«من لاعب هوكي عنيف إلى الرجل الأكثر إثارة في العالم» ربما تلخص هذه الجملة حياة توم كروز، فالطفل الذي ولد في نيويورك في الثالث من تموز (يوليو) عام 1963 لم يعش طفولته كما يعيشها أبناؤه اليوم. فبينما أجبرته ظروف والده المهنية على التنقل بين المدن الأميركية غير مرة، كان يفتقد قرب والدته التي عملت مدرسة لأطفال الاحتياجات الخاصة، عاش كروز في أكثر من مدينة أميركية قبل أن يستقر الحال بعائلته في العاصمة الكندية أوتاوا، إذ تم تعيين والده المهندس الإلكتروني مستشاراً للقوات المسلحة الكندية، هناك التحق توم وهو في الثامنة من عمره بإحدى المدارس الحكومية والتحق بفريق الهوكي، إذ أظهر كثيراً من بوادر العنف التي تتطلبها اللعبة، ما جعله في أكثر من مرة عرضة للإصابات التي فقد في إحداها إحدى أسنانه الأمامية قبل أن يستبدلها بسن جديدة فقدها في حادثة أخرى، ثم منعته إصابة بالغة في الركبة من إتمام مشواره لاعباً للهوكي. بعد أن فقد فرصته مع الفريق بحث توم عن هواية جديدة وفرها له الفريق المسرحي، إذ لعب دور البطل المساعد في مسرحية بعنوان «أي تي» لاقت نجاحاً فاق ما توقعه القائمون عليها لتحصل على فرصة العرض في جولة طاولت أكثر من مدرسة في العاصمة، قبل أن تعرض تلفزيونياً، بعد المشاركة الأولى حصل توم على دور البطولة في مسرحية دينية جديدة كاد القائمون عليها يلغون عرضها بسبب غياب الدعم المادي ولكن ميري لي والدة كروز قامت بتمويل المسرحية لتحقق نجاحاً جيداً بعد عرضها. وعلى رغم أن حياة كروز في أعين متابعيه على المسرح كانت هادئة وتنبئ بمستقبل جيد، إلا أنها لم تكن كذلك خلف ستار منزله، إذ اعترف النجم الشهير في أكثر من ظهور إعلامي بأنه كان ضحية لعنف أسري مارسه عليه والده الذي تعمد ضربه مرات عدة في صغره، وهو ما جعله يعاني من متلازمة «دسلكسيا» (ظاهرة التعسر القرائي)، وربما كان ذلك العنف السبب الرئيسي وراء قرار لي والدة توم الانفصال عن زوجها، إذ عادت برفقة توم وأخته إلى أميركا. هناك عانت العائلة الصغيرة من ضعف مادي أجبر الابن الوحيد معه على العمل كموزع لصحف يومية إلى جانب دراسته، الأمر الذي كان له دور مهم في توفير لقمة العيش للعائلة. وخلال مراحل الدراسة انضم توم إلى فريق المصارعة ولكن الأقدار ساقته مرة أخرى إلى المسرح بعد أن عاودته إصابة الركبة. وبعد مراحل طفولة حقق من خلالها كروز نجاحاً مسرحياً جيداً وجد فرصته السينمائية الأولى وهو في ال21 من عمره وتحديداً في عام 1981 في دور صغير إلى جانب العارضة بروك شيلدز في فيلم رومانسي بعنوان «حب لا نهائي» وفي العام نفسه حصل توم على دور أكثر أهمية في فيلم «تابز» بجوار شون بين، ولكن مشهداً في فيلم «وظائف خطرة» الذي لعب كروز بطولته كان الخطوة الأهم في مشواره الفني، إذ أدى ظهوره في مشهد كوميدي بملابسه الداخلية مقلداً أسطورة الروك آند رول بوب سيغر إلى بروزه على الساحة الفنية، ما وفر له عروضاً عدة للعب أدوار البطولة في أفلام لاحقة كان أهمها «توب غن» و«مولود في الرابع من جولاي» الذي رشح بعده للحصول على جائزة الأوسكار. في عام 1976 كان كروز ابن ال14 من عمره يستيقظ من نومه في الخامسة فجراً ليوزع الصحف اليومية، بعدها يتجه إلى مدرسته لينتظم في صفوفها قبل أن يعتلي خشبة المسرح مساء في أدوار لا تكفي أجورها لإطعامه أو تعليمه، لو أخبر في ذلك الوقت بأن اسمه بعد أقل من 20 عاماً سيدرج ضمن قائمة المئة الأهم تأثيراً في تاريخ السينما حول العالم وأنه سيرشح للحصول على ثلاثة أوسكارات وأن أجره في الفيلم الواحد سيتخطى ال25 مليون دولار لسخر من ذلك التوقع.