تلقيت اتصالاً من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، بعد نشر مقالي «مثلث عمرو موسى»، أول من أمس، الذي ناقش اقتراح موسى إقامة منطقة جوار إقليمي تضم الدول المجاورة للدول العربية، وهو الاقتراح الذي حظي بتحفظ عربي واسع، ونقد من بعض النخب السياسية. وطلب الأمين العام خلال المكالمة مجرد معاودة قراءة كلمته التي تلاها أمام قمة سرت، فليس من يقرأ كمن سمع. الأمين العام وضع شروطاً، وطالب بمقدمات تسبق إطلاق الفكرة، وهو شرح أبعاد الأمن العربي ومتطلباته، والأمن الإقليمي واحتياجاته، والأمن الدولي ومنطقه الاستراتيجي الذي لا يتفق بالضرورة مع امن المنطقة، ونوه بالدخول الاستراتيجي لتركيا في السياسية الشرق - أوسطية، ووصف ديبلوماسيتها بالكفاءة والدقة والفاعلية، أما إيران فوصف سياستها بالعاصفة، وإنها «ذات تأثير لا يخفى على مجمل الوضع الأمني في المنطقة «، وأشار بوضوح الى خطورة الصراع السني - الشيعي، واعتبره تهديداً لاستقرار المنطقة، وطالب بالبدء في اعتبارات الأمن الإقليمي العربي، ووضع قضية انتشار الأسلحة النووية في مقدم هذه الاعتبارات، وتحدث عن تعديل وتفعيل مجلس السلم العربي، وقال إن لا مكان لإسرائيل في المحافل العربية طالما بقيت متمسكة بتصورها انها دولة فوق القانون. والخلاصة أن عمرو موسى رسم خريطة طريق لفكرته، وعبّر عنها بلغة سياسية محترفة ومتماسكة ومتقنة. لكن، على رغم براعة عمرو موسى في رسم رؤيته ونبل مقصده في محاولة تغيير طبيعة الحركة الإقليمية وتحويلها الى مسار يصب في المصالح العربية، إلاّ أن اقتراحه يبقى بحاجة الى منطلقات مختلفة، وخطوات على الأرض من بعض دول الجوار، قبل المضي في تنفيذه، خصوصاً من إيران. ومثلما اعتبر الأمين العام أن لا مكان لإسرائيل في الرابطة الإقليمية المقترحة، طالما بقيت تتصرف على أنها دولة فوق القانون، فإن الأمر ذاته ينطبق على إيران، التي تحتل أرضاً عربية، وتطالب بأخرى، وتحتال على القانون الدولي، وتهدد أمن المنطقة بطموحاتها النووية، إضافة الى الخلاف مع عمرو موسى في قوله: «إنه إذا كان هناك تهديد إيراني فيجب ان نبحثه بمعزل عن التصور الإسرائيلي، إذ ان الخطر الإيراني لا يحتاج الى تصور إسرائيلي لإدراكه، وهو ليس بحاجة، الى أسماء أو حروف أو ظروف مكان وزمان، للتدليل عليه». ولهذا فإن الحديث عن رابطة تضم إيران، يعني أننا نسوغ، وإن في شكل غير مباشر، قبول إسرائيل بلا شروط، والتفريط بحقوقنا.