درجة تمنعني من الاهتمام بعيش اوقات طيبة فيما انا منهمك في العمل على اداء دوري في المسلسل». ولكن هل يمكن سايمون بايكر ان يكون في الحياة العامة صديقاً ل «باتريك جين» التحري الذي صار مستشاراً اول في عالم التحقيق في الجرائم المستعصية الحل؟ «طبعاً، طبعاً، كان في ودي ان اتصادق معه، فهو من نوع الأشخاص الذين قد احب ان ادعوهم الى بيتي للعشاء». ولا يخفي بايكر شغفه بالتمثيل ويقول: «أنه من دواعي سروري في كل يوم ان اقود سيارتي عبر ابواب الإستوديو. ومن دواعي سروري ان لديّ هذا العمل الذي فيما اكون باذلاً كل جهودي لأدائه، اعرف ان ثمة اناساً جالسين هناك ينتظرون مشاهدته على الشاشة الصغيرة. وأقدّر كل التقدير كل ممثل يقوم بعمله بحذق وحب، واضعاً فؤاده وروحه في شخصية يشعر انها ستروق لزوجته او امه. وأود ان اضيف هنا ان امي لا تحب، مثلاً، ان تشاهد المسلسلات السيئة العناوين». خارج النص المكتوب ويوضح بايكر ان علاقته بكاتب «قارئ الأفكار» برونو هيللر قائمة على الاحترام والتعاون والمودة، ما يتيح للنجم الأسترالي التصرف بالنص المكتوب في احيان كثيرة. ولكن ما رأي هيللر في الأمر، وهل يحق للممثل ان يتدخل في عمل يعتبر من شؤون كاتب السيناريو؟ يجيب هيللر: «في العادة يشكو الممثلون من ان الكاتب لم يضمّن نصّه مشاهد كثيرة لهم تميز حضورهم. مع سايمون ليس الأمر على هذا النحو. فنحن كنا محظوظين بالعمل معه... الى درجة ان في مقدوري ان اقول ان جزءاً كبيراً من نجاح العمل يعود الى وجوده معنا، هو الذي يمكن القول عنه انه ممثل عظيم ورجل استعراض مدهش. إذ لديه إدراك دقيق لدوره وللعمل ككل. ويحدس بما ستكون الأمور عليه على الشاشة لاحقاً. من هنا كنت أكثر من الاستماع الى ما يقول، بحيث ان تعاوننا لعب دوراً كبيراً في رسم الشخصية وتطويرها. وبرأيي، لكان من الجنون الا تكون الأمور كذلك. فالحال ان كثيرين يعملون في التلفزيون، ولكن قلة نادرة منهم تجد نفسها حقاً في العمل التلفزيوني. وسايمون هو واحد من هذه القلة النادرة. إنه عبقري تلفزيون ونجم حقيقي على الشاشة الصغيرة. لديه كاريزما تقفز عبر هذه الشاشة وتتفجر. والناس يحبون مشاهدته. من هنا أقول: أجل لقد كانت علاقتنا في هذا الإطار وثيقة وستبقى كذلك». اما مخرج المسلسل كريس لونغ فوعد اهل الصحافة بأخبار مثيرة ستقفل ستارة الموسم الثاني، وفي الانتظار بإمكان جمهور «ام بي سي4» ان يتابع هذا المسلسل أسبوعياً على شاشة «ام بي سي أكشن». * «ام بي سي أكشن»، 18 بتوقيت غرينتش.