خلف صوتي ...إلى الأبد كنت أريد أن أسكن معك في شارع قريب من النهر وأن أعود كل يوم متأخراً وساهماً لأجلس على حافة السرير وأبتكر تفاصيل مذهلة عن اليوم الذي انتهى. كنت أريد أن نمشي معاً في أزقة سُرقت من سبات المدينة وأن نجلس على سور قديم يطل على حديقة مهملة. كنت أريد أن أمرر على وجهك يدي الأولى التي ولدت بها وأن أسكب نفسي عليك مثل موجة منطفئة كنت أريد أن أضع لؤلؤة ضخمة في قدمك وأجعلك تغوصين عميقاً عميقاً خلف صوتي إلى الأبد . سذاجة كلما تذكرت ما فعلته بي سذاجتي أدركت أنني لا أستحق البحر الذي يمشي إلى جانبي ولا الشجر الذي يهبّ لنجدتي ولا الظهيرة التي تنام في الغرفة المجاورة كلما تذكرت الكلمات التي نسيتها على الطاولة والأحلام التي علّقتها مع ملابس الشتاء اقشعرّ بدني. كيف لا ترعبني كل هذه الجراحة ؟ مجرد استحالة شيء ما أحاول استرجاعه لا يطاوعني أحياناً يكون صوتَ امرأة وأحياناً يكون صوت اشتعال حطب مرات يكون عزفاً أو انهمارَ ماء أو صوتَ ريح في شجر ومرات يكون صوت مفاتيح تُغلقُ باباً أو تفتحه ودائماً يكون شيئاً لا يطاوعني . مشهد ليلي أتذكر مطراَ يهطل على الإسفلت أتذكر ضوءاً يبدده الماءأتذكر مظلة تمشي ليس تحتها أحد. أتذكر خوفاً يمشط شعره في مدخل المدينة أتذكر أنامل تُعلي سيباستيان باخ وأخرى تشير إلى السماء حيث لا أحد . الزلزال لماذا توقفت عقارب الساعة في ذلك المساء المشحون؟ لماذا ارتبكتُ كأنني دخلت ليلاً لا يعرفني؟ كنت قريباً من سماء قاتمة ومن نباح فاتر وأنت سألت مرتاعة: لماذا تنبح الكلاب؟ قلتُ لأن النجوم تضايقها. قلتِ ربما تطارد أحداً أو ترى شخصاً يريد أن يقتلنا أو تحدس زلزالاً وشيكاً. عند ذلك نمتُ مطمئناً لعقارب الساعة التي توقفت وعندما أفقتُ كنت ما أزال في البارحة وكان الزلزال قد فاتَ ومضى بك. * شاعر مغربي، وزير ثقافة سابق. والقصائد من مجموعة جديدة له ستصدر عن دار النهضة العربية – بيروت، في عنوان «يباب لا يقتل أحداً».