نسي كثر ربما أن عبارة الشراكة الاستراتيجية أطلقت أول الأمر في عهدي الرئيس الاميركي السابق، جورج بوش، والرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، في القمة التي جمعتهما في آذار (مارس) 2006. وذُيلت جولات الحوار يومها بعبارة فضفاضة عن التزام الدولتين شراكة استراتيجية في مختلف المجالات. وأولت إدارة أوباما أفغانستان، وليس العراق، صدارة السياسة الخارجية الاميركية. وتربعت باكستان في رأس الحسابات الاميركية. والمكانة هذه لم تحتلها باكستان حتى في أثناء الحرب الأفغانية ضد الاحتلال السوفياتي، في الثمانينات. وأولت هيلاري كلينتون، أخيراً، المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية الاهتمام. وقال وزير خارجيتنا منتشياً بما يحسبه نصراً «لقد رفعنا مستوى الحوار». وأغفل وزير الخارجية الباكستاني أن رفع مستوى الحوار ليس هو المبتغى وخاتمة المطاف، فما تسعى فيه باكستان هو حيازة التقنية النووية السلمية. وأعلن مسؤول أميركي أن بلاده لا تنوي اقتراح صفقة نووية سلمية على باكستان. وتنوي إدارة أوباما دفع ثمن بخس، لقاء تعاون باكستان في أفغانستان، يقتصر على منحها مساعدات اقتصادية وعسكرية. وعلى هذا، تنتفي حاجة الولاياتالمتحدة الى إبرام صفقة نووية مدنية مع باكستان تطيح الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن ودلهي. وثمة عقبات كثيرة تحول دون حصول باكستان على التكنولوجيا النووية السلمية، منها تحفظات الإدارة الاميركية، ومعارضة الكونغرس الاميركي، وضغط اللوبي الهندي، وحركة المنادين بالحد من الانتشار النووي، وأخيراً الافتقار الى دعم «لوبي» دول تصدير المواد النووية. وسبق أن ربطت اسلام آباد ابرامها اتفاق حظر انتشار التجارب النووية بمصادقة الهند عليه. ولكن الهند أبرمت صفقة نووية مع اميركا. ولم يبقَ الربط في محله. وحريّ بقيادتنا الوطنية الإعلان أن التزام باكستان اتفاق حظر انتشار التجارب النووية هو رهن حيازتها التقنية النووية المدنية. وإذا صادقت على اتفاق حظر انتشار المواد الانشطارية، فقط تضطرّ باكستان الى تجميد مشروع زيادة حجم المواد الانشطارية النووية. ولكن الاتفاق النووي الهندي - الاميركي المدني يطلق يد الهند في انتاج المواد الانشطارية، ويعبد، تالياً، الطريق الى انتاج المفاعلات الهندية وقوداً نووياً عسكرياً. وهذا يكرس التفوق الهندي النووي. ومثل هذا التفوق يتهدد باكستان وأمنها. وتدعو اسلام آباد الى احتساب مخاوفها، وتفهم معارضتها وقف انتاج المواد النووية في مثل هذه الظروف. ولا شك في أن معارضة الولاياتالمتحدة التعاون مع باكستان في مجال الطاقة النووية السلمية ليس سبب مشكلتنا، بل تقاعس قياداتنا الوطنية عن بحث المسألة. وكان برويز مشرف صرف همه الى نيل رضى واشنطن ليبقى في الحكم، ما حد قدرته على طرح مثل هذه القضايا على الإدارة الاميركية. والى اليوم، لم يتداول الرئيس الباكستاني، زرداري، أو رئيس وزرائه، في هذه القضية مع الرئيس أوباما. * مسؤول سابق في الخارجية الباكستانية، «ذ نيوز» الباكستانية، 29/3/2010 اعداد جمال اسماعيل