شهدت الساحة السودانية تطورات متسارعة أمس وبدأت ملامح التحالفات السياسية في التشكل قبل أيام من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في الحادي عشر من الشهر الجاري. وأجرى المبعوث الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن محادثات مع زعماء القوى السياسية في الخرطوم لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بعد إعلان مرشح «الحركة الشعبية لتحرير السودان» ياسر عرمان انسحابه من السباق الرئاسي. واجتمع غرايشن في الخرطوم مع مستشار الرئيس الدكتور غازي صلاح الدين ورئيس «الحزب الاتحادي الديموقراطي» محمد عثمان الميرغني ورئيس «حزب الأمة» الصادق المهدي وزعيم «حزب المؤتمر الشعبي» حسن الترابي ورئيس «حزب الأمة - الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل. وأبلغ رؤساء الأحزاب بأن إرجاء الانتخابات «ليس من مصلحة السودان»، وحضهم على أهمية إنجاح الاستحقاق المقبل بالمشاركة فيه، كما شدد على أهمية نزاهة الانتخابات. وقال مبارك الفاضل في تصريحات صحافية عقب الاجتماع إن غرايشن «تمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، ومعالجة وضع دارفور بتعيين ممثلين للقوى وإجراء انتخابات جزئية في الإقليم بعد أن تحل أزمة الإقليم حلاً جذرياً». وأضاف أن «الأميركيين يعملون لإنقاذ العملية الانتخابية، لأنهم يريدون انتخابات منصفة وذات صدقية». ونفى وجود صفقة بين «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية» دفعت بالأخيرة إلى سحب مرشحها للرئاسة، مؤكداً أن هذا الموقف «سيزيد تحالف المعارضة قوة أكثر من أي وقت مضى»، مشيراً إلى احتمال توافق تجمع قوى المعارضة على مساندة مرشح واحد للرئاسة. وكان نائب رئيس «الحركة الشعبية» رياك مشار قال خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم مساء الأربعاء إن الحركة سحبت مرشحها في السباق الرئاسي وقررت مقاطعة العملية الانتخابية في دارفور «لأن هناك حرباً في الإقليم وحال طوارئ». وعزا عرمان هذا القرار الذي قال إنه جاء بتنسيق مع تحالف المعارضة، إلى أن لدى حركته وقوى المعارضة لائحة طويلة من المآخذ على الطريقة التي تدار بها الانتخابات، من تسجيل اللوائح وحتى طباعة أوراق التصويت. وأبدى ثقته في أن باقي مرشحي الرئاسة سيقاطعون الانتخابات. ودخل تحالف المعارضة في اجتماع حاسم مساء أمس لتحديد موقف نهائي من الانتخابات، وسط انقسام بين أطرافه، إذ اعلنت أحزاب «الاتحادي الديموقراطي» و «المؤتمر الشعبي» و «التحالف السوداني» أنها لن تقاطع الانتخابات. وأعرب المسؤول السياسي ل «المؤتمر الشعبي» كمال عمر عن دهشته إزاء قرار «الحركة الشعبية» سحب ترشيح عرمان. وقال إن ذلك أكد لهم أن موقفهم من دخول الانتخابات كان صائباً، وأنه «لا يمكن أن نعتمد على قوى سياسية ليست موحدة». ورأى أن «أي قوة ستقرر عدم دخول الانتخابات ستعزل نفسها وتدخل في معركة». ولم يستبعد عمر وجود صفقة بين «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية» وراء انسحاب عرمان. وقال: «هما شريكان، وبالتأكيد لديهما مصالح مشتركة»، موضحاً أن «الحركة أرادت أن تسجل موقفاً فقط بعدم الدخول في انتخابات دارفور لأنها تعلم أنها ليس لها أي تواجد هناك، وأن ما يقوم به مسؤولوها هي فقط مجرد زيارات استعراضية». واعتبر أن «الحركة الشعبية خسرت كثيراً». وأكد رئيس «حزب التحالف الوطني الديموقراطي» العميد عبدالعزيز خالد الذي ينافس على الرئاسة أن حزبه «قرر الاستمرار في الانتخابات بكل مستوياتها». وقال إن حزبه «يحترم خيارات قوى المعارضة في الانسحاب أو مواصلة المشوار، وبالتالي فإننا لن نتخذ قراراً من وراء ظهورهم». وكان عرمان أشار إلى أن «لدى الحركة مشاورات مع بعض الأحزاب التي لديها مصاعب في سحب أعداد كبيرة ممن ترشحوا على مستوى عدد من الولايات، لكن إذا اتفقت كل المعارضة، فيمكن أن نقاطع الانتخابات (بجميع مستوياتها) في ما تبقى من ولايات الشمال»، إضافة إلى دارفور التي اعتبر أنها «في حال حرب ولا يمكن أن تجرى فيها انتخابات». لكنه أكد مشاركة حزبه في الانتخابات في الجنوب التي تعتبر شرطاً لازماً لإجراء الاستفتاء بحسب اتفاق السلام. وحمّل «المؤتمر الوطني» الحاكم «مسؤولية دفع الجنوب إلى الانفصال» الذي توقع أن يؤول إليه الاستفتاء في كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال إنه سيشجع المعارضة على عدم منح الشرعية للبشير وعلى مقاطعة الانتخابات، لا سيما في دارفور والانتخابات الرئاسية.