تحول إحياء يوم الأرض في قطاع غزة إلى يوم دامٍ، إذ سقط شهيد ونحو 16 جريحاً برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق تقع على طول الحدود الشرقية للقطاع التي تحاول إسرائيل فرض منطقة أمنية عازلة فيها بعمق من 300 إلى 500 متر. وتصدت قوات الاحتلال للمسيرات والتظاهرات والاحتجاجات السلمية على طول حدود القطاع بإطلاق النار على المحتجين، من دون أن يشكلوا خطراً على حياة الجنود في مواقعهم المحصنة. وسقط الشهيد محمد الفرماوي (15 عاماً) قرب مطار غزة، وتم نقل جثمانه إلى المستشفى الأوروبي جنوب مدينة خان يونس جنوب القطاع. وقالت مصادر طبية إن طواقم الاسعاف نقلت ثلاثة مصابين إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط القطاع لتلقي العلاج اللازم، بعد إصابتهم برصاص قوات الاحتلال التي أطلقت النار على مسيرة سلمية ضد الحزام الأمني شرق مخيم المغازي للاجئين وسط القطاع، كما فتحت قوات الاحتلال النار على مسيرة سلمية أخرى مناهضة للحزام الأمني قرب بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس، ما أدى إلى جرح سبعة فلسطينيين، أحدهم الطفل رائد (9 سنوات) الذي أصيب برصاصه في رأسه. وكانت مسيرات سلمية دعت إليها «الحملة الشعبية لمقاومة الحزام الأمني» انطلقت في مدن القطاع كافة إحياء للذكرى الرابعة والثلاثين ليوم الارض الذي صادف أمس. وانطلقت المسيرات السلمية التي شارك فيها مئات الشبان في مدن وبلدات رفح وخان يونس وبيت حانون وبيت لاهيا والمخيمات الوسطى. ونظمت وزارة الزراعة في الحكومة المُقالة التي تقودها حركة «حماس» حملات لغرس أشجار الزيتون في مناطق مختلفة من القطاع لمناسبة يوم الأرض، فيما نظمت «اللجنة الشعبية لكسر الحصار» حملة تشجير في أراضي عائلة السموني جنوب مدينة غزة التي قتلت قوات الاحتلال عشرات من أفرادها خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع. ودعت «حماس» في بيان إلى جعل «يوم الارض تجسيداً للالتفاف الجماهيري حول خيار المقاومة في مواجهة المخططات الصهيونية، دفاعاً عن الأرض والعرض والمقدسات، وتجسيداً للتمسك بحقوق وثوابت شعبنا وعلى رأسها حق العودة لكل اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من أرضهم وديارهم بفعل العدوان الصهيوني». وطالبت ب «اعتماد استراتيجية عربية عملية وفاعلة لمواجهة التحديات ومواجهة الغطرسة الصهيونية والعدوان المتواصل على الأرض والمقدسات، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته، وفك حصاره وعدم إعطاء أي غطاء لأي شكل من أشكال التفاوض العبثي المباشر وغير المباشر مع العدو». وفي رام الله (رويترز) ردت اللجنة المركزية لحركة «فتح» أمس على اعتقال العضو فيها عباس زكي، بالدعوة إلى تصعيد المقاومة الشعبية ضد الجدار العازل والاستيطان وما يجري في القدسالمحتلة. وقال عضو اللجنة محمود العالول في مؤتمر صحافي في رام الله شارك فيه عدد من زملائه في «لجنة المقاومة الشعبية»، إن «جزءاً من برنامجنا السياسي ومن مخرجات المؤتمر السادس (لحركة فتح) هو تطوير في العمل الشعبي... هناك تصعيد وهناك تضحيات كبيرة». وأضاف: «نحن ندرك تماماً مدى القسوة الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة في قمع الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية، ومنها اعتقال الأخ عباس زكي. الهدف من هذا أنهم يرون أن هناك مشاركة حقيقية... وأن هناك تصعيداً حقيقياً. لذلك بدأوا يمارسون درجة عنف كبيرة من أجل محاولة التأثير على تطور هذا الاتجاه في المقاومة الشعبية». واعتبر أن اعتقال زكي جاء في هذا الإطار، «لكننا أخذنا هذا التوجه (المقاومة الشعبية) وسنشارك فيه ونقوده ونعرّفه ونحض الناس على المشاركة فيه. ندرك أن لذلك ثمناً نحن جاهزون لدفعه واعتقال الأخ عباس زكي جزء من هذه المسألة وكل أعضاء القيادة واللجنة المركزية جاهزون لدفع هذا الثمن. وهذا توجه لن نتراجع عنه على الاطلاق». واعتقل زكي مع 11 من المحتجين الفلسطينيين والأجانب خلال مشاركتهم الاحد الماضي في مسيرة اخترقت الحاجز الفاصل بين مدينة بيت لحم والقدس احتجاجاً على القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية العبادة. وقال عضو اللجنة المركزية ل «فتح» جبريل الرجوب إن «هناك قراراً في اللجنة المركزية ترجمة لقرارات المؤتمر لاعتماد المقاومة الشعبية كشكل متقدم في هذه المرحلة، واعتمادها لا يعني إسقاط الخيارات الأخرى، ولا أحد يزايد على فتح». وأضاف: «نحن نسعى إلى تطوير هذه الأداة في هذه المرحلة بما يضمن أن يكون هناك وحدة لخطابنا السياسي والنضالي بزخم شعبي فيه شمول اجتماعي وجغرافي وشمول سياسي لكل الوطن المحتل. نرى في بلعين ونعلين والمعصرة والنبي صالح نماذج خلاقة إيجابية نتعلم منها، وهناك توجيهات واضحة للعمل على إشراك الجميع». من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية نبيل شعث إن «المجلس الثوري واللجنة المركزية عقدا اجتماعاً تشاورياً، وكان هناك قرار جديد بالإجماع لتأكيد دور الحركة في تصعيد النضال الشعبي وفي تصعيد الحراك الدولي... قيادة فتح ستكون في كل الأماكن... هذا التزامنا ولا يمكن أن نطالب التنظيم بتنفيذه ولا نقوم نحن القيادة الفلسطينية وأعضاء اللجنة المركزية بالمشاركة فيه». وشدد على أن «اعتقال زكي مخالف لاتفاق جنيف ولكل قرارات الأممالمتحدة».