قدم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا رسمياً امس، مشروع تعديل قسم من مواد الدستور الى رئيس البرلمان محمد على شاهين، وذلك بعد اجراء تعديلات بسيطة على المسودة التي اعلنها الحزب امام الرأي العام الاسبوع الماضي، ليزيد عدد التعديلات الى 29 تعديلاً. وتتركز التعديلات على اعادة صياغة تركيبة المحكمة الدستورية العليا وهيئة القضاة وصلاحياتهما وإفساح المجال في محاكمة العسكر امام المحاكم المدنية وربط حظر الاحزاب السياسية بإذن البرلمان وإفساح المجال امام المطرودين من الجيش للعودة اليه واخضاع قرارات مجلس الشورى العسكري لمحكمة الاستئناف وحماية الاطفال من الاستغلال والجرائم الجنسية واعطاء موظفي الدولة والمتقاعدين حق انشاء نقابات. واستثنت تعديلات اللحظة الأخيرة قائد الاركان وقيادات الجيش من المثول امام المحاكم المدنية الجنائية وتم حصر محاكمة قيادات الجيش وقائد الاركان ورئيس البرلمان بالمحكمة الدستورية العليا كنوع من الحصانة تماثل تلك التي يتمتع بها الوزراء ورؤساء الحكومة. واعتبرت هذه الخطوة بمثابة تنازل لقائد الاركان من اجل سحب اي اعتراض غير مباشر له على مشروع التعديل. وتقضي التعديلات المقترحة برفع عدد قضاة المحكمة الدستورية من 11 الى 17 يعينهم رئيس الجمهورية، وهو ما يعني ان الرئيس الحالي عبدالله غل سيعين ستة قضاة جدد فور اقرار التعديل وهو ما ترى فيه المعارضة محاولة للإخلال بتركيبة قضاة المحكمة الدستورية من خلال تعيين مقربين من الحزب الحاكم فيها. كما تكسر التعديلات المقترحة احتكار قضاة محاكم التمييز لانتخاب الهيئة العليا للقضاة المسؤولة عن تعيينات وترفيعات القضاة في تركيا. وتقترح التعديلات بأن يتم انتخاب معظم اعضاء الهيئة العليا بالانتخاب بين قضاة محاكم التمييز والمحاكم الابتدائية، وهو ايضاً ما ترى فيه المعارضة العلمانية محاولة لإقحام قضاة المحاكم الابتدائية الذين تم تعيينهم حديثاً من قبل الحكومة الحالية في هيئة القضاة العليا، من أجل تحرك القضاة المقربين من الحكومة الى المراكز التي تريدها الحكومة واستلامهم القضايا التي تهمها. ويحتاج الحزب الحاكم الى 34 صوتاً اضافياً من اجل إقرار هذه التعديلات في البرلمان اذ لا تكفي غالبيته العددية التي تصل الى 337 الا لإقرار جزئي واحالته على استفتاء شعبي. ومن المرجح طرح هذه المواد جملة واحدة على استفتاء شعبي بسبب رفض المعارضة بشقيها القومي والاتاتوركي دعم هذه الإصلاحات التي تهدف بحسب رأيها الى اخضاع القضاء لسيطرة الحكومة، فيما اشترط حزب السلام والديموقراطية الكردي ونوابه العشرون اضافة مواد جديدة تضمن حق التعليم باللغة الأم وتخفض العتبة البرلمانية من 10 الى 3 في المئة من اصوات الناخبين لدعم مشروع الحكومة، وهو ما رفضه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان. في المقابل يخشى كثير من المحللين والسياسيين ان ينتهي المشروع الى ازمة قانونية ودستورية بسبب اصرار بعض العلمانيين من الحقوقيين على ان للمحكمة الدستورية العليا الحق في نقض هذه التعديلات حتى لو اقرت باستفتاء شعبي. واكد حزب الشعب الجمهوري (العلماني) انه سيتوجه الى المحكمة الدستورية لإلغاء التعديلات فور اقرارها .