عندي للقراء اليوم موضوعان لا أريد أن يضيعا في الزحام، وتعليقات موجزة عليهما. - نشرت مجلة «ارابيان بزنس» على موقعها الإلكتروني الأسبوع الماضي قائمة جديدة بأسماء أكثر مئة شخصية عربية مؤثرة، والتركيز عادة على المال والأعمال والثقافة والإعلام والإعلان وغيرها. الأمير الوليد بن طلال احتل رأس القائمة مرة أخرى، فهو في كل مكان إنْ بنشاطه الاقتصادي العالمي أو أعماله الخيرية التي تنافس النشاط الآخر. ولكن لفت نظري أن الثاني بعده كان ضاحي خلفان تميم، قائد شرطة دبي، وأن المركز الثالث احتلته داليا مجاهد، وكلاهما يدخل القائمة للمرة الأولى صاعداً الى رأسها. طبيعة عمل الفريق تميم تقتضي ألا يكون مشهوراً، إلا أن اغتيال ارهابيين اسرائيليين أحد قادة حماس في دبي، رفعه الى مصاف الشهرة العالمية بعد أن قدمت شرطة دبي فوراً معلومات عن المجموعة التي رصدت تحركات محمود المبحوح، وصوراً لهم ولجوازات سفر أوروبية مزورة. وكان الإسرائيليون اعتبروا دبي من العالم الثالث وتصرفوا بحماقة تعكس مع الجريمة غطرسة، فجاء قائد شرطة دبي وألقمهم حجراً. لعل شهرة ضاحي خلفان تميم تصبح من نوع ما تحدث عنه الرسام الأميركي اندي وارهول قبل نصف قرن عندما قال: «في المستقبل، كل انسان سيكون مشهوراً 15 دقيقة»، وشهرة أخينا ضاحي مستحقة إلا أنها لا تناسب عمله. داليا مجاهد شابة نفتخر بها جميعاً. هي أميركية من أصل مصري عملت مديرة تنفيذية لمركز غالوب للدراسات الإسلامية، واختارها الرئيس أوباما مستشارة في برنامج شراكة الجوار (للأديان) الذي يرعاه البيت الأبيض، وهي شاركت البروفسور جون اسبوزيتو في تأليف الكتاب «من يتحدث باسم الإسلام؟ كيف يفكر بليون مسلم» ونُشِرت تحليلاتها في مطبوعات أفضل دور البحث الأميركية. أؤيد «ارابيان بزنس» تماماً في اختيارها، فقد تابعت عمل داليا مجاهد في مؤتمرات عدة ووجدتها دائماً حسنة الاطلاع وصاحبة حجة قوية. وعندي سبب إضافي لتأييدها، فمواقع اليمين الأميركي، خصوصاً من الليكوديين أعداء الإنسانية والسلام، تهاجمها باستمرار، وقد تعرضت لحملة لئيمة بعد أن ظهرت في برنامج تلفزيوني شارك فيه عضو في حزب التحرير الذي أعارضه شخصياً، ولا أفهم كيف يُنتَقَص من علم داليا وفضلها لظهورها في برنامج تلفزيوني، والمعترضون يجلسون مع نازيين جدد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية. مبروك يا أخانا ضاحي. مبروك يا أختنا داليا. - في 20 آذار (مارس) الماضي كتبت في هذه الزاوية عن جريدة «هفنغتون بوست» الإلكترونية بعد أن هاجمها جاستن رايموندو، وهو من أفضل المعلقين الأميركيين دعاة السلام، ووصفها بأنها «أرض تحتلها اسرائيل» (مستعملاً عبارة قالها الكاتب المحافظ الأميركي بات بوكانان عن الكونغرس) ورد عليه موقع ليكودي متطرف بسرعة، فقال عن الجريدة نفسها «اللاسامية والكره في هفنغتون بوست» وكانت محاولة مفضوحة للتعتيم على كثرة ما ينشر دفاعاً عن اسرائيل وتبريراً لجرائمها في الموقع. أقرأ هذه الجريدة الإلكترونية يومياً وأقدر صاحبتها أريانا هفنغتون، إلا أنني أجد التهمة بالانحياز لإسرائيل صحيحة ربما خوفاً من الموقع الليبرالي ان يُتَّهم بمعاداة السامية. وقبل أيام كنت في طريقي الى بيروت فطبعت صفحة عناوين الموقع لأختار منها ما أريد للقراءة، ووجدت أن جاستن رايموندو كان محقاً تماماً، ففي مناسبة عيد الفصح اليهودي وعيد الفطير التابع له نشرت الجريدة الإلكترونية عدداً كبيراً من الأخبار عن الموضوع الديني وكأن ليس في العالم غيره فقرأت: «نقاط للحديث عن الفطير، سبعة أسرار للفصح» بقلم بروس فايلر، و «الفصح 2010، لماذا العبور مهم» كتبه براد هيرشفيلد، و «ضيافة أوباما، مسألة أخلاق» (عن عشاء فطير في البيت الأبيض بضيافة الرئيس)، كتبه برادلي بيرستون، و«دين: كيف أصبح فطير أوباما تقليداً للبيت الأبيض» و«أوباما لا يزال يؤيد اسرائيل» بقلم ستيف شيفيف، وهو اعتذاري اسرائيلي يتستر على حكومة نتانياهو وعنصريتها، وجرائمها ضد الفلسطينيين. كيف يمكن ان تعطي جريدة تحترم نفسها كل هذه المساحة لموضوع ديني؟ أقول إنه الخوف وربما عدت الى عيد الفصح اليهودي في مقال لاحق، فهو احتفال بالخروج من مصر، وأصر على أن هذا خرافة دينية لا أساس لها في التاريخ. [email protected]